أظهر استطلاع لآراء محللين أجرته "رويترز"، اليوم الثلاثاء، أن معدل التضخم الرئيسي في مصر تسارع على الأرجح في نوفمبر/تشرين الثاني، بعدما أدى خفض قيمة العملة في أكتوبر/تشرين الأول واستمرار القيود على الواردات إلى تجدد الضغوط الصعودية على الأسعار.
وأظهر متوسط توقعات 14 محللا أن التضخم السنوي بلغ 18.75% في نوفمبر/تشرين الثاني، ارتفاعا من 16.2% في أكتوبر/تشرين الأول، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول 2017.
وأرجع ياب ماير، رئيس قسم الأبحاث لدى "أرقام كابيتال"، الزيادة السريعة في الأسعار إلى "ارتفاع فواتير الاستيراد".
وفرض البنك المركزي قيودا على الواردات في فبراير/شباط قبل الأزمة الأوكرانية، وبدأ توجهاً، امتنع عنه لأكثر من عامين، نحو خفض قيمة العملة، اعتباراً من شهر مارس/آذار. وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول، خفض البنك سعر الجنيه المصري 14.5%، وسمح له بالانخفاض التدريجي منذ ذلك الحين.
وقال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين في "رينيسانس كابيتال": "تحركت العملة 25% عما كانت عليه قبل عام، وهذا من شأنه أن يضيف 2.5-5 نقاط مئوية في أي بلد، وقد بلغ الارتفاع عشر نقاط مئوية".
ومضى روبرتسون يقول: "لذا من المحتمل أن يكون سعر الصرف الأجنبي مسؤولا عن ثلث (الارتفاع في الأسعار) مقارنةً بما كانت عليه قبل عام، وربما يمثل النفط الخُمس وأسعار القمح العالمية ما لا يقل عن العُشر. ويمكن بسهولة إرجاع ثلثي الارتفاع إلى الجنيه المصري والنفط والغذاء حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022".
وتوقع المحللون في الاستطلاع أن يقفز معدل التضخم الأساسي إلى 21.60% من 19% في أكتوبر/تشرين الأول.
ومن شأن ارتفاع التضخم أن يضغط على البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة في اجتماعه القادم في 22 ديسمبر/كانون الأول.
ويُصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يوم الخميس بيانات التضخم لشهر نوفمبر/تشرين الثاني.
وتزامناً مع استطلاع الرأي الذي قامت به "رويترز"، نقل موقع مصراوي الشهير عن مصرفيين مصريين توقعهم عقد البنك المركزي المصري اجتماعا استثنائيا قريبا لاتخاذ حزمة "جريئة" من القرارات الاقتصادية لضبط سوق الصرف وكبح جماح التضخم، قبل اجتماع صندوق النقد الدولي لبحث الموافقة النهائية على تقديم قرض لمصر بمبلغ ثلاثة مليارات دولار.
وظهرت مصر في جدول اجتماعات صندوق النقد الدولي، وحدد يوم الجمعة بعد المقبل، 16 ديسمبر/كانون الأول، لاجتماع المجلس التنفيذي للصندوق، من أجل بحث مصير الموافقة النهائية على تمويل برنامج التعاون مع مصر في الإصلاح الاقتصادي والمتفق عليه بشكل مبدئي على مستوى الخبراء، بحسب ما نشره الصندوق على موقعه الإلكتروني.
ورجح المصرفيون، الذين تحدثوا لمصراوي، أن تتضمن القرارات المتوقع إصدارها من البنك المركزي في اجتماعه الاستثنائي المرتقب تحريراً لسعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية، بهدف التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي عن السعر العادل للجنيه أمام الدولار، وفقاً للموقع المصري.
وكان حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، قد أعلن خلال مؤتمر صحافي قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي "تحديد سعر الجنيه مقابل الدولار وفقا للعرض والطلب"، وهو ما أدى إلى انخفاض الجنيه بنسبة 25% أمام الدولار خلال الشهر الذي تلا إعلان القرار.
كما يتوقع المصرفيون أن يتخذ المركزي، تزامنا مع تحرير سعر صرف الجنيه، قرارا برفع سعر الفائدة بنسبة 2% مجددا، وطرح شهادة مرتفعة العائد تصل إلى 20%، بهدف كبح جماح التضخم الذي لطالما دعا صندوق النقد الدولي إلى ضرورة تماشي الفائدة في مصر مع معدلاته، سواء صعودا أو هبوطا.
وأوضحوا أن رفع البنك المركزي سعر الفائدة سيساهم في دخول صناديق عالمية للاستثمار في أدوات الدين الحكومية (المتمثلة في أذون وسندات الخزانة)، مدعومة بموافقة الصندوق على تمويل برنامج جديد لإصلاح الاقتصاد المصري، في عودة إجبارية لما عرف باسم "الأموال الساخنة"، رغم ما سببته من أضرار للاقتصاد المصري والعملة المحلية.
وعلى نحوٍ متصل، شن عدد من أعضاء مجلس النواب المصري هجوماً حاداً على الحكومة، الثلاثاء، بسبب التراجع المستمر في قيمة الجنيه مقابل الدولار، وتوقف مئات المصانع عن العمل في المحافظات المختلفة، وذلك في جلسة مخصصة لمناقشة طلبات الإحاطة والأسئلة الموجهة إلى وزير التجارة والصناعة، النائب السابق في البرلمان أحمد سمير.