أثار قرار الحكومة الأردنية باستبعاد المبالغ التي اقترضتها من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من حجم المديونية العامة بناء على اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مخاوف الأردنيين من ضياع مدخراتهم في المؤسسة وعوائدها المالية وعدم مقدرتها لاحقا على دفع الرواتب التقاعدية والامتيازات للمؤمن عليهم من الموظفين والعمال.
وحسب المدير العام للمؤسسة، حازم رحاحلة، تبلغ ديون الضمان الاجتماعي المترتبة على الحكومة حوالي 8.5 مليارات دولار، وموجوداتها نحو 15.5 مليار دولار.
وأوضح أنه لا يوجد إقراض مباشر للحكومة، ولكن صندوق استثمار أموال الضمان يشتري السندات الحكومية التي تصدر من خلال البنك المركزي مثله مثل أي بنك تجاري.
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس النواب الأردني، موسى هنطش، لـ"العربي الجديد" إن اقتراض الحكومة من أموال الضمان الاجتماعي في غاية الخطورة، وخاصة عدم إدراجها ضمن مديونية الأردن العامة لغايات احتساب الناتج المحلي الإجمالي، وهي بالمحصلة ديون مترتبة على الحكومة يجب سدادها".
وبسبب خطورة القضية سيتابعها هنطش مع إدارة الضمان الاجتماعي للوقوف على تفاصيلها حفاظا على المال العام حسب قوله.
وكان وزير المالية محمد العسعس، قال أخيرا، إن الحكومة وبالاتفاق مع صندوق النقد الدولي ستعتمد مؤشر دين (الحكومة العامة) واستناده مستقبلا عند حساب نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي.
وحسب العسعس، فإن مفهوم دين الحكومة العامة يعتبر الاقتراض من صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي والبلديات والهيئات المستقلة، ديونا من مؤسسات تابعة للحكومة وتستطيع وزارة المالية استثناء قيمة دينها من تلك المؤسسات عند حساب نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي.
وتعتبر المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي أنشئت عام 1978 وتدار من قبل مجلس إدارة من القطاعين العام والخاص ويرأسه وزير العمل، مظلة أمان لغالبية الأردنيين والعمال الوافدين من خلال توفير الرواتب التقاعدية وحالات العجز أثناء العمل.
ودعا اتحاد النقابات العمالية المستقلة الحكومة لعدم أخذ أموال إضافية من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، ما يعرض الملاءة المالية للمؤسسة للخطر.
وقال الاتحاد في بيان يوم الجمعة الماضي، إنه يراقب الأمر بقلق شديد باعتبار ذلك من وجهة نظره تعدياً على أموال المشتركين في الضمان الاجتماعي.
وأضاف الاتحاد أن تخصيص 94 مليون دولار تقريبا من فائض تأمين إصابات العمل لبرنامج استدامة "المخصص لدعم القطاعات والأفراد المتضررين من جائحة كورونا" هو عدم احترام لحقوق العاملين المشتركين في المؤسسة.
وأعرب الاتحاد عن قلقه من إخفاء الحكومة لديونها المستحقة لصندوق استثمار أموال الضمان، داعيا الحكومة لإعادة هيكلة الديون الخارجية أو المطالبة بإلغاء ما يمكن منها بعد جائحة كورونا والتي اجتاحت العالم.
وقال إن مشتركي الضمان أصبحوا أكثر قلقاً على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم من خلال الخوف على مدخراتهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي.
ووفق الخبير الاقتصادي، مازن مرجي، فإن تخوفات الأردنيين من تغول الحكومة على أموال الضمان الاجتماعي في مكانها، إذ إنه لا يوجد شيء يلزمها بتسديد مديونيتها المترتبة للضمان.
وأكد مرجي في تصريح لـ "العربي الجديد" ضرورة توجيه مدخرات الضمان الاجتماعي لمشاريع حقيقية تعزز الوضع المالي للمؤسسة التي تواجه ارتفاعا كبيرا في الإنفاق على الرواتب التقاعدية، وإصابات العمل وغيرها وبالتالي الخوف من أن تصل إلى مرحلة لا تستطيع فيها الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمنين والذين غالبيتهم من فئة العمال والكادحين.
وقاربت مديونية الأردن بشقيها الداخلي والخارجي 50 مليار دولار، متجاوزة الناتج المحلي الإجمالي. وتخطط الحكومة بحسب مشروع موازنة 2021 لاقتراض 10 مليارات دولار.
ويعاني الاقتصاد الأردني من انكماش بسبب تداعيات جائحة كورونا، ما زاد الضغوطات المالية على الحكومة التي تتجه لمزيد من الاقتراض لتغطية عجز الموازنة المقدر للعام المقبل 2021 بحوالي 3.6 مليارات دولار بعد المنح الخارجية.
وكان النائب السابق بالبرلمان الأردني خالد الفناطسة، نبه إلى خطورة اقتراض الحكومة من الضمان الاجتماعي ولا سيما مع تعثر العديد من المشاريع العائدة له. وحذر أعضاء في مجلس النواب الأردني السابق من التلاعب بأموال المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، التي توفر الرواتب التقاعدية للموظفين والعمال.
ويبلغ عدد المشمولين تحت مظلة الضمان الاجتماعي حوالي 2.3 مليون شخص من القطاعين العام والخاص.
وقالت الحكومة إن قرار صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي بالاستثمار في السندات الحكومية هو قرار مستقل يأتي من استقلالية المؤسسة والصندوق التابع لها، وتتنافس عليه هذه المؤسسات مع البنوك المحلية بكل حرية.