أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) تخرق قانون قيصر للعقوبات الأميركية وتزود النظام السوري بالنفط والغاز بما يقارب 6 ملايين برميل من النفط سنويا، ما يعود عليها بعائدات تقدر بـ120 مليون دولار.
وذكرت الشبكة، في تقرير لها أمس الخميس، أن عمليات تزويد النظام السوري بالنفط من جانب "قسد" مستمرة حتى بعد دخول قانون قيصر حيز التنفيذ في يونيو/ حزيران 2020، مشيرة الى أن العمليات التي تقودها قوات التحالف الدولي لوقف تهريب النفط تبقى محدودة ومنقوصة وفي الغالب لا يدوم أثرها عدة أيام، تعود بعدها الشاحنات لنقل النفط إلى مناطق سيطرة النظام السوري.
وأشار التقرير إلى أن "قسد" تسعى إلى كبح عمليات التهريب عبر المعابر المائية فقط، في حين أنها تتغاضى عن عمليات التهريب والبيع التي تتم عبر الطريق البري، ذلك أن عمليات البيع عبر الطريق البري تضمن لـ"قسد" ربحاً مادياً مضاعفاً، إذ تبيعه مباشرة دون وسيط إلى الشركات التي تشرف على نقل النفط كشركة القاطرجي الموالية للنظام السوري، أما النقل عبر المعابر المائية فيتم خلاله بيع النفط من الحقل إلى أهالي المنطقة، والذين بدورهم يشرفون على نقله عبر المعابر المائية إلى مناطق سيطرة النظام السوري، دون المرور بـ"قسد".
ولتقدير حجم الدعم الذي تقدمه قوات "قسد" عبر عمليات تهريب النفط للنظام السوري، استعرض التقرير عمليات بيع النفط خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، حيث جرى تزويد النظام السوري بـ 1500 صهريج من النفط في هذا الشهر، وعلى اعتبار أن سعة الصهريج الواحد تقدر بـ 40 ألف لتر، فإن هذا يعادل 60 مليون لتر، أي نحو نصف مليون برميل شهرياً، وهو ما يعادل 6 ملايين برميل سنوياً، وعلى اعتبار أن سعر برميل النفط 20 دولاراً، فإن "قسد" تحصل على عائد سنوي من بيع النفط للنظام السوري يقدر بـ 120 مليون دولار سنوياً.
ووفق التقرير، فإن عمليات التهريب تشمل نحو نصف النفط المنتج في مناطق سيطرة "قسد" المقدر بـ11 مليون برميل من النفط سنوياً، لافتا الى أن هذه الكمية الكبيرة من النفط المهرب تجعل المنطقة في عوز دائم، وغالباً لا تلبي الكمية المتبقية احتياجات السكان في المنطقة، خاصة أن المنطقة الشمالية الشرقية منطقة زراعية تحتاج إلى الوقود لتشغيل الآليات الزراعية وأدوات الري.
وتطرّق في هذا السياق إلى قرار الإدارة الذاتية في مايو/ أيار الماضي رفع أسعار الوقود في مناطق سيطرتها بنسبة تصل إلى ما بين 100% و350%، مشيراً الى الاحتجاجات التي شهدتها مناطق خاضعة لسيطرة "قسد" ضد هذا القرار، حيث استخدمت الأخيرة الرصاص الحي لمواجهة الاحتجاجات، ما أسفر عن مقتل 6 مدنيين.
واعتبر التقرير أنّ قوات "قسد" دعمت عبر عمليات تهريب النفط النظام السوري المتورط في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إذ إنها تصرّفت في حقول النفط والغاز كأنها ملكية خاصة بها ولصالح الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديمقراطي الذي ربما قام بتحويل قسم من تلك الأموال إلى رؤسائه في حزب العمال الكردستاني المصنف على قوائم الإرهاب الأميركية، وهذا يدخل ضمن بند تمويل ودعم الإرهاب في العالم، فضلا عن أن تزويد النظام السوري بالنفط يعد انتهاكا لقانون قيصر.
وطالب التقرير واشنطن بفتح تحقيق حول تورط "قسد" في عمليات تهريب النفط لصالح النظام السوري، ومحاسبتها وفقاً لقانون قيصر، وطالب بإنشاء هيئة نزيهة تشرف على عمليات استخراج النفط والغاز، واستثمار عوائدها لصالح جميع أبناء المنطقة دون تمييز عرقي أو عنصري.
وكان موقع "عين الفرات" المحلي قد ذكر أول من أمس أنّ العشرات من شاحنات نقل النفط التابعة لشركة "القاطرجي" دخلت إلى مناطق سيطرة النظام السوري عبر معبر الطبقة بريف الرقة الجنوبي شمالي شرقي سورية، بعد أن ملأت خزاناتها بالنفط من حقول رميلان الخاضعة لسيطرة قوات "قسد" وإشراف التحالف الدولي بقيادة واشنطن، في ريف الحسكة.
وذكر المصدر أنّ نحو 135 شاحنة نقل توجهت عبر معبر البوعاصي غربي الطبقة إلى طريق الرقة - حلب الخاضع لسيطرة النظام السوري، قادمة من حقول رميلان عبر طريق أبيض الواصل ما بين الرقة والحسكة.
وتقدر حمولة الشاحنة الواحدة بنحو 180 برميلاً (نحو 28 ألف لتر) بما مجموعه للقافلة نحو 4 ملايين لتر من النفط تبعاً للنوعية القادمة من حقول رميلان والشدادي الخاضعة لإشراف ورقابة التحالف.
وبحسب الموقع، فإنّ هذه القافلة هي الثالثة خلال الشهر الحالي، مما يجعل من حقول رميلان ونفط مناطق "قسد" مصدراً رئيسياً لدعم النظام السوري.
من جهته، قال الناشط الصحافي أحمد الخلف لـ"العربي الجديد" إن "الإدارة الذاتية" وقوات "قسد" تستحوذان على أموال النفط والموارد الأخرى، دون أن ينعكس ذلك على الخدمات المقدمة للسكان المحليين.
وأضاف أن غياب الخدمات، بما في ذلك قلة الوقود وارتفاع ثمنه، في الوقت الذي يتم تزويد النظام السوري بهذه المادة، يسهم في تأجيج الاحتقان وزيادة الاحتجاجات على سياسات سلطات الأمر الواقع التي لديها أولويات أخرى غير خدمة السكان وتوفير احتياجاتهم.
وعلى صعيد متصل، أصدرت مجموعة تطلق على نفسها اسم "مجموعة ذئاب سنجار" بياناً تُعلن فيه بدء معركة باسم "إن لم آخذ نصيبي منه فهو حرام عليّ وعليكم"، طالبت فيه بالتوزيع العادل للثروة في شرق سورية، وإلا فإنها سوف تهاجم آبار النفط في المنطقة.
وذكر البيان الذي جرى تداوله أول من أمس على مواقع التواصل الاجتماعي أن المجموعة "لن تعمل بشكل سري كما في الماضي، بل تدعو عموم أبناء الجزيرة للمشاركة معها في تدمير كل بئر نفط أو خط لنقل النفط والغاز وحتى ناقلات النفط وكل محولة أو خط كهرباء أو بئر ماء لا تخدم الصالح العام".
وأضاف البيان "كما يعلم الجميع أنه في الحارة الواحدة هناك من لا تنقطع عنه الكهرباء ولا الماء، وأن جميع ثرواتنا إما تسلب منا، كالنفط والغاز وغيرهما/ أو يتم شراؤها منا بأقل من عشر ثمنها الحقيقي كالأغنام والأبقار وما شابه والقمح والشعير وغيرها من المزروعات ويتم بيعها للخارج بالدولار، وذلك عن طريق حفنة محدودة من التجار الذين يعملون لحساب مسؤولي مليشيا قسد ويحرمون بقية أفراد الشعب من هذا الحق".
وكانت مناطق سيطرة "قسد" قد شهدت خلال الأيام الماضية ارتفاعاً بأسعار الوقود بعد إعادة تزويد النظام السوري بالنفط. وبحسب تقريرٍ لموقع "المونيتور"، توصلت قوات النظام السوري مع الإدارة المذكورة إلى اتفاق حول آليّة عمل المعابر بين الطرفين، وعودة صهاريج النفط التابعة لشركة القاطرجي إلى العمل بين الجانبين.
ووفق المصدر، يقضي الاتفاق بتقديم "قسد" 200 صهريج من النفط أسبوعياً للنظام السوري، تنقلها شركة القاطرجي، مع فرض رسوم عبور على الشاحنات التجارية القادمة من مناطق سيطرة قوات النظام إلى مناطق الإدارة بنحو 30% من قيمة البضائع.