من "تويوتا" و"هوندا" اليابانيتين إلى "تسلا" الأميركية، تودّع شركات السيارات الكبرى العام 2023 باستدعاء ملايين الوحدات حول العالم لأسباب مختلفة، أبرزها العيوب التصنيعية.
ماذا عن تفاصيل هذه العيوب ودوافع الاستدعاء والضغوط الحكومية التي تفرض على الشركات هذا النوع من التدابير التي تشكل خسارة كبيرة بالنسبة إليها؟
الوسائد الهوائية تستدعي مليون "تويوتا" في الولايات المتحدة
الأحدث كان أمس الأربعاء، وتمثل بإعلان مجموعة "تويوتا" استدعاء حوالى مليون سيارة من ماركتي "تويوتا" و"ليكزس" الفاخرة في الولايات المتحدة بسبب مشكلة في الوسائد الهوائية.
ووفقاً لإشعار الاستدعاء الذي نشرته المجموعة على موقعها الإلكتروني وأوردته "فرانس برس" اليوم الخميس، فإن أجهزة الاستشعار الموجودة في مقعد الراكب الأمامي في المركبات المعنية قد يكون فيها عيب في التصنيع قد يتسبب في حدوث ماسّ كهربائي.
وأوضحت أن هذا العيب "لا يسمح للجهاز بتقييم وزن الراكب بشكل صحيح وقد لا تنتفخ الوسادة الهوائية كما ينبغي في بعض الحوادث، وهو ما يزيد من خطر الإصابة".
ويعود تاريخ الطرازات المعنية بقرار الاستدعاء إلى الفترة الممتدّة من 2020 إلى 2022. والطرازات المعنية من ماركة "تويوتا" تشمل سيارات الدفع الرباعي الشهيرة "راف4" و"هايلاندر" وطرازي "كورولا" و"كامري".
الاستدعاءات وفضيحة اختبارات "دايهاتسو" تهز أسهم "تويوتا"
وغداة هذا التطور، أوردت "رويترز" خبراً مفاده أن أسهم "تويوتا" تراجعت مع تزايد فضيحة اختبارات السلامة في شركة "دايهاتسو" التابعة لها، وبعد استدعاء المليون سيارة في الولايات المتحدة.
وأعلنت "دايهاتسو"، يوم الأربعاء، نيتها تعليق الشحنات المحلية والخارجية لجميع سياراتها في ضوء تقرير لجنة مستقلة وجد أنها كانت تتلاعب بالاختبارات منذ عام 1989.
وأعربت "تويوتا" عن "اعتذاراتها الصادقة" وتعهدت بتنفيذ "إصلاح أساسي" في ضوء النتائج التي تم الكشف عنها في التحقيق الذي أعقب فضيحة السلامة التي ظهرت في إبريل/نيسان المنصرم.
"هوندا" تستدعي 2.5 مليون سيارة بسبب مضخات وقودها
وفي الولايات المتحدة أيضاً، قالت "الإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة" NHTSA إن الوحدة الأميركية لشركة "هوندا موتور" تعكف على استدعاء نحو 2.5 مليون سيارة بسبب مخاطر عطل في مضخة الوقود يمكن أن تتسبب في توقف المحرك أثناء القيادة وتزيد فرص وقوع حوادث.
ولمعالجة هذه المشكلة، سيقوم التجار باستبدال وحدة مضخة الوقود مجاناً، حسبما ذكرت الإدارة اليوم الخميس.
ويشمل الاستدعاء نماذج معينة من الطرازات الأكثر شعبية لدى صانع السيارات الياباني مثل "هوندا أكورد" و"سيفيك" وCR-V وHR-V وRidgeline وOdyssey وبعض موديلات "أكيورا" الأخرى.
وفقاً للإدارة إياها، قد تفشل مضخة الوقود الموجودة داخل خزان الوقود، فيما من المتوقع أن يتم إرسال خطابات إخطار المالك بالبريد بحلول فبراير/شباط من العام المقبل.
وأتى هذا الإعلان بعد يوم واحد من إصدار الهيئة التنظيمية استدعاء لنحو 106030 سيارة هجينة من طراز CR-V بسبب خطر نشوب حريق أو إصابة في حادث تصادم ناجم عن ارتفاع درجة حرارة كابل البطارية أو ماس كهربائي.
ضغوط أميركية على شركات السيارات لاستدعاء 52 مليون منفاخ
وتتسع دائرة الاستدعاءات بعدما قالت شركات صناعة السيارات الكبرى، بما فيها "جنرال موتورز" و"تويوتا موتور" و"فولكسفاغن" واثنان من صانعي الوسائد الهوائية، أول من أمس الثلاثاء، إنها تعارض طلب الإدارة الوطنية لسلامة المرور باستدعاء 52 مليون منفاخ للوسائد الهوائية.
وبحسب "رويترز"، جادل المسؤولون في الإدارة في جلسة استماع في أكتوبر/تشرين الأول، بأنه يجب سحب المنافيخ التي تنتجها الشركتان المصنعتان للوسائد الهوائية، ARC Automotive وDelphi Automotive، لأنها قد تنفجر وتتطاير شظايا معدنية.
وأوضحت الإدارة أن المشكلة مرتبطة بوفاة مواطن أميركي وإصابة 7 آخرين بعد تحقيق حكومي دام 8 سنوات. وإذا استمرت عملية الاستدعاء، فستكون ثاني أكبر عملية سحب في تاريخ الولايات المتحدة.
وقال صانعو السيارات والمصنعون إن المخاطر الناجمة عن هذه المشكلة كانت بسيطة للغاية وشككوا في تحليل الوكالة والأساس المنطقي لطلب الاستدعاء.
وذكرت شركة ARC أنه بموجب معدل الفشل المقدر لدى الإدارة، سيكون هناك أقل من تمزق جديد واحد على مدار الـ33 عاماً القادمة.
وتم استخدام المنافيخ المعنية في المركبات التي تم إنتاجها من عام 2000 حتى أوائل عام 2018 من قبل 12 شركة تصنيع سيارات. كما قدمت شركات "فورد" و"مرسيدس بنز" و"بي إم دبليو" و"هيونداي" و"كيا" و"بورشه" بيانات معارضة بموجب عملية التعليق الرسمية للهيئة التنظيمية.
ودافعت "جنرال موتورز"، التي استدعت في مايو/أيار الماضي مليون منفاخ ARC بعد تمزق في مارس/آذار أدى إلى إصابات في الوجه للسائق، بأن إدارة السلامة فشلت في إثبات الحاجة إلى "توسيع هائل وغير مسبوق لاستدعاءات منفاخ ARC الحالي".
وأضافت "جنرال موتورز" أن الاستدعاء سيؤثر على "ما يصل إلى 15% من أكثر من 300 مليون سيارة مسجلة في الولايات المتحدة".
ووصفت كل من "جنرال موتورز" و"ستيلانتس" قرار الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة بأنه "تعسفي ومتقلب ومخالف للقانون".
وذكرت "رويترز"، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن ما لا يقل عن 20 مليون سيارة من طراز "جنرال موتورز" قد تتأثر، في حين أن شركة "ستيلانتيس" لديها أكثر من 4.9 ملايين سيارة فيها منافيخ تعاني من المشكلة نفسها، وقد أبلغت عن تمزق واحد فقط في عام 2009، حسبما ذكرت شركة صناعة السيارات.
بدورها، قالت "فولكسفاغن" إنه "لا يوجد أساس منطقي لاستدعاء مئات الآلاف من سيارات فولكسفاغن وأودي" في القرار الأولي الصادر عن إدارة السلامة.
وصنعت شركة Delphi Automotive، وهي جزء من Autoliv، نحو 11 مليون منفاخ حتى عام 2004 بموجب اتفاقية ترخيص مع ARC التي صنعت الـ41 مليوناً المتبقية.
وعارضت شركة Autoliv الاستدعاء، بحجة أن إدارة السلامة لم تثبت أنها معيبة. وكررت ARC معارضتها قائلة إن سجل الإدارة يخلو من أي دليل، ناهيك عن أدلة موثوقة، على وجود خلل منهجي.
"تسلا" تستدعي مليوني سيارة لإصلاح نظام السائق الآلي
هذا، ويستند استدعاء "تسلا"، المعلن عنه الثلاثاء الماضي، لأكثر من مليوني سيارة كهربائية - في محاولة لجعل السائقين الذين يستخدمون نظام السائق الآلي الخاص بها يولون اهتماماً أكبر للطريق - إلى التكنولوجيا التي تظهر الأبحاث أنها قد لا تعمل على النحو المنشود.
ووافقت "تسلا"، الشركة الرائدة في تصنيع السيارات الكهربائية، على مضض على الاستدعاء، الأسبوع الماضي، بعد تحقيق استمر عامين أجرته الإدارة الأميركية لسلامة المرور وتوصل إلى أن نظام "تسلا" لمراقبة السائقين كان معيباً ويتطلب إصلاحاً، وفقاً لوكالة "أسوشييتد برس".
ويرسل النظام تنبيهات للسائقين إذا فشل في اكتشاف عزم الدوران من الأيدي على عجلة القيادة، وهو النظام الذي يصفه الخبراء بأنه غير فعال.
وتقول الوثائق الحكومية التي قدمتها "تسلا" إن تغيير البرنامج عبر الإنترنت سيزيد التحذيرات والتنبيهات للسائقين لإبقاء أيديهم على عجلة القيادة. وقد يحد أيضاً من المناطق التي يمكن فيها استخدام الإصدارات الأكثر استخداماً من السائق الآلي رغم أن هذا ليس واضحاً تماماً في مستندات "تسلا".
وبدأت إدارة السلامة تحقيقاتها عام 2021، بعد تلقي 11 تقريراً تفيد بأن سيارات "تسلا" التي كانت تستخدم النظام الآلي جزئياً اصطدمت بمركبات الطوارئ المتوقفة. ومنذ عام 2016، أرسلت الوكالة محققين إلى ما لا يقل عن 35 حادث اصطدام سيارات "تسلا" التي يشتبه في أنها تعمل بنظام قيادة آلي جزئي، بسيارات الطوارئ المتوقفة أو راكبي الدراجات النارية أو مقطورات الجرارات التي عبرت مسارات المركبات، وهو ما تسبب في إجمالي 17 حالة وفاة.
لكن الأبحاث التي أجرتها الإدارة و"المجلس الوطني لسلامة النقل" ومحققون آخرون تظهر أن مجرد قياس عزم الدوران على عجلة القيادة لا يضمن أن السائقين يولون الاهتمام الكافي. ويقول الخبراء إن هناك حاجة إلى كاميرات للرؤية الليلية لمراقبة عيون السائقين للتأكد من أنهم ينظرون إلى الطريق.
هولندا: لا خطط لاستدعاء سيارات "تسلا" في أوروبا
لكن يبدو أن الضغوط التي تتعرض لها "تسلا" في بلدها الأم بعيدة عنها في ضفة الأطلسي المقابلة. فيوم الجمعة الماضي، قالت هيئة المركبات الهولندية RDW إنها لا تخطط حالياً لاستدعاء سيارات هذه الشركة في أوروبا بعد استدعاء كبير في الولايات المتحدة قبل ذلك بأيام لنماذج محددة بسبب مخاوف بشأن أنظمة مساعدة السائق الآلية الخاصة بها.
الهيئة الهولندية التي تشرف على موافقة السلامة لسيارات "تسلا" في أوروبا أشارت إلى الاختلافات بين وظائف السائق الآلي المتوافرة في السوقين الأوروبية والأميركية، وقالت إنها على اتصال مع "تسلا" بهذا الخصوص.
وبحسب "رويترز"، يتم تصنيف سيارات "تسلا" في كل من الولايات المتحدة وأوروبا على أنها تتمتع بالمستوى الثاني أو "أتمتة القيادة الجزئية" على مقياس الصناعة المكون من 5 نقاط، حيث يكون المستوى 5 قيادة ذاتية بالكامل.
ومع ذلك، قال متحدث باسم الهيئة الهولندية إن هناك اختلافات في الميزات المحددة المسموح بها في المستوى الثاني في الولايات المتحدة وأوروبا، والذي يتبع معايير الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن وظائف التوجيه الخاصة بشركة "تسلا" في أوروبا يتم اختبارها وفقاً لمعايير أممية لا أميركية.