تغلبت موجة التفاؤل بالنمو الاقتصادي القوي في الاقتصادات الكبرى على التداعيات الإيجابية لانسياب إمدادات النفط للأسواق العالمية، بعد تعويم سفينة "إيفرغيفن" الجانحة في قناة السويس وفك الاختناقات في القناة التي كانت تحجز نحو 3 ملايين برميل يومياً من النفط وتمنعها الوصول إلى الأسواق العالمية. وكسبت الخامات البترولية في التعاملات التي جرت على العقود المستقبلية ارتفاعات في لندن ظهر الاثنين. وبعد فترة التراجع التي حدثت في التعاملات الصباحية، عادت الأسعار للارتفاع، إذ كسبت عقود غرب تكساس لشهر مايو/أيار نحو 41 سنتاً لترتفع إلى 61.38 دولارا، بينما كسبت عقود خام برنت لنفس الشهر 52 سنتاً لترتفع إلى 65.09 دولارا، وذلك وفقاً لبيانات وكالة بلومبيرغ الأميركية. وعلى الرغم من النجاح في تعويم السفينة "إيفرغيفن"، يشير تقرير لشركة ميرسك النرويجية للشحن البحري، أمس الاثنين، إلى أنه حتى مع إعادة فتح القناة، فإن التداعيات المؤثرة على السعة والمعدات العالمية كبيرة، كما أن تعطل حركة الملاحة تتسبب بالفعل في سلسلة من الاضطرابات وتكدس الشحنات العالمية التي قد تستغرق أسابيع، وربما أشهراً، حتى يتم حلها. وهذا يعني أن ناقلات النفط المتكدسة على القناة سيتأخر وصولها إلى الأسواق الأوروبية. ولكن العوامل الإيجابية التي تدعم ارتفاع الأسعار باتت أكبر من العوامل السلبية. ويتوقع محللون أن تدعم منظمة "أوبك +" في اجتماعها المقبل أسعار النفط أكثر، عبر الإبقاء على الإمدادات النفطية الحالية دون تغيير. وهذا التوجه باتت تدعمه كل من روسيا والسعودية. في هذا الصدد، قال مصدر مطلع على توجه روسيا لرويترز، أمس الاثنين، إنها ستدعم استقرار إنتاج النفط لتحالف "أوبك+"، الذي يضم مجموعة من كبار منتجي الخام في العالم، لنهاية مايو /أيار، مع سعيها للحصول على زيادة محدودة نسبياً لإنتاجها للوفاء بزيادة موسمية للطلب. ولم تحصل رويترز على رد من وزارة الطاقة الروسية أو مكتب ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء والمسؤول عن علاقات موسكو مع "أوبك+"، يؤكد موقف روسيا من سقف الإنتاج في مايو. و
كانت مصادر قالت، الأسبوع الماضي، إنه يتوقع صدور قرار مماثل لما صدر عن الاجتماع الأخير لمنظمة "أوبك" وحلفائها، في الاجتماع الذي يعقد في أول إبريل/نيسان.
وفاجأت "أوبك+"، التي تحجب نحو ثمانية ملايين برميل يومياً من بينها خفض سعودي طوعي بمقدار مليون برميل يومياً، في مارس/آذار، بالإبقاء على مستوى الإنتاج دون تغير يذكر. لكنها سمحت لكل من روسيا وكازاخستان بزيادة إنتاج النفط زيادة طفيفة. وقال المصدر إن روسيا ربما تريد زيادة صغيرة أخرى.
ومن بين العوامل التي تدعم ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر المقبلة، ربما إلى مستوى فوق 70 دولاراً لبرميل خام برنت، عودة المستهلك الأميركي للسفر وقضاء الإجازة، إذ ارتفعت الحجوزات في الولايات المتحدة خلال شهر مارس/ آذار الجاري على معظم الخطوط الأميركية، وفقاً للبيانات التي نشرتها " العربي الجديد" قبل أسبوعين، كما ارتفع عدد المسافرين عبر المطارات الأميركية فوق مليون مسافر يومياً لأول مرة. وذلك إضافة إلى السفر البري. وتُعد الولايات المتحدة أكبر مستهلك للمشتقات النفطية في العالم، إذ تستهلك نحو 20 مليون برميل يومياً. كما أن الاقتصاد الصيني، الذي يعد من أكبر مستوردي الخامات في العالم، يشهد انتعاشاً سريعاً وكبيراً هو الآخر خلال العام الجاري. وبالتالي فإن البيانات الإيجابية للنمو الاقتصادي العالمي باتت تحرك المضاربات على العقود المستقبلية.
وربما سيتمكن الطلب القوي في آسيا وأميركا على المشتقات النفطية من مقاومة آثار الموجة الثانية للجائحة في الدول الأوروبية. أما عامل الإمدادات الآخر الذي يدعم أسعار النفط فهو تأخر دورة انتعاش النفط الصخري الأميركي، الذي أصبح في السنوات الأخيرة "المنتج المرجح" الذي يضرب دورة انتعاش أسعار النفط. وتواجه صناعة النفط الصخري الأميركي، منذ صعود الرئيس جو بايدن للحكم، مجموعة من المصاعب المالية بسبب تردد المصارف التجارية في تمويل الكشوفات والتنقيب عن النفط، كما منعت الإجراءات التي أقرتها الإدارة الأميركية أخيراً التنقيب في العديد من الولايات والمحميات الطبيعية.