أعلن السودان عن تخفيضات في أسعار الوقود، في أول تعديل بعد إلغاء الدعم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما تخشى الأوساط الاقتصادية انفلاتاً كبيراً في أسعار مختلف السلع بعد تحرير المحروقات، حيث سجل معدل التضخم بالأساس مستويات تاريخية بلغت 229.85% الشهر الماضي.
وقال وزير الطاقة والتعدين المكلف خيري عبد الرحمن، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، مساء أمس السبت، إنه تقرر خفض لتر البنزين الحر (المستورد) بنسبة 12% إلى 106 جنيهات (1.9 دولار) مقارنة بـ120 جنيها للتر (2.17 دولار) في السابق.
وأضاف عبد الرحمن أنه تقرر أيضا خفض سعر لتر السولار الحر بنسبة 7% ليصل إلى 99 جنيها للتر (1.8 دولار) بدلا من 106 جنيهات (1.9 دولار) للتر في السابق.
ووفقا للوزير السوداني، ستنخفض أسعار الوقود المنتج محليا من 56 جنيها (1.01 دولار) إلى 54.7 جنيها (99 سنتا) للتر البنزين، مع الإبقاء على سعر السولار كما هو ( 46 جنيها للتر)، مشيرا إلى أن خفض الأسعار يرجع إلى هبوط أسعار البنزين والسولار عالميا خلال الفترة التي تم فيها الاستيراد، لسد الفجوة في الإنتاج المحلي.
وأعلن عن توقف عمل مصفاة الخرطوم في الأول من ديسمبر/كانون الأول المقبل بغرض الصيانة، مما سيؤثر بصورة كبيرة على إمداد الوقود المنتج محليا خلال الفترة المقبلة. ووفقا لإحصائيات رسمية، فإن إنتاج السودان من النفط يقدر بنحو 60 ألف برميل يوميا.
وفي أغسطس/آب الماضي، أجازت الحكومة الانتقالية موازنة معدلة للعام الجاري تشمل إلغاء دعم الوقود وتحرير سعر الصرف، ودخل القرار حيز التنفيذ الشهر الماضي، لتقفز أسعار الوقود بنسبة تفوق 400%، حيث وصل سعر لتر البنزين إلى 120 جنيها مقابل 28 جنيهاً في السابق، كما ارتفع سعر لتر الغازولين من 23 جنيهاً إلى 106 جنيهات.
ويتوقع محللون ارتفاع حدة التضخم والأزمات المعيشية، بعد تطبيق قرار إلغاء دعم الوقود، بينما شهد معدل التضخم زيادة قياسية على أساس سنوي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ووفق بيان صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي، الأسبوع الماضي، فإن ارتفاع التضخم جاء بسبب زيادة أسعار مجموعة الأغذية والمشروبات بنسبة 194.5%.
وأظهر رصد لـ"العربي الجديد" تسارع وتيرة ارتفاع التضخم السنوي منذ بداية العام الجاري، حيث بلغ في سبتمبر/أيلول 212.29%، وفي أغسطس/آب 166%، وفي يوليو/تموز 143.7%، وفي يونيو/حزيران 136.3%.
كما سجل التضخم السنوي في مايو/أيار 114.2%، وإبريل/نيسان 98.8% مقارنة مع 81.6% في مارس/آذار، بينما بلغ في فبراير/شباط 71.36%، في حين استهل العام بنسبة 64.2% خلال يناير/كانون الثاني، مقارنة مع نحو 57% في ديسمبر/كانون الأول 2019.
ونسب التضخم المرتفعة في البلاد، تعود بشكل رئيس إلى تدهور سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) في السوق الموازية (السوداء)، إلى متوسط 280 مقابل الدولار الواحد، بينما تحدده الحكومة بقيمة 55 جنيها لكل دولار في السوق الرسمية.
ويشهد السودان تطورات متسارعة ومتشابكة ضمن أزمة الحكم، منذ أن عزلت قيادة الجيش الرئيس عمر البشير من الرئاسة، في 11 إبريل/نيسان 2019، تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر 2018، رفضا لتردي الظروف المعيشية وانفلات الأسعار ونقص الخدمات الأساسية.