استمع إلى الملخص
- تعثّر خطط تطوير الدفع الإلكتروني وزيادة السحب النقدي لمواجهة مصاريف المواسم ساهم في تضخم الكتلة النقدية المتداولة خارج الجهاز المصرفي.
- تصاعد التداول النقدي يحد من فاعلية سياسات البنك المركزي لمجابهة التضخم، الذي يستقر عند 7.3%، رغم جهود تقليص التداول النقدي وزيادة الدفع الإلكتروني.
سجّل التداول النقدي في تونس قفزات جديدة بعد ارتفاع حجم الأموال المتداولة إلى مستوى قياسي بنحو 22.4 مليار دينار (7.2 مليارات دولار) بنهاية يونيو/حزيران الماضي، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد، وفق أحد البيانات المنشورة على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي.
وأظهرت البيانات التي نُشرت، أمس الاثنين، أن حجم الكتلة النقدية المتداولة زاد بما قيمته مليارا دينار (حوالي 640 مليون دولار) مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث كانت عند مستوى 20.4 مليار دينار. وقال المحلل المالي مراد الحطاب إن "الأوراق والمسكوكات النقدية المتداولة أصبحت تشكل 43% من إجمالي الكتلة النقدية، ما يعكس حجم توسع السوق الموازية التي تعتمد بشكل أساسي على الكاش".
وفسّر الحطاب لـ"العربي الجديد" أسباب تضخم الكتلة النقدية المتداولة خارج الجهاز المصرفي بتعويل التونسيين بشكل كبير على المدفوعات النقدية، في ظل تعثّر خطط تطوير الدفع الإلكتروني أو الدفع عبر الوسائل الحديثة ومنها الموبايل (الهاتف النقال) للذين لا يملكون حسابات بنكية.
وأشار إلى أن هناك أسباباً أخرى لتعاظم حجم "الكاش" المتداول منها لجوء الكثير من الأسر إلى السحب من الودائع من أجل مجابهة مصاريف المواسم المختلفة، لا سيما الأعياد وفترات الإجازات الصيفية والعودة إلى المدارس.
ووفق البيانات الرسمية، تخطى نمو "الكاش" في الأسواق نمو الودائع لدى المصارف في الأعوام الأخيرة. وكشفت بيانات البنك المركزي أن زيادة قيمة الادخار العائلي لم تتجاوز خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي 1.4 مليار دينار، لافتاً إلى تراجع الودائع لدى البنوك إلى 27.59 مليار دينار، بانخفاض بلغت نسبته 0.61% على أساس سنوي.
ويأتي تضخم تداول "الكاش" بينما تقود السلطات المالية منذ سنوات خطة لتقليص التداول النقدي وزيادة الخدمات المالية عبر وسائل الدفع الحديثة. وأشار الحطاب إلى أن تصاعد التداول النقدي يحد كذلك من فاعلية السياسات التي يعتمدها البنك المركزي لمجابهة صعود التضخم الذي يستقر حالياً عند 7.3%. ورجّح أن يزيد تداول "الكاش" إلى مستويات قياسية تاريخية جديدة في ظل انفلات الأسعار عند الاستهلاك، مشدداً على أهمية الاقتداء بالتجارب الناجحة في اعتماد الدفع الإلكتروني للحد من تدفق السيولة في السوق.
ونهاية الأسبوع الماضي، أعلن مجلس إدارة البنك المركزي إبقاء نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير عند مستوى 8%، مبرراً القرار بـ"إعطاء الأولوية في الوقت الحالي لدعم المسار التنازلي للتضخم والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي".