تتأسّس فرق كثيرة تهتمّ بالموسيقي الكلاسيكية العربية، لكن يندر أن تستمر فرقة منها لفترة طويلة إذ ينفرط عقدها ويتوّجه كل عضو منها إلى مشروعه الفردي، إضافة إلى أن معظمها يكتفي بإقامة عدّة حفلات تؤدي خلالها السائد والمتداول من الألحان دون بذل جهد بحثي لإحياء مقطوعات لم تنل حظها من الحضور.
يقدّم "الصالون الموسيقي الشرقي" تحت مظلّة "أوركسترا حجرة الاتحاد" في عمّان عند السابعة والنصف من مساء غدٍ الإثنين حفله الأول الذي يتضمّن وصلتين على مقامي الراست والحجاز، واستعراضاً لقوالب تقليدية مثل الدولاب والتحميلة والسماعي واللونجا في هذين المقامين، كما يتخلّل العرض عدداً من التقاسيم والارتجالات النغمية والإيقاعية.
في حديثه لـ "العربي الجديد"، يلفت مؤسّس الفرقة عبد الوهاب الكيالي إلى أنه جرى تبادل الأفكار منذ عدّة سنوات ضمن نقاشات جدية نضحت في نيسان/ أبريل الماضي، حيث تشكّلت توليفة من موسيقيين شباب جميعهم دون الأربعين عاماً لكن لكلّ منهم مشروعه الخاص الذي يعمل عليه".
يضيف "الهدف من الصالون هو الحفاظ على موروث الموسيقى الآلاتية في المنطقة العربية، الذي اغتنى في سياق التنافس بين إسطنبول العثمانية والقاهرة الخديوي بين عامي 1860 و1912 من خلال التجديد في المقامات والتنويع في تقديمها".
ويبيّن الكيالي أن "الموسيقى التركية استطاعت أن تتطوّر لعوامل عدة منها الحفاظ على التراث وتوثيقه بشكل دقيق إبان العهد العثناني، حيث لا يوفّر البحث في أرشيفها عن معلومات تفصيلية حول مؤلّفيها وتواريخ تأليفها والنوتة الموسيقية، خلافاً للموسيقى العربية التي تفتقر للتوثيق وتتضارب المعلومات حولها".
في هذا السياق، يشير إلى أن "الصالون" يحاول أن يقدّم مقطوعات غير معروفة في التراث العربي، ومن خلال البحث عن مقطوعات تسمح بالإبداع الفردي للعازف ما يمنحه مساحات للارتجال، والمزج بين البطيء والسريع من الفوالب الموسيقية وإشباع المقام نغمياً وسماعياً عبر أداء وصلة من نصف ساعة، إلى جانب تقديم تقاسيم حرّة بين قطعة وأخرى، ويعكس ذلك إيمان الفريق بدور توعوي تعليمي يقود المتلقي للتعرّف على موسيقى عربية باتت تندثر لصالح موسيقي تجارية تخلو من التنوع النغمي والإيقاعي".
يختم الكيالي "نخطط لإقامة ثلاث أو أربع حفلات في العام الواحد، من أجل الحفاظ على مستوى نوعي من العزف والأداء، واختبار ردود الفعل حول التجربة لإنضاجها في المستقبل على نحو يمكن التوّجه بعدها لإصدار تسجيلات خاصة بالصالون".
تتكوّن الفرقة من همام عيد (قانون)، وليث سليمان (ناي)، ويعرب سميرات (كمان)، وفادي حتر (تشيلو)، وناصر سلامة (إيقاع)، وعبد الوهاب الكيالي (عود). ويتضمّن برنامج الحفل وصلة في مقام الراست تضمّ أربع مقطوعات: "شروق" لـ جميل بشير و"سماعي راست" لـ محمد القصبجي و"تحميلة سوزناك" لـ سامي الشوا، و"حبي" لـ محمد عبد الوهاب، ووصلة في مقام الحجاز تشمل "دولاب حجاز" (تراث) وخزان (خريف) / سماعي حجاز لـ غوكسيل باكتاجير، و"مانديرا حجاز" لـ السلطان عبد العزيز، و"لونجا شهناز" لـ أدهم أفندي.