لا تزال حالة الركود الاقتصادي والتجاري مستحكمة على الساحة الأفغانية، فيما يزيد الهلع في الساحة أكثر بعد قرار البنك الدولي تجميد أمواله الخاصة بأفغانستان.
في غضون ذلك، تتفاوت مواقف الأفغان حيال قرار قمة مجموعة السبع، منهم من يرى أنه الضوء الأخضر للقبول بطالبان حال تلبية الحركة لمطالب القمة والدول الأوروبية والغربية عموما، ومنهم من يرى أنه تضييق الخناق على طالبان اقتصاديا.
ورغم إجراءات طالبان الأخيرة، ومنها تعيين المولوي عبد القاهر محافظا للبنك المركزي وتعيين نائبيه، وعقد جلسات للقياديين مع المسؤولين والموظفين في البنك المركزي، وإصرار وزارة المالية على أنها تعمل بشكل دائم على تطبيع الأمور المالية والتجارية في العاصمة كابول خاصة وفي الولايات بشكل عام، إلا أن الحالة المالية والتجارية نحو تدهور مستمر، لا سيما أن البنوك وأسواق الصرافين مغلقة في جميع أرجاء البلاد، وبسبب ذلك تعطل الكثير من المشاريع التجارية والاستثمارية.
في هذا السياق، يقول محمد صفي، أحد العاملين في فندق "برك" في وسط العاصمة، إن صاحب الفندق صرف 50% من العمال والموظفين، وعددهم حوالي 90 شخصا، كل واحد منهم يتقاضى 10 آلاف "أفغاني" (عملة البلاد) شهريا.
والسبب، على حد قوله، أن الناس لا يحضرون إلى الفندق لأن ليس لديهم أموال. فكثيرون لم يستلموا الرواتب منذ شهرين أو أكثر، وبعضهم بقيت أمواله في البنوك ولا طريقة لسحبها حتى الآن.
هكذا توقفت عجلة الحياة التجارية والاقتصادية في البلاد، ومع بدء كل نهار يتطلع الأفغان إلى أن تتغير الأمور غير أن هذا لم يحصل، فالأمور تمشي صوب التدهور أكثر لا سيما مع تضييق الخناق على طالبان دوليا، وعدم توصلها إلى حل سياسي يرضي الشعب الأفغاني ويرضي المجتمع الدولي، كي يكون أساسا لتطبيع الوضع المالي في البلاد.
كان قرار البنك الدولي تجميد أمواله لأفغانستان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ يرى المراقبون أن ذلك سيعقد الأمور في وجه طالبان، لا سيما أن تعامل الحركة مع الوضع المالي في أفغانستان يشير إلى شح الكوادر العلمية وذوي الخبرة الاقتصادية معها، كما أن تعيين عالم الدين والقيادي في طالبان المولوي عبد القاهر محافظا للبنك المركزي في هذه الفترة الحساسة، يؤكد رأي من يدعون أن طالبان ليس لديها كوادر في مختلف المجالات.
يقول أحد مستشاري البنوك المختلفة في كابول وهو حائز شهادة دكتوراه في العلوم المصرفية لـ"العربي الجديد" وقد رفض الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، إن طالبان ستضرب نفسها بنفسها، وستأتي الويلات لها من الوضع الاقتصادي المتفاقم، إنها غير قادرة لتسيير الأمور المالية، في حين أن الناس فقراء وبحاجة إلى تحريك عجلة التجارة والاقتصاد والمال، كما أن البطالة تزيد بشكل سريع خاصة بين العمال العاديين.
ويشير الخبير إلى أنه في ظل تضييق الخناق من قبل المؤسسات المالية الدولية على طالبان، كيف يمكن للحركة بهذه الكوادر أن تجابه هذا الوضع الحساس؟ وكيف يمكن لها أن تتعامل مع المؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وأن تناقش معها من أجل حل المشاكل، مع العلم أن الحركة بحاجة إلى الكثير من التنازلات، من أجل صيرورة البلاد نحو الأحسن.
أما حول قرارات قمة مجموعة السبع التي بدأت تضييق الخناق على طالبان اقتصاديا كي تضطر إلى تلبية مطالبها، فتتباين آراء الأفغان حيالها، منهم من يرون أن القمة أعطت ضوءا أخضر لطالبان بأنه يمكن لها التعامل معها بشرط التنازل وتلبية مطالبها ومطالب المجتمع الدولي. بينما يروي آخرون أنه بسبب قرارات القمة يضيق الخناق على طالبان أكثر وهي غير قادرة على أن تستجيب لمطالبها وأن تتفاهم معها.
وأعلنت قمة مجموعة السبع في نهاية الاجتماع الذي عقد عبر تقنية الفيديو كونفرانس أمس، وترأسه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، خارطة طريق موحدة للتعامل مع حركة طالبان والإبقاء على تجميد أموال أفغانستان.
وقال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إن حجب مبالغ ضخمة من الأموال هو خيار ضمن أدوات النفوذ الهائل الذي يمكن أن تمارسه مجموعة السبع على حركة طالبان بعد سيطرتها على البلاد.
وأضاف أن "ما نقوله هو أن أفغانستان لا يمكن أن تتحول مرة أخرى إلى أرض خصبة للإرهاب، لا يمكن أن تكون دولة مخدرات، كذلك يتعين تعليم الفتيات حتى سن 18 عاما".
والملاحظ أن طالبان لا تزال تتبع سياسة الصمت حيال كل المتغيرات، وتحديدا القرارات الدولية، التزمت طالبان لأسباب لا تعلمها إلا الحركة نفسها.