ينتظر الأتراك، اليوم، نتائج اجتماع لجنة تحديد الأجور الأول، لمعرفة ملامح نسبة الزيادة على الحد الأدنى، بعد ارتفاع نسبة التضخم التي أكلت الزيادتين على أجور عام 2022 وتباين نسبة الزيادة التي طرحها الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" والأحزاب المعارضة، التي تأخذ من التردي المعيشي، بحسب مراقبين أتراك، أهم عنوان في حملاتها الانتخابية.
وتعقد، اليوم، اللجنة المكونة من العمال وأصحاب العمل وممثلي الحكومة اجتماعها الأول كجزء من الجهود المبذولة لتحديد الحد الأدنى للأجور لعام 2023، بعد ما سُرب عن تفاوت بين ما تتطلع إليه وزارة العمل والضمان الاجتماعي وما تطرحه الأحزاب التركية المعارضة.
وتشير مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" إلى أن الرقم الذي تطرحه الحكومة التركية بنحو 8250 ليرة حداً أدنى للأجور، هو قريب من رقم اتحاد العمال البالغ 7785 ليرة، في حين طرح ممثلو حزب الشعب الجمهوري المعارض رقم 10000 ليرة وحزب الجيد المعارض رقم 9600 ليرة، ليكون الرقم الأعلى قد طرحه حزب الشعوب الديمقراطي 12500 ليرة.
وتضيف المصادر أن التفاوض سيكون ما بين رقمي اتحاد العمال والحكومة، بعد غلاء الأسعار وتراجع سعر صرف العملة التركية، مشيرة إلى أن نقابة العاملين المعنية بتحديد الأجور قد أعلنت أن الرقم المطلوب هو 13200 ليرة، في حين لم تطرح نقابة العمال العمومية بتركيا رقماً، بل قال رئيسها أرغون أتالاي، اليوم، خلال تصريحات: "سيبدأ التفاوض بين الجهات المجتمعة والمعنية من الرقم 7785 ليرة تركية حداً أدنى للرواتب والأجور، وسنحاول تجاوز هذا الرقم قدر المستطاع".
تعويض التضخم
ويقول المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو، لـ"العربي الجديد": "علينا أولاً التفريق أن الحد الأدنى للأجور يتقاضاه فقط نحو 7 ملايين عامل بتركيا، بمعنى أن الأجور بشكل عام ستكون أعلى من عشرة آلاف ليرة بعد مطلع العام الجاري، وهو مبلغ يعوض ما أكلته نسبة التضخم خلال العام الجاري"، لافتا إلى "استمرار إلغاء ضريبتي الدخل ورسوم الدمغة من الحد الأدنى للأجور".
وكانت بيانات رسمية قد أظهرت، أول من أمس، أن التضخم السنوي في تركيا تراجع إلى 84.39 بالمائة في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد 17 شهرا من الزيادات منذ العام الماضي، عندما بدأ البنك المركزي خفض أسعار الفائدة من 14 إلى 9%.
وقال معهد الإحصاء التركي إن أسعار المستهلكين ارتفعت 2.88 بالمائة على أساس شهري، بينما من المتوقع أن يبلغ تضخم أسعار المستهلكين على أساس سنوي 84.65 بالمائة. وبلغ أعلى مستوى في 24 عاما عند 85.51 بالمائة في أكتوبر/ تشرين الأول، كما ارتفع مؤشر أسعار المنتجين المحليين 0.74 بالمائة على أساس شهري في نوفمبر/ تشرين الثاني، بارتفاع سنوي قدره 136.02 بالمائة.
ويشير كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد" إلى أن عام 2022 هو أول عام تُرفع خلاله الأجور مرتين، نظراً لتضخم الأسعار و"حرص الحكومة" على مستوى معيشة لائق للأتراك، مبيناً أن قرار رفع الأجور ليس بيد الحكومة أو وزارة العمل والضمان الاجتماعي، بل يجرى البحث والتفاوض بين ممثلي أصحاب العمل والحكومة "15 عضواً" ويُقرّ، بعد أربعة اجتماعات ومناقشات ودراسة مستوى ارتفاع الأسعار، بالتصويت، وفي حال تساوي الأصوات، يكون فريق رئيسَ اللجنة هو الأكثرية.
تزايد المشكلات المعيشية
وكانت تركيا قد رفعت الحد الأدنى للأجور مطلع العام الجاري من 2925 بنسبة 50% ليصل إلى 4250 ليرة، قبل أن ترفعه ثانية خلال شهر يوليو/تموز بنسبة 30% ليصل إلى 5500 ليرة واستمرار الوعود برفعه مطلع العام المقبل 2023، ليوازي نسبة التضخم.
وكشفت نقابات العمال في تركيا "ترك إيش" عن ارتفاع تكاليف المعيشة للأسرة التركية خلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مبينة خلال تقرير أن حد الجوع لعائلة مكونة من أربعة أفراد تعيش في العاصمة أنقرة هو 7425 ليرة.
ويضيف اتحاد العمال التركي أن حد الفقر اللازم لتلبية النفقات الضرورية "سكن، مواصلات، غذاء، تعليم وصحة" وصل الشهر الجاري إلى 24185 ليرة، ما يقترب من خمسة أضعاف الحد الأدنى للرواتب والأجور، الذي لا يزيد بعد الرفع مرتين هذا العام عن 5500 ليرة تركية.