فيما تصارع الحكومة الألمانية لتأمين غاز الشتاء، تكافح العائلات ذات الدخل المتوسط والمنخفض من أجل التأقلم مع التضخم وارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، وسط اتهامات للسلطات بالتقاعس عن إيجاد الحلول الناجعة لأزمة الغلاء المستفحل.
ووفقا لآخر تقديرات البنك المركزي في ألمانيا، وصل معدل التضخم في البلاد في يوليو/تموز الماضي إلى 7.5 بالمئة، مع توقعات بارتفاعه خلال هذا الخريف إلى خانتين.
وبعد أن كانت تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 50 بالمئة من استهلاكها، بدأت ألمانيا البحث عن تنويع مصادر الغاز، من خلال اتفاقيات وزيارات مسؤوليها لقطر وإسرائيل ودول إفريقية، بحثا عن عقود قصيرة الأجل لتوريد الغاز.
ومع أن برلين فشلت في تحقيق تنويع كبير لمصادر التزود بالغاز الطبيعي، لكنها زادت حصة وارداتها من السوق الأميركية، كأحد البدائل عن الغاز الروسي، والذي تراجعت حصته إلى قرابة 35 بالمئة.
وقالت رامونا، إحدى المتقاعدات في العاصمة برلين، لوكالة الأناضول، إن الناس "قلقون" ويبحثون عن وسائل لخفض تكلفة فواتير الكهرباء والماء.
وأضافت: "قمنا بتغيير أحجام صنابير المياه في المنزل (إلى أحجام أصغر وأفضل توفيرا للمياه)، ونقوم بتشغيل التدفئة في غرفة المعيشة فقط".
وأدت الحرب الروسية على أوكرانيا والتوترات المتزايدة بين برلين وموسكو، إلى ارتفاع أسعار الغاز والنفط، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى.
وقالت سابين، إحدى الأمهات العاملات، للأناضول، إنه حتى في وجود التخفيضات "لا تزال أسعار المواد الغذائية وكل شيء في ارتفاع".
وأضافت: "ما كنت أدفعه سابقا مصاريف لثلاثة أشخاص، أضيف عليه حاليا 50 يورو على الأقل أسبوعيا، أصبح الأمر صعبا للغاية".
المتقاعدون الألمان الأكثر تضرراً من الغلاء
يعد المتقاعدون من بين أكثر الفئات تضرراً من أزمة غلاء المعيشة، حيث يتهم كثيرون الحكومة بالتخلي عنهم.
وقالت جيسيلا، معلمة روضة أطفال متقاعدة، للأناضول، إن المتقاعدين يكافحون لتغطية نفقاتهم اليومية.. "تم التخلي عنا ببساطة، ولم تعد لنا قيمة".
وتابعت: "لم أعد أتسوق في محلات السوبر ماركت، وأذهب فقط إلى المتاجر المخفضة.. أحيانا أفكر فيما إذا كنت سأشتري الفاكهة أم لا".
وقالت بريجيت، المتقاعدة المقيمة في برلين، للأناضول، إن المتقاعدين قلقون من ارتفاع تكاليف الطاقة والإيجارات بشكل أكبر في الأشهر المقبلة.
وأضافت: "ندفع حاليا 50 يورو إضافيا للإيجار الشهري بسبب زيادة تكاليف التشغيل.. نخشى أن يزداد الأمر سوءا، ولكن ماذا يمكننا أن نفعل؟".
عادات جديدة للتأقلم مع تداعيات التضخم في ألمانيا
هذا وقد أجبر ارتفاع أسعار النفط والغاز الناس، على تغيير عاداتهم لتغطية نفقاتهم، حيث لجأوا إلى تغيير طرق التسوق والتقليل من الإنفاق على الإجازات والأنشطة الترفيهية.
الأب ساندرو، قال للأناضول إنه يملك سيارة، لكنه يركب حاليا الدراجة أو القطار، مضيفا أنه يبذل قصارى جهده لمكافحة التضخم وارتفاع فواتير الطاقة.
وأردف: "أحاول عدم استخدام أجهزة التدفئة والأجهزة الكهربائية.. أفعل كل ما بوسعي للتوفير".
بعض الأسعار تضاعفت 3 مرات في ألمانيا
ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الكهرباء بنسبة 25 بالمئة في الشهرين المقبلين لتصل تكلفة فواتير العائلة العادية إلى أكثر من 300 يورو (299 دولارا)، وفق موقع "فيري فوكس" المتخصص بمقارنة الأسعار.
ووفقا لآخر التقديرات، يتعين على الأسر الألمانية دفع نحو 3500 يورو (3498 دولارا) للغاز هذا العام، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كانت تدفعه العام الماضي.
وقال يورجن، أب لأربعة أطفال، للأناضول، إنهم اتخذوا إجراءات لتوفير الطاقة، حتى إنهم يستحمون بالماء البارد، لكن لا يزال من الصعب للغاية التعامل مع ارتفاع فواتير الطاقة.
وانتقد يورجن الحكومة للتخلي عن المواطنين وعدم قيامها بما يكفي لتخفيف الأعباء عنهم.
ألمانيا تسعى لملء خزانات الغاز قبل الشتاء
وقد أبدت الحكومة الألمانية تفاؤلها من عمليات ملء خزانات ومنشآت الغاز الطبيعي، قبيل حلول الشتاء، مع استئناف الإمدادات الروسية، رغم تراجعها، وضبط الاستهلاك محليا.
وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية في بيان صادر، خلال وقت متأخر، الأحد، إن "ملء خزانات الغاز يجري بشكل أسرع من المتوقّع، على الرغم من تراجع الإمدادات الروسية حاليا"، عما كانت عليه قبل الحرب في أوكرانيا.
وذكرت الوزارة أن تقديراتها بالوصول إلى سعة تخزين تبلغ 85 بالمئة بحلول أكتوبر/تشرين أول المقبل، قد تجري بحلول مطلع سبتمبر/أيلول المقبل.
وبلغت الطاقة التخزينية حتى نهاية الأسبوع الماضي 82 بالمئة، بحسب الوزارة، صعودا من 67 بالمئة مطلع يوليو/تموز الماضي.
وبينما كانت ألمانيا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 50 بالمئة من مجمل الاستهلاك قبل الحرب، تراجع حاليا إلى متوسط 30 بالمئة.
ومنتصف الشهر الجاري، أبدت الوكالة الفيدرالية لشبكات الطاقة، الجهة المنظمة للطاقة، تشكيكها بشأن قدرة البلاد على تحقيق هذه الأهداف.
لكن ألمانيا، أعلنت حزمة إجراءات لخفض استهلاك الطاقة الكهربائية، وبالتالي الغاز الطبيعي، إلى جانب إعادة تشغيل محطات توليد الطاقة تعمل على الفحم.
(الأناضول، العربي الجديد)
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
