ألبانيا ملتقى الحضارات والسحر اللامتناهي

بدأت ألبانيا الانخراط في المجتمع السياحي العالمي، بعد عزلة استمرت لعقود، حيث نجحت في أن تكون وجهة استثنائية، ذات طابع تراثي فريد.
ألبانيا، إحدى دول البلقان، تضم الكثير من الأماكن التاريخية، التي تقود الزائر للغوص في الماضي. 

تتسم البلاد  بطابعها التاريخي، لكونها تضم مئات القلاع والجوامع والكنائس التي تعود للعصور الوسطى، وبالرغم من طابعها التقليدي، إلا أن ذلك لم يحجب مكانتها البيئية، فهي ذات طبيعة خلابة، تتكون من سلسلة كبيرة من الجبال، والشواطئ والبحيرات، والغابات المترامية الأطراف الخالية من الزحام. 
أما المطبخ الألباني، فله قصة أخرى. فهو مزيج من الثقافة اليونانية والتركية مع لمسة خاصة من تراث السكان.  

في العاصمة تيرانا، يمكن أن تشاهد مزيجاً من الفن الأوروبي والعربي في تفاصيل الحياة اليومية. وتتجلى صور هذا المزيج من خلال الأثار التي لاتزال حتى يومنا هذا شاهدة على حقب تاريخية ماضية. 
ففي مسحد أدهم بيك، والذي تم تشييده في الفترة ما بين 1793 و1821، تنعم بجو من التأمل والهدوء. المسجد عبارة عن تحفة فنية، إذ ستأسرك الزخرفات التي تغطي القبة، فيما تتزين الجدران الداخلية بالخط العثماني القديم.

إضافة إلى مسجد أدهم بيك والذي يشهد أعمال ترميم وبناء وتوسعة منذ أعوام، تحتوي العاصمة على العديد من المناطق الأثرية، أبرزها أزغير بازار، والحمامات القديمة، والتي تعد ملتقى للسكان في أيام العطلات الأسبوعية.
الجانب التاريخي للعاصمة، يخترقه جانب عصري، يظهر من خلال المباني الحديثة، والمراكز الثقافية والمسارح، إضافة إلى الميادين، وأبرزها ميدان سكانديربيرج الأشهر في العاصمة، ويمكن الاستمتاع بجولة شيقة لمشاهدة المدينة من أعلى عند ركوب التلفريك.

بيرات وبوترينت

الجذور التاريخية للمدن الألبانية ظاهرة بشكل لا لبس فيه أمام الزائر، خاصة في المناطق الأثرية القديمة، حيث لا يزال الفن المعماري القديم، واضحاً في تفاصيل المباني والمسارح، والقصور.

في مقاطعة بيرات وسط ألبانيا، يكتشف الزائر التناغم الهندسي بين ما هو شرقي وغربي، والسبب أنّ هذه المقاطعة تعد أقدم المدن في البلاد وتعرف أكثر باسم "مدينة النوافذ"، أو المدينة ذات الألف نافذة، لأنها تضم الكثير من النوافد والأبواب الزجاحية، كما تحتضن المقاطعة قلعة قديمة، تعرف بقلعة بيرات، والتي تصور حقبة تاريخية هامة مرت بها البلاد.

في  بوترينت، الأمر مدهش حقاً، لأنها عبارة عن متنزه وطني أنشئ في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2000، يضم المتنزه مساحة 94 كيلومترا مربعا من المناظر الطبيعية، والتاريخية. يعود تاريخ المدينة إلى اليونان القديمة، ولاحقاً باتت جزءا من الإمبراطورية الرومانية، تقع في منطقة إبيروس.

محبو التاريخ الحربي، والاستمتاع بالأدوات والأسلحة القديمة، لا بد لهم من تخصيص وقت لزيارة قرية كويبارا في بلدة جيروكاسترا الجبلية المدرجة في قائمة "يونسكو" للتراث العالمي.
وهي قرية شبه مهجورة، يعيش هناك كبار السن، لأنها كانت واحدة من أكثر المناطق التي شهدت حروباً إبان الحكم الشيوعي.
 تمتاز القرية بطابعها التقليدي، ومناظرها الجميلة، فهي تطل على واد عميق، وتحيط بها أشجار الصنوبر. ولاتزال شوارعها محافظة على طابعها الحجري، ولا يمكن لأي وسيلة نقل أن تخترقها، لذلك، هي مخصصة فقط للسير على الأقدام.

تعتبر كويبارا، واحدة من أكثر المواقع المثيرة للاهتمام، لأنها تضم مئات الثكنات العسكرية المهجورة، والتي كانت تستخدم سابقًا لحراسة قواعد سرية خلال الحروب والنزاعات، لكن جزءا منها تحول الآن إلى مخازن للسكان المحليين لتجفيف الأعشاب، كالزعتر والمريمية، فيما بقي الجزء الآخر يحتوي على القطع العسكرية القديمة. كما تم تزيين الجدران الداخلية بأعمال فنية كبيرة وغريبة على الجدران.

لا يكتمل جمال هذا البلد بأثاره وطبيعته، إذ يشكل السكان جزءاً هاماً من هويته. يعرف عنهم أنهم دائماً فرحون ومبتسمون، ومستعدون دائماً للمساعدة. كما أنهم يتميزون بالكرم، فلا يمكن للزائر أن يمر في قرية دون أن يقبل عليه سكانها، لمساعدته وإرشاده إلى الأماكن السياحية، ومرافقته في جولته، وإن حان موعد الغذاء، فلا بد من تناول وجبة الطعام مع أهالي القرى، وتبادل أطراف الحديث، وإن بلغة الإشارة، لأنّ السكان عادة ما يتحدثون الألبانية.

كذا، فإنّ المطبخ الألباني، يشكّل سبباً إضافياً لزيارة هذا البلد. يعرف بأنه مطبخ عائلي؛ أي يتم تحضير وتناول الوجبات جماعياً وعائلياً.

يُعرف المطبخ الألباني  بتنوع التوابل والأعشاب العطرية التي تزين موائد السكان، ولا عجب في ذلك، فألبانيا من أبرز البلدان المنتجة للأعشاب في العالم وتضم ما لا يقل عن 250 نوعاً من أنواع الأعشاب المستخدمة في الطبخ وللغايات الطبية وعلى رأسها الزعتر والمريمية.
كما يعتمد على المازة على غرار المطابخ المتوسطية ويتصف بالكرم وتكثر فيه الأعشاب والمشاوي والفطائر. ويعد طبق فيقيسا، والتافيا كوسي، والبروك، من أكثر الأطباق شهرة.