استمع إلى الملخص
- **العوامل المؤثرة**: القرار ناتج عن المخاطر الجيوسياسية، التوترات الإقليمية، استمرار الحرب على غزة، والعجز الواسع في الميزانية، مع توقع استمرار الصراع حتى 2025 وزيادة الإنفاق العسكري.
- **التأثير الاقتصادي**: خفض التصنيف أدى إلى تدهور سعر صرف الشيكل، زيادة تكلفة التمويل، ارتفاع الضرائب، وغلاء الأسعار، مع توقعات بزيادة التقلبات في سوق الصرف وارتفاع سعر الدولار.
قالت وكالة فيتش الأميركية للتصنيف الائتماني على موقعها مساء الاثنين، إنها خفضت التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى "A" مع نظرة مستقبلية سلبية بسبب تأثير استمرار الحرب في غزة، والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة والعمليات العسكرية على جبهات متعددة. ويمثل القرار الحالي تدهوراً إضافياً في تقييم الوكالة للوضع الاقتصادي في إسرائيل.
ويؤدي خفض التصنيف الائتماني إلى ارتفاع كلفة ديون الحكومة الإسرائيلية والتضييق عليها في الحصول على تمويلات وقروض جديدة للاستمرار في شن الحرب الإجرامية على قطاع غزة وتوسيع الحرب لتشمل لبنان، والدخول في مواجهة واسعة مع إيران وفق مراقبين.
وبحسب وكالة التصنيف العالمية، فإن المالية العامة الإسرائيلية تضررت من مخاطر الحرب الحالية التي انطلقت في 7 أكتوبر الماضي، وتتوقع عجزًا في الميزانية بنسبة 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وأن يظل الدين العام أعلى من 70% من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط. فضلاً عن ذلك، من المرجح أن تتدهور مؤشرات البنك الدولي الخاصة بالاقتصاد الإسرائيلي، مما يؤثر على الوضع الائتماني للدولة العبرية...
وعزت "فيتش" قرار خفض التصنيف الائتماني إلى أربعة عوامل رئيسية، وهي المخاطر الجيوسياسية التي تدعم التوقعات السلبية لاقتصاد الكيان الإسرائيلي. وقالت إنه من وجهة نظرنا، يمكن أن يستمر الصراع في غزة حتى عام 2025، وهناك أخطار من توسعة الحرب إلى جبهات أخرى. وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إنفاق عسكري إضافي كبير، وإلى تدمير البنية التحتية في إسرائيل، والمزيد من الأضرار المستمرة للنشاط الاقتصادي والاستثمار، مما يؤدي إلى مزيد من التدهور في مقاييس الائتمان الإسرائيلية.
أما العامل الثاني وراء خفض تصنيف دولة الاحتلال، فيرجع إلى تنامي التوترات الإقليمية. ووفق "فيتش" لا تزال التوترات بين إسرائيل وإيران وحلفائها في المنطقة مرتفعة. وكانت إسرائيل وراء اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران وعدد من قيادات حزب الله في بيروت.
أما العامل الثالث وراء الخفض فهو استمرار إسرائيل في الحرب على قطاع غزة، حيث أكدت الوكالة مواصلة إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة لفترة تزيد عن الشهور العشرة، بعدما دخلت مدينة رفح وسيطرت على الحدود مع مصر. ومن المرجح أن تستمر الحرب حتى نهاية عام 2024، وربما مع خطر استمرار العمليات المكثفة بعد ذلك. وهذا يعني ضمناً استمرار الإنفاق المرتفع والفوري على الصعيد العسكري وتعطيل الإنتاج في المناطق الحدودية وفي السياحة والبناء. وكان جيش الاحتلال قد قام بتسريح عدد كبير من جنود الاحتياط لديه، مما قلل من التأثير على القوى العاملة.
أما العامل الرابع وراء خفض "فيتش" تصنيف إسرائيل إلى المرتبة A فهو العجز الواسع في الميزانية، وقالت الوكالة: "نتوقع أن يصل العجز في ميزانية الحكومة الإسرائيلية إلى 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري 2024 بعدما كان 4.1% في عام 2023".
وحسب تحليل وكالة التصنيف الأميركية، فإن زيادة العجز المالي تعكس النفقات الكبيرة المتعلقة بالعمليات العسكرية، ونفقات إعادة التوطين لأولئك الموجودين في شمال البلاد. ويأتي تخفيض وكالة فيتش الآن للتصنيف الإسرائيلي بعدما أبقت الوكالة على التصنيف الائتماني لإسرائيل دون تغيير في إبريل/ نيسان الماضي بينما خفضت توقعاتها من مستقرة إلى سلبية.
يُذكر أنه في فبراير/شباط الماضي، خفضت موديز التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى "إيه 2" (A2)، وهو مستوى يعادل تصنيف وكالة فيتش "إيه" (A) مع نظرة مستقبلية سلبية أيضاً. وفي إبريل/نيسان الماضي، اتخذت شركة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز خطوة مماثلة.
وبلغ دين الحكومة الإسرائيلية 310.8 مليارات دولار في ديسمبر 2023، مقارنة بـ 294.7 مليار دولار في العام السابق، وفق بيانات شركة سي إي آي سي" الأميركية للبيانات المالية والديون الحكومية.
ودعت مؤسسات عدة المحاسب العام إلى العمل على صياغة موازنة مسؤولة للدولة في عام 2025 في أسرع وقت ممكن. ووفق تقرير بصحيفة غلوبس، أمس الثلاثاء، قال المحاسب العام بوزارة المالية، يالي روتنبرغ، عن خفض التصنيف: "إن استمرار الحرب وارتفاع المخاطر الجيوسياسية يؤثران على البيانات المالية، وبالتالي على ملف التصنيف الائتماني لدولة إسرائيل.
ومن شأن التصعيد واسع النطاق أن يدعم زيادة التقلبات والطلب القوي على الدولار، الأمر الذي قد يرفع سعر الفائدة إلى ما فوق 3.8 شواكل للدولار.
يُذكر أن سعر صرف الشيكل تدهور مقابل الدولار واليورو يوم الاثنين وسط تزايد المخاوف الأمنية بشأن رد إيران على جريمة اغتيال هنية وعدم إحراز تقدم في محادثات الأسرى مع حماس. وفي فترة ما بعد الظهر من التداول بين البنوك، يوم الاثنين، ارتفع سعر الشيكل مقابل الدولار بنسبة 1.22% ليصل إلى 3.774 شواكل للدولار، كما ارتفع الشيكل مقابل اليورو بنسبة 1.420%، ليصل إلى 4.125 شواكل لليورو.
ووفق تقرير بصحيفة غلوبس، قال الرئيس التنفيذي لشركة بريكو لإدارة المخاطر والتمويل والاستثمار في تل أبيب، يوسي فريمان، إن "الخوف من تصعيد وشيك في الحرب أدى إلى انخفاض قيمة الشيكل". وكان هنالك شبه رهان بين المضاربين في تل أبيب منذ بداية الشهر الجاري على أن سعر صرف العملة الإسرائيلية سيتدهور مقابل الدولار إلى دون مستوى 3.8 شواكل.
ويعاني الشيكل إلى جانب مخاوف توسع الحرب على قطاع غزة من تراجع أسهم شركات التقنية في سوق وول ستريت الأميركية، التي كانت أرباحها ترفد السوق الإسرائيلية بالدولارات.
وأضاف بريكو: "لا تغيير في تقييمنا، إذ إن التصعيد الواسع في الحرب سيدعم التقلبات المتزايدة في سوق الصرف ويدعم الطلب القوي على الدولار، وهو الأمر الذي قد يعزز سعره إلى أعلى من مستوى 3.8 شواكل للدولار، على المدى القصير.
وبحسب فريمان، فإنّ خطوة خفض التصنيف من شأنها أن تزيد من تكلفة التمويل الائتماني الذي تجمعه الحكومة في الأسواق الخارجية، الأمر الذي سيتطلب مبلغاً أكبر من حصة من ميزانية الدولة.
يُذكر أن الحرب على غزة رفعت من حجم الضرائب على سكان الكيان، كما أدت إلى غلاء أسعار السلع والخدمات، بخاصة أسعار البنزين التي ارتفعت عدة مرات خلال العام الجاري.