تعهدت دمشق "بتحريك الاتفاقات الست الموقعة مع طهران" وزيادة التبادل التجاري رغم "اعتراض بعض التجار السوريين على الحمائية الإيرانية"، فيما وعدت إيران، خلال زيارة رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف والوفد المرافق له، التي انتهت اليوم الجمعة، بتقديم "المساعدات بمجالات النفط وتسهيل التجارة لطهران"، فضلاً عن التعهد بـ"تقديم العون لسورية خلال عملية إعادة الإعمار"، بحسب ما كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" من دمشق.
وبينت المصادر من العاصمة السورية أنه تم خلال اجتماع ضم 50 تاجراً ورجل أعمال، بحضور رئيس مجلس الشورى الإيراني ووزير التجارة بحكومة بشار الأسد، محمد الخليل، "بحث تطوير العلاقات ورفع التبادل التجاري"، كما طالب التجار السوريون بـ"التحول لشركاء بالقطاعات الصناعية وليس لموردين أو باعة"، وكانت معضلة العقوبات على المصارف الإيرانية من النقاط الأهم التي وعد قاليباف بإيجاد حل لها بقوله: "نحن عازمون على توفير الأرضيات المناسبة لمشاركة القطاع الخاص في البلدين في الأنشطة الاقتصادية".
ووصف قاليباف خلال تصريحات لدى عودته من دمشق، اليوم الجمعة، زيارته بأنها مهمة، كونها جاءت بعد انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد لولاية جديدة وبعد انتصار المقاومة على إسرائيل، في إشارة إلى المواجهة بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي في مايو/ أيار الماضي.
وأشار المسؤول الإيراني إلى أن الهدف الرئيسي من زيارته كان توطيد العلاقات الاقتصادية، مشيراً إلى أن الاتفاقات الموقعة بين البلدين قبل نحو عام ونصف ستدخل حيز التنفيذ في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة بعد متابعتها من برلمانيي الدولتين وتذليل أية معوقات تحول دون تطبيقها.
وكشف قاليباف أنه تم الاتفاق مع دمشق على تفعيل اتفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين، وأن متابعة الاتفاقات ستجرى خلال زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسين عرنوس المقبلة إلى طهران لحضور حفل أداء القسم للرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي. مضيفاً أن "معالجة مشاكل القطاع الخاص وتسهيل نشاطات هذا القطاع في التجارة بين البلدين كانت "من أهم أهدافي في هذه الزيارة وأنا متأكد أن نتائج الزيارة ستنعكس بشكل إيجابي على أعمال هذه الشركات".
وحول الاتفاقات التي قصدها قاليباف يقول الاقتصادي السوري محمد العلو: "هناك خمسة اتفاقات لم تر طريقها للتنفيذ، تم توقيعها سابقاً "صناعة وزراعة وثروة حيوانية ونفط واتصالات" إضافة إلى اتفاق لاحق "وهو الأخطر" يتعلق باستثمار ميناء اللاذقية غربي سورية".
ويشير العلو لـ"العربي الجديد" إلى أن زيارة رئيس مجلس الشورى الإيران أضافت اتفاقات أو مشروعات لاتفاقات جديدة، تتعلق بـ"التعاون الصناعي والاستثمارات واستثمار الشركات الإيرانية في سورية وإنشاء المصانع وإعادة الإعمار"، ولكن بحسب العلو لم يتم التطرق خلال الاجتماعات الرسمية أو خلال المؤتمر الصحافي المشترك لقايباف ورئيس البرلمان السوري، حمودة الصباغ، إلى مسألتين عالقتين "مصارف مشتركة وشركة استثمار الخليوي" بل جلّ التركيز كان على زيادة حجم التبادل التجاري وتقديم تسهيلات للتجار السوريين والبحث عن قطاعات تدخل فيها إيران خلال إعادة إعمار سورية، لافتاً إلى أن الجانب الإيراني قدم وعوداً عدة "بتسهيلات وتخفيض رسوم وحل مشكلة التحويل المصرفي".
ولا يزيد حجم التجارة بين طهران ودمشق، بحسب مصادر رسمية، عن 85 مليون دولار خلال العام الماضي، في حين وصل إلى نحو مليار دولار عام 2009، قبل أن يتراجع إلى نحو 550 مليون دولار في مطلع الثورة عام 2011، ويستمر بالتراجع بأكثر من 600% حتى العام الماضي.
وتتفق مصادر متطابقة على أن "التحرك الروسي الأخير" هو سبب استعجال زيارة الوفد الإيراني ومحاولة تحريك الاتفاقات السابقة و"توريط نظام الأسد بمزيد من الاتفاقات الجديد".
إذ تشهد المحافظات السورية الآن اجتماعات مكثفة للجان مختصة من وزارات بحكومة الأسد مع لجنة مجلس الاتحاد الروسي للدفاع والأمن، منها بالعاصمة دمشق مع وزارة النفط والثروة المعدنية بشأن توريد صمامات الإغلاق لخطوط أنابيب النفط وتنظيم إنتاج المشتقات النفطية ولقاءات بين رئيس التعاون الدولي في شركة "تكنو بروميكس بورت" الروسية، فاديموفيتش ديميتري، مع خبراء وزارة الكهرباء السورية لإجراء مباحثات حول نظام الطاقة في سورية.
وتشير مصادر خاصة من دمشق لـ"العربي الجديد" إلى أن رئيس رابطة المستوردين والمصدرين في مجال الرعاية الصحية في روسيا زار مصنع "كيور فارما" بمنطقة عدرا الصناعية، لإنتاج لقاح "سبوتنيك V" المضاد لفيروس كورونا، كما وقع الوفد الروسي خلال زيارته إلى مدينة حمص، وسط سورية، على عقود للتصدير المباشر لزيت الزيتون السوري إلى روسيا، بعد زيارة مدير إدارة المشاريع للجهات الرسمية والموازنة الروسية المناطق المتضررة من الحرب بمدينة حمص لتقديم "المساعدات من شركات روسية والتحضير لإعادة الإعمار".
كذلك، بحسب مصادر إعلامية، شهدت مدينة بانياس الساحلية مباحثات بين فنيين من وزارة النفط السورية مع مندوبي شركة "كابيتال إينفيست" الروسية ومجلس الأعمال السوري - الروسي، حول توريد الشحنات النفطية الروسية إلى مصفاة بانياس، وكانت مدينة حلب شمالي سورية وعاصمتها الاقتصادية المحطة "الأهم" بحسب المصادر، ولم تعلن موسكو ودمشق عن مجريات المباحثات فيها، سوى مناقشة مدير إدارة العلاقات الخارجية في منظمة "الحوار الأوراسي" وممثلي شركات طيران روسية، مع خبراء من وزارة النقل السورية، قضايا استئناف شحنات النقل الجوي "مشروع ميركوري" وقضايا التعاون في قطاع الطيران المدني.
يُشار إلى أن الجانبين، السوري والروسي، قد وقّعا في ختام الاجتماع المشترك السوري الروسي لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين السوريين، الذي اختُتم أول من أمس في قصر المؤتمرات بدمشق، على 15 اتفاقاً ومذكرة تفاهم، في مجالات التعاون القانوني وأمن الشبكات والاتحاد الجمركي والتعاون الاقتصادي التجاري والعمل التربوي، حسبما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".