عقب اندلاع ثورة البراق في عام 1929، عُقد مؤتمر في مدينة القدس انبثق عنه تأسيس "الاتحاد النسائي العربي" الذي قام بأدوار اجتماعية وثقافية متعدّدة وحراك سياسي في مواجهة الاستعمار البريطاني، إلى جانب إنشاء العديد من جمعيات المرأة في مرحلة لاحقة ساهمت في العمل الخيري والإغاثة.
سبق انخراط النساء الفلسطينيات في الشأن العام ذلك بكثير، حيث شاركن في ظاهرة احتجاج في العفولة ضد بناء أول مستوطنة عام 1893، وشكّل نشاطهن امتداداً للحركة النسوية العربية التي كان جزءاً أساسياً من التحرر الوطني.
"إعادة كتابة التاريخ.. المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية" عنوان المحاضرة التي تلقيها الباحثة فيحاء عبد الهادي عند السادسة والنصف من مساء بعد غدٍ الأربعاء، في "مؤسسة محمد وماهرة أبو غزالة" في عمّان، التي ترصد وقائع وتحولات جرت خلال تسعة عقود.
تتناول المحاضرة "موجزاً للمشاركة النسوية في السياسة، والدور المحوري الذي أدّته في صناعة التاريخ – السرديات التي لا تزال غائبة إلى حد كبير في التاريخ الموثّق للمنطقة، وسوف يتم استعراض نماذج من منذ ثلاثينيات القرن الماضي؛ هدفها التفاعل وتحدّي الخطابات المهيمنة حول ضعف النساء وتنميطهن وتبعيتهنّ، كما تهدف للإسهام في إنتاج خطاب بديل، يجعل النساء مرئيات، ويمنحهن صوتاً"، بحسب بيان المنظّمين.
تشير عبد الهادي في مقال سابق نشرته بعنوان "نحو رؤية نسوية فلسطينية: ربط الوطني بالاجتماعي، إلى أن "الحركة النسائية الفلسطينية نمت ضمن اتجاه عام عربي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وبالتحديد في سورية ولبنان ومصر، حيث الأفكار الليبرالية التي تجسدت من خلال رائدات العمل النسائي العربي، كما لمسـنا لدى إحدى القائدات الأبرز: هدى شعراوي، التي رفضت وزميلاتها مقولة "إمّا أو"، وربطن قضيتهن الاجتماعية بقضية تحرير الوطن من الاستعمار".
وتوضحّ أنه مع انطلاق المقاومة الفلسطينية عام 1965، وتأسيس "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية"، ومع ازدياد انخراط المرأة في النضال المسلح، ازداد السؤال إلحاحاً حول علاقة الاجتماعي بالسياسي من أجل تحقيق نتائج أفضل للعمل الوطني وللمرأة معاً.
تقدّم عبد الهادي قراءة في تلك الفترة وصولاً إلى الثمانينيات مع ظهور مراكز دراسات متخصّصة في دراسات المرأة، واندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987 وما تبعها من محطّات قادت إلى العمل النسائي تحت السلطة الفلسطينية منذ منتصف التسعينيات.