سياحة رقمية
التغيرات التي فرضتها الأوضاع الصحية في الأعوام السابقة من تحول نحو اللقاءات الافتراضية والقيود على السفر بالطائرات أو الإقامة في الفنادق، دفعت المؤسسات السياحية إلى تغيير هيكلية عملها، فجعلت الإقامة أكثر سهولة ومراعاة للأوضاع الطبية.
ورغم انحسار موجة وباء كورونا، فإن المخاوف الصحية لدى السياح قد تكون مرتفعة إلى يومنا هذا.
في العديد من المؤسسات السياحية، بات الاهتمام بالمسائل الخضراء، من قبيل زيادة التشجير أو استخدام الأدوات الصديقة للبيئة، جزءا أساسيا من استراتيجيتها الحديثة.
وفي المقابل، بدأ عدد من المؤسسات أيضا في اعتماد الأدوات الرقمية لتخفيف تأثيرات انتشار الأوبئة بين النزلاء في الفنادق أو رواد المطاعم.
الأدوات الرقمية
لم يعد مصطلح "إنترنت الأشياء" مجرّد مفهوم عادي، بل بات تقنية يتم استخدامها في جميع المرافق السياحية، من دون تدخل البشر إلا في حدود بسيطة، والهدف من استخدام "إنترنت الأشياء" الحفاظ على خصوصية المسافر وتخفيف الأعباء الصحية.
في العديد من الفنادق سواء في منطقة الخليج أو الولايات المتحدة، تنتشر الأدوات الرقمية، بدءا من المفاتيح التي تتيح للأشخاص الدخول إلى غرفهم من دون ملامسة الأبواب، ومن خلال تطبيقات إلكترونية يتم توصيلها مباشرة إلى الهواتف الذكية.
داخل الغرف، يمكن التحكم بالإضاءة والتبريد واستخدام المياه من خلال تطبيقات ذكية أو عبر الاستشعار عن بعد، بمعنى أنه بمجرّد المرور من أمام الأشياء تبدأ الأخيرة بالتحرك وفق تحركات الأشخاص، ومن ذلك، مثلا، المغاسل والإضاءة حتى الستائر.
وللتحكم بالضجيج الخارجي، يمكن للنزلاء استخدام تقنيات جديدة للتحكم بجعل النوافذ عازلة للصوت، من خلال التكنولوجيا الصوتية لتقليل الضوضاء الصادرة عن حركة المرور أو الطائرات أو الموسيقى الصاخبة.
وجبات الطعام
يتطور سريعا استخدام الروبوتات في الضيافة والسياحة. وتنخرط في المطاعم تدريجيا الروبوتات كجزء من العاملين لديها، ليس فقط كنُدُل (جمع نادل) بل أيضا كطهاة.
ويُعد استخدام الروبوتات لتنظيم الأنشطة السياحية وتذوّق الطعام مفهوما جديدا مهما، خاصة أن تجارب بعض المؤسسات الفندقية، كما في دول الخليج، على غرار قطر، أو الإمارات، كانت رائدة في هذا المجال.
والجديد على مستوى المطاعم أن فريق العمل مجهز بأفضل الأدوات الرقمية. فالنادل على سبيل المثال ما هو إلا روبوت حديث يُتقن عدة لغات وقادر على أخذ الطلب وإرساله إلى المعنيين خلال دقائق.
كما أن الطاهي في العديد من المطاعم الجديدة والمؤسسات السياحية يعمل بتقنيات رقمية جديدة، على غرار استخدام الطابعة الذكية لإنتاج البيتزا أو صناعة الحلويات، بما يمكّن المطاعم من إعداد مئات الطلبات في ساعة واحدة من دون ملامستها أو احتكاكها مع أي عنصر بشري قبل أن تصل إلى يد الزبون.
الحفاظ على البيئة
من أهم الأهداف التي وضعتها "منظمة السياحة العالمية" ضرورة إيلاء الاهتمام بمعايير البيئة داخل المنتجعات السياحية، ويظهر ذلك من خلال استخدام مواد غير ضارة بالبيئة.
فعلى سبيل المثال، في المنتجعات السياحية الأوروبية أو التركية، انخفض استخدام البلاستيك بنسبة تصل إلى 15%، وفق بيانات مؤسسة "غلوبال داتا" Global data، فيما تعتمد الفنادق على معايير خاصة لترشيد استخدام الطاقة والمياه واعتماد الأساليب الصديقة للبيئة.
علاوة على ذلك، تسعى الفنادق أيضا لاعتماد شهادة "ليد" LEED التي تراقب مدى ملاءمة المبنى للبيئة، وهو ما حث المنتجعات السياحية في الدول العربية، وتحديدا في المناطق الصحراوية، على اعتماد المواد الصديقة للبيئة لتشييد الفنادق، إضافة إلى إعطاء المساحات الخضراء حيّزا أكبر من مساحة الفندق.
وسائل مختلفة
بدلا من البحث عن فندق جديد في كل مرة تسافر فيها، ثمة أفكار جديدة تقوم على أساس استئجار غرفة فندقية متنقلة. بكلام آخر، ما رأيك في أن يسافر الفندق معك في رحلتك المقبلة؟
لقد بدأت الفنادق المتنقلة، أو بالأحرى الغرف الفندقية المتنقلة، بالظهور في الولايات المتحدة، وتقوم فكرتها على أساس العمل بالطاقة الشمسية، ولا تحتاج إلى سائق، بل هي ذاتية القيادة، بحيث يمكن للمسافرين النوم والاسترخاء في غرفهم.
صحيح أن الفكرة لا تزال في بدايتها، وقد يكون من الصعب على الأشخاص التأقلم في غرف ذاتية القيادة، لكن إمكانية تعميم هذه الفكرة أمر غير مستبعد، وهي من الأفكار التي نوقشت بقوة خلال فترة وباء كورونا.
وفي المستقبل القريب، قد نكون فعلا على موعد مع ابتكارات جديدة في عالم الفنادق والمنتجعات السياحية لا تخطر حقا في بالنا الآن.