لم يهنأ الأردنيون كثيراً بتثبيت أسعار الوقود خلال الأشهر الأخيرة، إذ عاودت الحكومة رفع الأسعار بمستويات قياسية لشهر يونيو/حزيران الجاري، مبررة ذلك بارتفاع أسعار النفط عالمياً، بينما أكد محللون في قطاع الطاقة أن مستويات الأسعار المحلية تفوق كثيراً نظيرتها العالمية بسبب الضرائب الكبيرة التي تفرضها الحكومة على استهلاك المنتجات البترولية، مطالبين بإعادة النظر فيها لتخفيف الأعباء المعيشية التي تفاقمت بفعل الغلاء الذي طاول مختلف السلع والخدمات.
وأصبح سعر البنزين "90 أوكتان" 920 فلسا لليتر (الدينار يحوي ألف فلس) بدلاً من 885 فلساً، وسعر البنزين "95 أوكتان" 1180 فلساً لليتر بدلا من 1120 فلساً، وسعر الديزل والكاز 685 فلساً لليتر بدلاً من 650 فلساً، فيما استقر سعر أسطوانة الغاز عند 7 دنانير للأسطوانة دون تغيير.
وجاءت زيادة الأسعار في ضوء المراجعة الشهرية التي تجريها لجنة تسعير المشتقات النفطية، التي تشرف عليها وزارة الطاقة والثرورة المعدنية وتقوم شهريا بتحديد أسعار المحروقات (المنتجات البترولية).
وأشارت وزارة الطاقة إلى ارتفاع سعر خام برنت إلى 112.7 دولارا للبرميل في مايو/أيار الماضي، مقابل 104.4 دولارات للبرميل المسجل في إبريل/ نيسان الماضي.
لكن مختصين في قطاع الطاقة، يؤكدون أن أسعار المشتقات النفطية بخاصة البنزين بنوعيه "90 أوكتان" و"95 أوكتان" وصلت إلى حدود لم تبلغها سابقا نتيجة للضرائب المفروضة عليها وارتفاع أسعار النفط الخام عالمياً.
وكانت الحكومة فرضت ضريبة ثابتة على المحروقات بغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض أسعارها عالمياً، إذ تبلغ 57% على البنزين و37% على الديزل و18% على الكاز والغاز.
وقال الخبير في قطاع الطاقة هاشم عقل: "كنت أتمنى على لجنة التسعير أن تقرر تثبيت أسعار المشتقات النفطية لعدة أشهر، لا سيما أنها أصبحت لا تطاق، والمواطن أضحى غير قادر على مواجهة الارتفاعات في أسعار كافة أنواع السلع من غذاء وطاقة".
وأضاف عقل لـ"العربي الجديد": "قد نرى سعر النفط بين 130 و140 دولاراً للبرميل خلال الفترة المقبلة"، مشيرا إلى أن الأسابيع الماضية شهدت قفزات كبيرة في أسعار النفط.
وأكد خبير الطاقة الأردني، أن المواطن لم يعد بمقدوره تحمل مزيد من الأعباء وبات الإنفاق على الطاقة والوقود يستنزف جزءاً كبيراً من مداخيل الأسر على حساب مستويات المعيشة والحاجات الأساسية الأخرى. وتابع: "أسعار الوقود ستبقى على ارتفاع ما لم تقم الحكومة بتعليق الضرائب على المحروقات على الأقل خلال الأشهر المقبلة".
وأعرب أردنيون عن امتعاضهم من قرار زيادة أسعار المحروقات، لا سيما وأن أسعار المشتقات النفطية هي الأعلى في العالم والمنطقة ولا تتجاوز تكلفة الغالون سعة 20 لتراً 8 دنانير، فيما الفارق يتمثل في الضرائب وبدلات أخرى مختلفة.
لكن لجنة تسعير المشتقات النفطية أشارت إلى أن أسعار البنزين بنوعيه بقيت مثبتة منذ بداية شهر فبراير/شباط الماضي وحتى نهاية إبريل/ نيسان، حيث تم رفعها خلال مايو/أيار الماضي بمقدار 35 فلساً فقط، في حين بقيت أسعار الديزل والكاز مثبتة منذ بداية نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 وحتى نهاية إبريل/ نيسان 2022، فيما جرى رفعها خلال مايو/ أيار بمقدار 35 فلساً فقط، وذلك على الرغم من الارتفاعات الكبيرة التي طرأت على أسعار المشتقات النفطية عالمياً.
ولفتت إلى أن الارتفاع الكبير الذي طرأ على كلف الاستيراد، نتيجة ارتفاع كلف الشحن ونقص الإمدادات، أدى إلى فجوة كبيرة في فارق السعر المحلي عن العالمي.
وشهدت محطات الوقود ازدحاماً عشية تطبيق قرار رفع أسعار المحروقات وذلك لتعبئة المركبات بالبنزين والسولار، قبل سريان الأسعار الجديدة.
وتأتي زيادة أسعار الوقود بينما يجتاح الغلاء السلع التموينية والأساسية، بفعل قفزات الأسعار العالمية، بينما يستورد البلد نحو 85% من احتياجاته الغذائية من الخارج لعدم وجود إنتاج محلي كاف من غالبية المواد، ما دعا المملكة إلى طلب تمويل دولي قبل أسابيع لتعزيز أمنها الغذائي.
ورغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لكبح جماح الأسعار منذ مارس/آذار الماضي، إلا أنها لم تتمكن من وقف الارتفاعات، بينما يتخوف المواطنون من قفزات جديدة خلال الفترة المقبلة مع تفاقم الارتدادات السلبية للحرب الروسية على أوكرانيا وقرارات منع تصدير الغذاء التي اتخذتها العديد من البلدان.
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي الأردني اطلعت عليها "العربي الجديد" ارتفاع المستوى العام لأسعار المستهلكين (التضخم) خلال الشهرين الأولين من العام الحالي قبل ظهور التأثيرات الخارجية الناجمة عن الحرب بنسبة 2.2% على أساس سنوي.
وجاء الارتفاع بحسب التقرير، بسبب زيادة أسعار مجموعة النقل بنسبة 6.3% مقارنة مع تراجع نسبته 2.3% خلال الشهرين الأولين من العام الماضي، وارتفعت أيضا أسعار الخضروات والبقوليات الجافة والمعلبة بنسبة 19.1% مقارنة مع تراجع نسبته 18.5% خلال ذات الفترة من 2021.