تبحث الحكومة الأردنية عن الخيارات الممكنة للحد من تداعيات الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، واضطرابات البحر الأحمر، على قطاع السياحة، الذي يعد من أهم روافد الاقتصاد الأردني، وزيادة نسب النمو وتوفير فرص العمل في العديد من المجالات.
وتساهم السياحة بما نسبته 14.6% من الناتج المحلي الاجمالي للأردن، وكانت مرشحة للارتفاع، ولكن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة حال دون ذلك منذ أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وهو ما تشير التوقعات لاستمراره خلال الفترة المقبلة، بحسب مراقبين.
وبلغ عدد زوار الأردن خلال الأحد عشر شهراً الأولى من العام الماضي 5.9 مليون زائر، متجاوزاً المستهدف في رؤية التحديث الاقتصادي بما نسبته 14%، وبعوائد مالية بلغت 4.89 مليار دينار (نحو 6.9 مليار دولار) لتلك الفترة. وشهد القطاع السياحي نمواً غير مسبوق، وفقاً لتصريحات وزير السياحة مكرم القيسي.
وأكد القيسي أن القطاع السياحي تأثر بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، مشيرا الى أن وزارته بحثت مع شركائها مجابهة هذه الأزمة والتحضير لما بعدها وخرجت بخطة للاستجابة، مثل فتح أسواق جديدة وبرامج مشتركة مع المناطق المختلفة.
وقال القيسي، في تصريحات خلال لقائه أخيراً اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، إن "القطاع مرن ومنيع على الرغم من حساسيته"، وأنه "جرى اتخاذ الاجراءات اللازمة من خلال تشكيل لجنتين: الأولى فنية شملت الأجهزة الأمنية وشركاء القطاع من وكلاء السياحة والسفر وجمعية الفنادق وغرف التجارة لبحث تداعيات هذه الأزمة، والثانية ضمت في عضويتها الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص، لبحث التداعيات الاقتصادية واتخاذ بعض الاجراءات لمواجهة الأزمة، وصولاً إلى تعافي القطاع".
وذكر وزير السياحة الأردني: "لا نستطيع الحديث عن ترويج السياحة دون وجود عمالة ماهرة مدربة للتعامل مع الزوار، ودون التأكد من أن المواقع السياحية والأثرية قادرة على استقبال زوارها"، مشيراً إلى أن "ثلث جهود الوزارة ترويج وتسويق، وكل عمل هيئة تنشيط السياحة ترويج".
وخصصت الحكومة مبلغ 88 مليون دينار لوزارة السياحة، بارتفاع 6 ملايين مقارنة بتقدير 2023 السابق، تتوزع بين النفقات الجارية والنفقات الرأسمالية. وجاء معظم الارتفاع لدعم مشاريع هيئة تنشيط السياحة بنحو 4.6 مليون دينار.
وأكدت وزارة السياحة أن قطاع السياحة شهد نموا كبيرا مع نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، ولكن مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تأثر القطاع والنمو المستهدف ومساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، والذي كان من المأمول أن تصل مساهمته لنحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة مرضية جداً.
وبتقديرات وزير السياحة، فإن استمرار الحرب في قطاع غزة سيكبد القطاع السياحي في الأردن خسائر تتراوح ما بين 250 إلى 281 مليون دولار شهرياً، مع ارتفاع إلغاء الحجوزات إلى نحو 60%. وإذا استمر هذا الوضع، فستكون هناك خسائر كبيرة للاقتصاد الكلي.
الخبير الاقتصادي هاشم عقل قال لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تعوّل كثيراً على قطاع السياحة لزيادة نسب النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، ولزيادة الإيرادات المحلية، نتيجة للإقبال اللافت على المواقع السياحية والأثرية في الأردن من قبل الزوار العرب والأجانب، ما دفع بالمؤشرات لمستويات غير مسبوقة.
وأضاف عقل أن العدوان على غزة أدى إلى إلغاء كثير من المجموعات السياحية التي كانت تخطط لزيارة الأردن، وخاصة في مواسم أعياد الميلاد ورأس السنة، ما أثر على نتائج القطاع السياحي، رغم تجاوزها المستويات المستهدفة قبل السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي .
وأشار الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن "أداء القطاع السياحي سيتأثر بشكل واضح خلال الفترة المقبلة مع استمرار العدوان وتداعياته، وعزوف المجموعات السياحية عن زيارة الأردن، ويبقى التركيز على السياحة العلاجية باعتبارها إحدى الروافد الأساسية للسياحة الأردنية والاقتصاد بشكل عام، إلى جانب تحفيز السياحة الداخلية قدر المستطاع".
(الدينار يساوي 1.41 دولار أميركي)