أعلن "مصرف لبنان" المركزي، اليوم الجمعة، أنّه وفقاً للأصول القانونية، أرسل كتاباً إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني يؤكد فيه التزامه بكامل أحكام القانون رقم 200 تاريخ 29/12/2020، وتعاونه مع شركة "ألفاريز ومارسال" للتدقيق الجنائي إيجاباً بالنسبة إلى الأسئلة المطروحة من قبلها.
وشدد في المقابل، على ضرورة التزام الشركة المعنية بالموجبات التي تفرضها عليها القوانين ومعايير General Data Protection Regulation على البيانات والمعلومات التي قد تستحصل عليها منعاً لتكرار واقعة تسريب قائمة المعلومات المقدَّمة من قبل مصرف لبنان في إحدى الصحف العالمية.
وعرض وزير المال، أمس الخميس، مع الرئيس اللبناني ميشال عون مجريات التدقيق الجنائي بعد صدور القانون 200/2020، وقد وضعه في أجواء التطورات، ولا سيما أنه بانتظار ردود المجلس المركزي لحاكمية مصرف لبنان حول المباشرة بالتدقيق بالحسابات المالية لكي يُبنى على الشيء مقتضاه في العلاقة مع شركة التدقيق.
وقال وزني إنه بعد إقرار القانون 200/2020 المتعلق برفع السرية المصرفية، أرسل المراسلة إلى شركة التدقيق "ألفاريز"، التي أبدت استعدادها لمتابعة نشاطها، إلا أنها طلبت الإجابة عن 4 أسئلة بحيث سيكون قرارها النهائي بموجب هذه الأجوبة.
وكان وزير المال قد أشار إلى أنه "راسلنا حاكمية مصرف لبنان حول الأسئلة الأربعة، لأن الأجوبة عن ثلاثة من هذه الأسئلة يجب أن تأتي من مصرف لبنان، أما السؤال الأول في ما يتعلق بمفهوم الحسابات النهائية، فقد استلمنا الجواب عنه من هيئة التشريع، الذي يقول بوضوح إن حسابات هيئة التشريع تعني حسابات جميع الزبائن الموجودين في مصرف لبنان، أي جميع المصارف وغير المصارف".
وأضاف: "أما بالنسبة للأجوبة الثلاثة التي ذكرت أننا كنا بانتظارها من حاكمية البنك المركزي، فإن الحاكمية كانت متريثة بانتظار اجتماع المجلس المركزي"، لافتاً إلى أنّه "عندما تصلنا الأجوبة نستطيع عندها أن نراسل (الفاريز) للتدقيق الجنائي ونباشر بعملية التدقيق".
وتقول المحامية جوديت التيني لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأمل بالتدقيق الجنائي عاد مجدداً بعد صدور القانون رقم 200/2020 "تعليق العمل بأحكام قانون سرية المصارف الصادر بتاريخ 3/9/1956 لمدة سنة واحدة"، ودخوله حيّز التنفيذ في 31/12/2020.
وتلفت إلى أنّ "على مصرف لبنان أن يسلّم كل ما يُطلب منه، في إطار التدقيق، للجهة المكلفة به. والبنك المركزي كان قد بدأ بإعداد الحسابات الخاصة بالدولة، بناءً على طلب وزارة المالية، ومن المفترض أنه أنهى المهمّة. أما في ما يتعلق بالحسابات الأخرى، تلك الخاصة بالمصارف وحسابات القطاع العام، فمن المفترض أن يتمّ تحضيرها وتقدّم تبعاً لطلب المدققين. وهي اليوم موجودة بمعظمها في الأرشيف، واستخراجها لا يحتاج إلى وقت طويل، ويمكن تسليمها إلى وزارة المالية عبر مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان".
وتوضح التيني لـ"العربي الجديد"، أن التدقيق بحسابات البنك المركزي مهم جداً، فهو يبيّن من استفاد من الهندسات المالية، وجميع العمليات التي تمّت بينه وبين الغير.
وأقر البرلمان اللبناني، في 21 ديسمبر/كانون الأول 2020، اقتراح القانون المُعجَّل المُكرَّر القاضي بتعليق العمل بالسرية المصرفية لمدّة سنة، وفقاً للقرار الذي صدر عن مجلس النواب رداً على رسالة رئيس الجمهورية ، علماً أن قانونيين وخبراء اقتصاديين اعتبروا أن مدة السنة غير كافية للتشاور مع الشركة ووضع شروط جديدة مرتبطة بالتدقيق الذي سيشمل كل حسابات الدولة اللبنانية، وبالتالي التفاوض بين الجانبين سيحتاج حتماً إلى مدّة أطول من سنة.
ووجه الرئيس اللبناني، بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رسالة إلى مجلس النواب بواسطة رئيسه نبيه بري، من أجل "التعاون مع السلطة الإجرائية بهدف تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات البنك المركزي، وانسحاب التدقيق بمعاييره الدولية كافةً على سائر مرافق الدولة العامة، تحقيقاً للإصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج إليها لبنان في وضعه الراهن والخانق".
وحالت السرية المصرفية دون مباشرة شركة "ألفاريز ومارسال" مهامها في التدقيق الجنائي، والتي وصل بها الأمر إلى حدّ طلب الشركة إنهاء العقد في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي والانسحاب، رغم تمديده 3 أشهر، لعدم تسلّمها المستندات المطلوبة والمعلومات التي تساعدها على السير بالتحقيقات بالشكل المناسب واللازم، قبل أن تستأنف عملها، مع كشف وزير المال، في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عودة التواصل مع الشركة من جديد، والتي أبدت بدورها استعدادها لإعادة العمل مع الدولة اللبنانية.