- ارتفاع معدل التضخم في تونس إلى 9.3% في 2023، متأثراً بزيادة أسعار الغذاء، يعكس تأثيره على القوة الشرائية للدينار وزيادة الأعباء المالية على المواطنين في ظل محدودية الموارد.
- الخبير المالي خالد النوري يشير إلى تضخم عالٍ وهيكلي في تونس يؤدي إلى فقدان الدينار قيمته وتآكل القوة الشرائية، مع استمرار الغلاء وتراجع قيمة الدينار بنسبة 52% مقابل الدولار منذ 2011 حتى 2022، مما يعكس التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة.
طاول التضخم في تونس عيدية الأطفال، أو ما يعرف محليا بـ"المهبة"، حيث زادت قيمتها بسبب هبوط قيمة الدينار والخروج التدريجي للعملات النقدية من دائرة التداول.
والعيدية من التقاليد الأصيلة في فطر التونسيين، حيث يحصل الأطفال على هدايا في شكل ألعاب وأيضاً مبالغ مالية تدرجها الأسر ضمن نفقات العيد.وخلال السنوات الأخيرة، تأثرت العيدية بالأزمة الاقتصادية وتراجع قيمة الدينار، ما تطلب تعديل قيمة الهدايا التي تقدّم للأطفال.
ويقارن رامي حمدي (41 عاما) قيمة العيدية التي جمعها أطفاله الثلاثة بما كان يحصل عليه سابقا عندما كان طفلا، مؤكدا أن هذا المبلغ تضاعف ما لا يقل عن عشرة مرات.وقال: "خلال أوّل أيام عيد الفطر، جمع أطفالي عيدية بقيمة 650 دينارا، أي ما يعادل 310 دولارات، بينما كانت هدية العيد التي أحصل عليها نقدا من عائلتي لا تتجاوز 10 دينارات، أي نحو 3 دولارات على أقصى تقدير قبل 25 عاما.
وتابع: "كانت العيدية لا تتجاوز بعض القطع النقدية المعدنية التي لم يعد لها أي قيمة حاليا، حيث لا يقبل الأطفال إلا الأوراق النقدية من قيمة 10 دينارات على الأقل".
وأضاف: "بات للأطفال تعاملات مالية في سن مبكرة وهو ما يكسبهم القدرة على تقدير قيمتها وتحديد قيمة العيدية التي يطالبون بها".واعتبر المتحدث أن زيادة قيمة "مهبة" عيد الفطر تعكس التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها تونس، كما تظهر أزمة العملة التي انهارت بفعل التضخم، حيث لم يعد لبعض القطع النقدية أي قيمة رغم استمرار تداولها.
ويؤكد حمدي أن الغلاء يؤثر في كل تفاصيل حياة التونسيين ويزيد من التزاماتهم المالية، رغم محدودية الموارد. وقال: "في السابق، كان الغلاء محدودا وكانت نسبة التضخم لا تتجاوز 3% على أقصى تقدير، كما أن الأجور كانت متوافقة مع حاجة المجتمع".وأوضح أنّ القفزة الكبيرة التي حدثت في نسبة التضخم أدت إلى مضاعفة الأسعار بشكل خيالي، كما لم تواكب الزيادة في الرواتب مستويات الأسعار، وهو ما أدى إلى ظهور فجوة بين المنفعة والقيمة الحقيقية للنقود التي يتجه جزء منها للخروج عن الخدمة، ولا سيما النقود المعدنية.
وعديدة هي العملات التي مرت على جيوب التونسيين، حيث كان لقطع النقود المعدنية الصغيرة منها نصيب مهم، قبل أن تسقط من دائرة التداول متأثرة بموجات التضخم الذي أنهى مفعولها المالي رغم تواصل وضعها القانوني.وفي يناير/كانون الثاني الماضي، قال معهد الإحصاءات الحكومي إن متوسط معدل التضخم بالبلاد ارتفع إلى 9.3% في 2023 مقابل 8.3% في 2022، متأثرا بارتفاع أسعار الغذاء.
وفي تونس، لا يتجاوز الأجر الأدنى المضمون 480 دينارا، كما لا يتعدى متوسط أجور موظفي القطاع الحكومي 1380 دينارا، بينما لا يتجاوز متوسط الأجر الأساسي للتونسيين 924 دينارا، وفق بيانات رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي.ويؤكد الخبير المالي خالد النوري أن من أبرز خصائص التضخم أنه يفقد العملات، سواء المعدنية أو الأوراق النقدية، قيمتها، ما يتسبب في تآكل القيمة مقابل ارتفاع حجم الكتلة النقدية المتداولة،
وأفاد النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن تونس تحت تأثير موجة تضخم عالية وهيكلية، من أبرز نتائجها فقدان العملة المحلية قيمتها.ورجّح أن يتواصل الغلاء عند مستويات عالية هذا العام، في ظل بقاء أسبابه ومن أبرزها ضعف النمو الاقتصادي. وقدرّ المرصد التونسي للاقتصاد في تقرير سابق له صدر سنة 2023 نسبة تراجع قيمة الدينار التونسي في الفترة الممتدة ما بين 2011 و 2022 بـ52% مقابل الدولار الأميركي.