خلال الساعات الماضية زادت المضاربات بشدة على العملات الرقمية، خاصة من قبل المستثمرين المغامرين وعديمي الخبرة، وهو الأمر الذي أدى إلى حدوث ارتفاعات جنونية في سعر عملة بيتكوين التي قفزت بنسبة 7% يوم السبت و21% الأسبوع الماضي لتزيد قيمتها عن 40 ألف دولار.
صحيح أن الرقم يقل عن السعر الذي سجلته بيتكوين في يناير/كانون الثاني الماضي والبالغ 42 ألف دولار، لكن التوقعات تشير إلى استمرار هذه الزيادة المجنونة في سعر العملات الرقمية مع هوس المستثمرين والمضاربين بها، لدرجة أن البعض يتوقع بلوغ سعر بيتكوين 100 ألف دولار قبل نهاية العام الجاري، وربما قبل ذلك بكثير، وأن تتفوق بيتكوين على الذهب في سوق الاستثمار.
القفزة الأخيرة جاءت لأسباب عدة منها أن العملات الرقمية تلقت دعما من تصريحات وزيرة الخزانة الأميركية الجديدة جانيت يلين قبل أيام، أيدت فيها الإشراف الوثيق على العملات الرقمية، وهو ما قد يفتح الباب أمام حل معضلة عدم اعتراف مؤسسات النقد والبنوك المركزية بتلك العملات المشفرة والتي تجعل الكثير مترددا في الاستثمار بها لزيادة مخاطرها.
كما حدثت زيادة قياسية في عملة إيثريوم، ثاني أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، علما بأن هذه العملة تتلقى دعما من نوع آخر، حيث يبدأ التداول على العقود المستقبلية لها، اليوم الإثنين، في بورصة شيكاغو، وهي خطوة تنظيمية مهمة للعملات الرقمية.
إضافة إلى الدعم القوي الذي تلقته بيتكوين وغيرها من الملياردير الأميركي إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، الذي أعلن دعمه العملات المشفرة، بل أكد أن بيتكوين على وشك أن تحظى بقبول أوسع بين المستثمرين.
صحيح أن تلك ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها ماسك صراحة عن اهتمامه بتلك العملات، إذ ذكر في وقت سابق أنه يجب استخدامها في عمليات الدفع الإلكتروني كما هو الحال مع فيزا وماستر كارد، لكن تصريحه الأخير كان له صدى قوي في أسواق تلك العملات التي شهدت أسعارها طفرة في الفترة الأخيرة.
وهناك أسباب أخرى دعمت تلك العملات منها أن الهند تعتزم سن قانون يعمل على توفير إطار عمل لإنشاء عملة رقمية رسمية للبلاد بديلا عن بيتكوين والعملات الرقمية الأخرى، كما يدرس بنك غولدمان ساكس، الاستثمار في العملات الرقمية، التي تشهد طفرات سعرية، وهي خطوة لفتت أنظار المستثمرين، خاصة أن البنك الأميركي يعد واحداً من أكبر بنوك الاستثمار في العالم.
ورغم الدعم الذي تلقته العملات الرقمية مؤخرا، لكن لا تزال كلها مخاطر بالنسبة للراغبين بالاستثمار فيها، فهناك مخاطر تكنولوجية، حيث إن آلية عملها تحتاج إلى طاقة كهربائية عالية الجهد وإنترنت فائق السرعة.
وهناك مخاطر متعلقة بطبيعة تلك العملات من حيث عدم اعتراف معظم الحكومات والبنوك المركزية بها، ومخاطر شخصية ظهرت في الفترة الأخيرة من حيث نسيان الكلمة السرية الخاصة بهم كما حدث مع مبرمج ألماني نسي كلمة المرور "لمحفظة إلكترونية" تحتوي على عملات بتكوين المشفرة، تصل قيمتها إلى 240 مليون دولار، وهناك مخاطر أخرى منها التعدين ومحدودية الكميات التي يتم المضاربة عليها.
لكن أكبر تلك المخاطر ما يتعلق بالمسارعة الشديدة من قبل المستثمرين للمضاربة بتلك العملات والاندفاع نحو شراء المزيد منها في الوقت الذي لا يمتلك فيه هؤلاء أي خبرة في إدارة الأموال، ولا يعرفون طبيعة وتقنية عمل تلك العملات، ولا متى تعترف الدول بها، كل همهم هو حصد مزيد من الأرباح السريعة، وهنا تكمن الكارثة.