قال البنك الدولي إن ضمان إمكانية وصول القطاع الخاص إلى الأسواق والمنافسة على قدم المساواة مع الشركات التي تديرها الحكومات يُعد أمراً حيوياً لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بغرض خلق فرص عمل في منطقة تعاني من أعلى معدلات البطالة بين الشباب في العالم.
واعتبر البنك الدولي في تقرير صادر اليوم الاثنين بعنوان "وظائف لم تتحقق: إعادة تشكيل دور الحكومات تجاه الأسواق والعمالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، أن البطالة المستفحلة، لا سيما بين الشباب والنساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتطلب وجود قطاع خاص أكثر بروزاً وحيوية، فضلاً عن إجراء إصلاحات تنظيمية لأسواق العمل والمنتجات.
ويوصي التقرير بإعادة تشكيل علاقاتها الحكومات مع القطاع الخاص، وتجاه العمال، وعلى نفس القدر من الأهمية تجاه النساء. ف"بدلاً من أن تكون الدولة نشطة في القطاعات الاقتصادية، يجب أن تطلق العنان لقطاعٍ خاصٍ قادرٍ على المنافسة وجيد التنظيم"، حسب ما أوضحه فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وسمال إفريقيا.
ويشير إلى أنه "عوض السيطرة على تحولات العمال وانتقالاتهم عن طريق اللجوء إلى قانون عمل قديم وعفا عليه الزمن، يجب على الدولة إعادة النظر في برامج الحماية الاجتماعية وسوق العمل. وبدلاً من حماية إرث بعض الأعراف التاريخية والاجتماعية، يجب أن تكون الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الوصي الأمين على المساواة بين الجنسين".
وارتفعت معدلات التوظيف في بلدن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 1% سنوياً في المتوسط في شركات القطاع الخاص، مقابل 5% بين البلدان النظيرة متوسطة الدخل.
يلاحظ التقرير أن مشاركة الإناث في القوى العاملة، التي تصل إلى نسبة 20% عد هي الأدنى في العالم، إلى جانب ارتفاع معدل البطالة بين الشباب والذي يقدر بنحو 26%.
ويذهب القرير إلى أن معظم اقتصادات المنطقة تفتقر إلى القدرة على المنافسة في السوق، عازيا ذلك إلى المؤسسات المملوكة للدولة التي تلعب دوراً مهيمناً وتحظى بمعاملة تفضيلية فيما يتعلق بالضرائب والتمويل وأوجه الدعم.
ويؤكد على أن بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتوفر هيئات تعمل كجهات حكومية تنظيمية ومشغلة في المؤسسات المملوكة للدولة، مما يضعف المنافسة، في حين تؤدي ضوابط الأسعار والدعم إلى تقليل الحوافز لمشاركة القطاع الخاص.
وشدد على أن بلدان المنطقة لا تزال تعتمد أيضاً على المهن التي تتطلب مهارات متوسطة، التي يمكن القول بأنها مدفوعة بقطاعاتها العامة الضخمة، حيث يؤدي العمال عدداً أقل بكثير من المهام التي تتطلب مهارات ضرورية لوظائف المستقبل، مثل المهارات المعرفية (الفنية) والاجتماعية والسلوكية رفيعة المستوى.
ويوصي التقرير الحكومات، من أجل تحسين تنافسية السوق، بالحد من هيمنة الشركات المملوكة للدولة، على سبيل المثال، من خلال إلغاء الاستبعاد والاستثناءات من قوانين المنافسة والمشتريات والضرائب المطبقة على الشركات الخاصة.
ويؤكد على ضرورة الانخراط في إصلاحات في بعض البلدان لرفع القيود المفروضة على عمل المرأة في صناعات محددة، وكذلك محدودية ساعات العمل للنساء، وعدم المساواة في الأجور مقارنة بالرجال، وضرورة حصول النساء على إذن الزوج للعمل.
ويستحضر المعارضة السياسية والاجتماعية المحتملة لبعض الإصلاحات، موصيا بنهج التدرج إزاء التغييرات الهيكلية، والتركيز في البداية على القطاعات الصاعدة مثل الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر التي تضم عدداً أقل من الشركات القائمة ومجموعات المصالح القوية للحد من التحديات السياسية.