منذ ظهور الموجة الأولى من النسوية، بدا واضحاً أنها أثّرت بشكل كبير على الفن، خاصة ذلك الذي قدّمته فنانات تشكيليات ممن تبنين فلسفة هذه الحركة، ومع استمرار التقلبات والتغيّرات في النسوية انطبق الأمر نفسه على الفن الذي ارتبط بها.
في هذا السياق، تُلقي مجموعة من الأكاديميات والباحثات النسويات البريطانيات ندوة في "معهد كورتولد للفن" في العاصمة البريطانية عند السادسة من مساء الخميس، 31 من الشهر الجاري، تحت عنوان "النسوية والفن المعاصر".
المحاضرات هن الأكاديميات راشيل وارينر، وآمي توبين، وكاثرين غرانت، حيث تركّز كلّ واحدة منهن على جانب من الآثار المترتبة على الاقتراب النسوية من عالم الفن من وجهة نظر العلاقات، والتعاون والشبكات التي تدعم الإنتاج الفني، ومسائل الإنتاج والعرض والاستقبال.
بالنسبة إلى غرانت، أستاذة الفنون والثقافات البصرية في "جامعة غولدسميث"، فسوف تتناول إعادة تمثيل التاريخ النسوي في الفن المعاصر. وسبق وأن وضعت في هذا الصدد عدّة دراسات من بينها "مراوح النسوية: إعادة كتابة تاريخ حركة النسوية الثانية" (2011) و"وقت معين" (2016).
أما توبين، القيم الفني وأستاذة تاريخ الفن في "جامعة كامبردج"، فسوف تتطرّق إلى الفن والنسوية في بريطانيا وأميركا الشمالية في السبعينيات، ولا سيما من جهة العمل الجماعي والتعاون بين النساء. وضعت توبين دراسة سابقة بعنوان "الحركة النسوية وتاريخ الفن اليوم"، وتعمل حالياً على كناب "النسوية والفن والتأخي".
أما وارنر، الزميل في "الأكاديمية البريطانية"، فتركّز أبحاثها على النشاط النسوي في عالم الفن في نيويورك خلال السبعينيات، مع الأخذ بعين الاعتبار كيف أن الأعمال الجماعية دعمت ممارسة الفن النسائي المبكر، وقد نشرت كتاباً بعنوان "الألم والسياسة في الفن النسائي بعد الحرب".
موضوع الندوة يفتح على التساؤل عن طرح هذه المسألة عربياً، فرغم وصول النسوية وتبينها من قبل ناشطات وكاتبات ومفكرات، إلا أنها قلما تفاعلت مع الفن التشكيلي والمسرح والفنون
المعاصرة المختلفة، وبدا العمل الجماعي المسرحي والتشكيلي كما لو كان أمراً مستبعداً، فظلّت أي مبادرة في هذا الخصوص فردية وذابت في الفراغ من دون حامل جماعي يحوّلها إلى مشاريع تربط الفن بالنسوية.
يساهم في ذلك غياب الأبحاث العربية التي تناولت العلاقة بين هذين المجالين النسوية كفلسفة وفعل ونشاط سياسي واجتماعي والفن كفعل إبداعي مؤثر.