بدأت الحكومة الأردنية اتخاذ إجراءات تخفيفية على القطاعات الاقتصادية والمواطنين بالتزامن مع حالة الاحتقان التي يمر بها الشارع الأردني والدعوات المتكررة لتنظيم احتجاجات في كافة أرجاء البلاد.
وتتصدر المطالبات بتحسين الأوضاع الاقتصادية وتخفيض الضرائب ومحاربة الفساد، أولويات الشارع والحملات التي تنظم من حين لآخر عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويرى مراقبون أن الحكومة تدرك أن الشارع الأردني لديه القابلية للتجاوب مع أي فعاليات احتجاجية سواء بالتظاهر السلمي أو تنظيم الحملات عبر منصات التواصل الاجتماعي على غرار ما حدث مؤخرا عندما نقل نشطاء ومنظمو فعالية 24 اذار حملتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى الشارع حيث تم التصدي لعدد من المشاركين فيها من قبل قوات الأمن.
وفي هذا السياق تتواصل في الأردن مطالب القطاعات الاقتصادية والمواطنين بتخفيف العبء الضريبي المرتفع والذي يتجاوز كثيرا النسب المعمول بها في معظم بلدان العالم ومن بينها الدول ذات الظروف المشابهة.
وقال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، ضرار الحراسيس، إن الحكومة وعدت أكثر من مرة ومنذ عدة سنوات بدراسة العبء الضريبي وإعادة توزيعه بما يضمن تحقيق العدالة بين الشرائح الفقيرة والغنية وتخفيف الضرائب على الفقراء وذوي الدخل المتدني، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الوعاء الضريبي مرتفع جدا في الأردن والذي يشمل ضرائب الدخل والمبيعات والرسوم الجمركية وغيرها حيث يذهب حوالي ربع دخل المواطنين للضرائب بشكل مباشر وغير مباشر.
وأكد مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب أنه تم التباحث مع الحكومة حول ضرورة العمل على تخفيض نسب الضرائب سيما ضريبة المبيعات المفروضة على السلع والخدمات وبنسبة تصل إلى 16% إلى جانب الضرائب الخاصة التي تتجاوز بالنسبة لبعض السلع 50% و60%.
وأعلن وزير المالية، محمد العسعس، الثلاثاء الماضي، سعي الحكومة إلى توسيع القاعدة الضريبية وتخفيض النسب وتعزيز ثقافة ضريبية جديدة تكافئ الملتزم وتعاقب غير الملتزم.
وقال إن الحكومة تسعى أيضا إلى وقف الإعفاءات والاستثناءات دون اللجوء لرفع العبء الضريبي، مشيرا إلى وجود جزر ضريبية معزولة نتيجة الإعفاءات. وأوضح أن 90 بالمئة من قيمة المستوردات لا تشملها ضرائب جمركية.
وبين أن نسبة العبء الضريبي بلغت العام الماضي 24.2 بالمائة من دخل الفرد وفق دراسات أجرتها دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، والجزء الأكبر من هذا العبء هو على مشتريات السلع والخدمات الكمالية ويشمل كذلك ما يتم دفعه للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
وحسب وزارة المالية فقد بلغ العائد من ضريبة المبيعات العام الماضي 3.533 مليارات دينار (حوالي 4 مليارات دولار)، فيما بلغت قيمة تحصيلات ضريبة الدخل لذات الفترة 1.138 مليار دينار (حوالي 1.6 مليار دولار).
وكانت الحكومة أطلقت حزمة إجراءات تحفيزية وتخفيفية الأسبوع الماضي بحجم حوالي 1.1 مليار دولار وتتضمن تعزيز برامج الحماية الاجتماعية وتوسيعها وتمديدها والمحافظة على فرص العمل القائمة في القطاع الخاص وتحفيز التشغيل والتخفيف من الآثار على قطاع النقل العام والأنشطة الاستثمارية في المناطق التنموية وتأجيل أقساط القروض على المقترضين من صناديق الإقراض الحكومية حتى نهاية العام الحالي.
وقال رئيس غرفة صناعة الأردن، فتحي الجغبير، لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها تتطلب اجراءات أكثر نجاعة في هذه المرحلة من أهمها ضرورة العمل على تخفيض الضرائب ما يساهم في تنشيط الحركة التجارية وارتفاع القدرات الشرائية للمواطنين إضافة إلى مساعدة القطاعات الاقتصادية على تجاوز التحديات الراهنة.
وأضاف أن مواجهة الانكماش الاقتصادي وتراجع النمو يقابل بتخفيض الضرائب لتحفيز مختلف الأنشطة وتخفيف الأعباء عن المواطنين وتحسين مستويات المعيشة.
وأشارت دائرة الإحصاءات العامة الحكومية أخيرا إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الثابتة في الربع الأخير من عام 2020 بنسبة 1.6 بالمائة مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2019 والبالغة 2.1 بالمائة.
وحسب بيانات الدائرة أظهرت التقديرات الأولية أن معظم القطاعات الاقتصادية حققت تراجعا خلال الربع الأخير من عام 2020 مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2019.
وتوقعت الحكومة أن تسجل الموازنة للعام الحالي عجزاً بقيمة 2.05 مليار دينار (2.89 مليار دولار) بعد المنح، وتمثل الضرائب غالبية الإيرادات المقدرة بقيمة 11.1 مليار دولار رغم التأثيرات السلبية الواسعة على دخل الكثير من المواطنين.
كما يعاني الأردن من ارتفاع حجم المديونية بشقيها الداخلي والخارجي والتي بلغت حوالي 50 مليار دولار وفقا لأحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي الأردني.
وقال الخبير الاقتصادي، موسى الساكت، لـ"العربي الجديد" إن الشارع الأردني يعيش حاليا حالة من القلق بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسب الفقر والبطالة وخاصة مع جائحة كورونا وتداعياتها.
وأضاف أن إزالة هذه الحالة تتطلب إجراءات مباشرة لتخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل المواطنين وهذا يتأتى من خلال إعادة النظر بالضرائب وعلى الأقل تخفيضها هذا العام في ضوء ارتفاع التضخم وفقدان عشرات الالاف لوظائفهم وأعمالهم في مختلف القطاعات.