في علامة على بدء عودة الأموال الساخنة إلى السوق المصرية، عقب ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه بأكثر من 100% في أقل من عشرة أشهر، أظهرت بيانات البنك المركزي حدوث طفرة في مبيعات أذون الخزانة في عطاءات أعلنت نتيجتها اليوم الخميس.
ووفق متعاملين في السوق فإن من بين المكتتبين في الأذون المصرية صناديق استثمار عالمية ومستثمرين عربا وأجانب، وهو ما اعتبرته المصادر بداية لعودة الأموال الساخنة إلى مصر عقب زيادة سعر الفائدة على الجنيه وتهاوي العملة المحلية.
وعلى موقعه على الإنترنت، قال البنك المركزي المصري اليوم الخميس إن مبيعات أذون الخزانة لأجل 364 يوما ارتفعت إلى 30.40 مليار جنيه من 3.75 مليارات الأسبوع الماضي، وإن مبيعات أذون الخزانة لأجل 182 يوما قفزت إلى 51.85 مليار جنيه من 2.62 مليار الأسبوع الماضي.
وطلب المتقدمون للعطاءين عائداً وصل في أجل 364 يوماً إلى 24.99%، وفي أجل 182 يوماً إلى 24%، إلا أن البنك قبل العطاءات التي لم يتجاوز العائد المطلوب عليها 21.80% في الأولى، و21.30% في الأخيرة، بارتفاع أكثر من 1% مقارنة بالعوائد المتوفرة في السوق الثانوية في آخر تعاملات اليوم السابق، الأربعاء.
ويوم الأربعاء، ارتفع الدولار أمام الجنيه المصري، ليسجل سعر 32 للمرة الأولى في تاريخه، في السوق الرسمية، بارتفاع تجاوز 100% مقارنة بسعره منتصف شهر مارس/آذار الماضي، قبل أن يتراجع قبل نهاية جلسة التعاملات بين البنوك، نزولاً تحت مستوى 30 جنيهاً للدولار.
واعتبر نائب رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك المصرية، فضل عدم ذكر اسمه، أن السعر الذي تم تسجيله بالقرب من 32 جنيهاً للدولار غير واقعي، مشيراً إلى أن القفزة الكبيرة حدثت خلال التعاملات الأولى من يوم الأربعاء، وفي ظل صدور تقرير صندوق النقد الدولي أمس.
وأضاف في حوار خاص مع "العربي الجديد": "أتصور أن السعر المرتفع تم تسجيله لإدخال بعض المستثمرين الأجانب في سوق أوراق الدين المصرية (الأموال الساخنة)، بدليل العودة لسعر يقل عن 30 جنيها للدولار قبل نهاية التعاملات".
وقال متعاملون في السوق، يوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد" إن تراجع السعر جاء على خلفية تدخل البنك المركزي في السوق، ببيع كميات ضخمة من الدولار، تجاوزت 800 مليون دولار، حسب قولهم، من خلال ذراعيه في السوق، البنك الأهلي المصري، وبنك مصر.
وفي تقرير أصدره مساء الأربعاء، قال سيتي بنك إن تعاملات البنوك شهدت في هذا اليوم طفرة، مسجلة ما قيمته 831 مليون دولار، "كان الجزء الأكبر منها مبيعات دولارية بواسطة بنكي الحكومة، البنك الأهلي وبنك مصر".
وأشار سيتي بنك إلى أن إجمالي قيمة التعاملات منذ بدء عملية التعويم الأخير، التي سماها "عملية ضبط السعر"، بلغ نحو 1.5 مليار دولار، في إشارة إلى ضخامة تعاملات اليوم.
وأكد البنك واسع الخبرات في الأسواق النامية والناشئة أن هذا الحجم من التعاملات يعني أن كميات كبيرة من الطلبات المعلقة تم التعامل معها، وهو ما يتوقع أن يخفض الطلب على الدولار خلال الفترة القادمة، مؤذناً ببدء عملية التخلي عن الدولار في السوق المصرية.
وتوقع البنك الأميركي، الذي كان لسنوات أهم موردي الاستثمارات الأجنبية لسوق أوراق الدين المصرية، عودة الأموال الساخنة للاستثمار في أدوات الدين بالعملة المصرية، مقدراً وصول 6 مليارات دولار قبل نهاية يونيو/حزيران القادم، مشيراً إلى "تغير نبرة السلطات المصرية تجاه تلك الأموال"، باعتبارها أحد أهم مصادر العملة الأجنبية الواردة للسوق المصرية.
وعلى نحو متصل، قال موقع مدى مصر إن صناديق استثمارية خليجية دخلت بقوة يوم الأربعاء، مشترية خمسة أنواع من سندات الخزانة المصرية، بقيمة وصلت 250 مليون دولار.
وكان نزوح الأموال الساخنة مطلع العام الماضي قد تسبب في بداية الأزمة الحالية، التي تعد من أكبر أزمات العملة في تاريخ مصر. وقدرت السلطات المصرية المبالغ التي نزحت بأكثر من عشرين مليار دولار، خلال الربع الأول من عام 2022.
وفي أكثر من مناسبة، أكد وزير المالية المصري محمد معيط عدم توجه الحكومة المصرية للاعتماد على الأموال الساخنة مرة أخرى، "بعدما ذقنا ويلاتها ثلاث مرات"، وفقاً لقوله.