تفرض مخلفات الحرب الروسية - الأوكرانية وقبلها تداعيات أزمة "كورونا" على المنطقة العربية ملفات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على طاولة القمة العربية الـ 31، المنتظرة غداً الثلاثاء والتي ستختم أعمالها بعد غد الأربعاء.
وتوافق وزراء الاقتصاد على 24 بنداً تمس الأمن الغذائي والمائي العربي وأزمة الطاقة وملفات تجارية، منها إقامة الاتحاد الجمركي العربي بهدف مواجهة أزمات غذائية خانقة للكثير من دول المنطقة. وتقدر قيمة واردات العرب من الأغذية بأكثر من 100 مليار دولار سنويا.
وسيتم رفع التوصيات التي تم الاتفاق عليها إلى القادة العرب، والمتعلقة بقطاعات التجارة والجمركة، بالإضافة إلى الأمن الغذائي العربي الذي أخذ حصة الأسد بنصف البنود المصادق عليها.
وفي السياق، كشف وزير التجارة الجزائري، رئيس الدورة الحالية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، كمال رزيق، أنه "بفضل المجهود الذي بذلته الجزائر، استطعنا أن نتوافق على 24 بنداً وتوصية، في حوالي ساعة من النقاش فقط، وهذه البنود لها علاقة مباشرة بحياة المواطن العربي، خاصة ما يتعلق بالأمن الغذائي، وفيما يتعلق بالنظرة الاستشرافية لوزراء الاقتصاد العرب في المجلس، في إدارة القضايا المهمة في حياة الناس".
تعزيز التجارة البينية
أضاف وزير التجارة الجزائري: "كما تم الاجماع أيضاً على بنود تتعلق بالتجارة البينية بين الدول العربية، إذ لا يخفى على الجميع أن الوطن العربي يتمتع بإمكانات بشرية وطبيعية وزراعية كبيرة، يقابلها حجم تبادل تجاري ضعيف، وبالتالي كان لزاماً علينا وضع ورقة طريق لتطوير العلاقات التجارية العربية - العربية، ورفع العراقيل، خاصة السياسية، إذ إن تجربة "كوفيد 19" وبعدها الحرب الروسية الأوكرانية جعلتنا نقف أمام ضعف أمننا الغذائي، الذي كلف وطننا العربي فاتورة كبيرة".
وتابع الوزير الجزائري، في تصريح لـ "العربي الجديد" عقب انتهاء اجتماع المجلس الاقتصادي الاجتماعي على مستوى الوزراء، أن "الجزائر اقترحت مشروع قرار يُلزم الدول العربية بالعمل المشترك لرفع إنتاج القمح بأنواعه، مع تحسين الجودة، لإحداث التكامل والتنافس بين البلدان العربية، فيما اقترحت تونس مشروع قرار لوضع خطة زراعية عربية، كما تم تبني بند يُلزم الدول العربية بتطبيق القرارات المتخذة في إطار جامعة الدول العربية".
وحول إمكانية نجاح "قمة الجزائر" في وضع قاعدة لبناء تكامل اقتصادي عربي، أكد رزيق أن "الدول العربية تعي حجم الرهانات التي تنتظرها اقتصادياً واجتماعياً، ولذلك تم التوافق على البنود بالإجماع التام، ما يعني أن الإرادة السياسة موجودة".
تهديد خبز العرب
أصابت الحرب الروسية على أوكرانيا "خبز العرب"، إذ تعتبر البلدان العربية من أكثر الدول استيراداً واستهلاكاً للقمح في العالم، إذ تستورد المنطقة سنوياً حبوباً بنحو 15 مليار دولار، ما يجعل البلدان العربية أمام حتمية العمل المشترك لضمان أمنها الغذائي.
وحسب بيانات رسمية، تعد مصر أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم، ذلك أنها وحدها تستورد 10.6% من مجموع صادرات القمح العالمية، بغلاف مالي بلغ مجموعه 4.67 مليارات دولار سنة 2019، ويبلغ حجم الاستهلاك السنوي 18 مليون طن.
ثم تليها الجزائر التي تستورد 3.3% من مجموع صادرات القمح العالمي، بمجموع 1.47 مليار دولار، ويبلغ حجم الاستهلاك السنوي للقمح في الجزائر 10.8 ملايين طن.
وفي المرتبة الثالثة المغرب الذي يستورد 2.05% من صادرات القمح العالمي، بنحو مليار دولار سنوياً، ويبلغ حجم الاستهلاك السنوي من القمح في المغرب 10.4 ملايين طن.
ثم يأتي اليمن الذي يستورد 2.3% من مجموع الصادرات العالمية للقمح، والسعودية بنسبة 1.6%، والسودان 1%.
وفي المجموع، فإنّ الدول العربية تحتكر وحدها نحو 25% من واردات القمح العالمية؛ مما يظهر حجم الاعتماد على الاستيراد للحصول على القمح.
خريطة طريق للأمن الغذائي
إلى ذلك، كشف الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي أن "القادة العرب سيناقشون مشروع قرار لوضع استراتيجية متكاملة، ستشكل خريطة طريق بالنسبة لنا كعرب في التعامل مع مشكلة الأمن الغذائي العربي، فهي مشكلة مزمنة ومتزايدة في العديد من الدول العربية".
وأضاف زكي على هامش الاجتماعات التحضيرية في رده على سؤالٍ لـ"العربي الجديد" حول إمكانات تطبيق مخرجات "قمة الجزائر" أنّ "العرب اليوم أمام حتمية وإلزامية ضمان أمنهم الغذائي، وهذا يحتاج إلى توافق سياسي، لأن هذا الأمر يتعلق بحياة المواطنين، في ظل تسارع الأحداث عالمياً، ويجب علينا التكتل لمواجهة المنافسة العالمية التي تعيشها الأسواق، لضمان قوتنا".