استمع إلى الملخص
- استجابة للأزمة، أعلنت السلطات عن استيراد 100 ألف عجلة مع خطط لاستيراد 200 ألف أخرى، وزيادة إنتاج مصنع "إيريس" المحلي إلى 4 ملايين إطار سنوياً لتلبية الطلب المحلي.
- أشار خبراء إلى أن تقليص الاستيراد ساهم في تفاقم الأزمة، مقترحين استيراد دوري للعجلات لضمان سلامة المركبات وتجنب الحوادث.
فجأة برزت أزمة في الجزائر كانت إلى أيام قليلة صامتة، أظهرت ندرة حادة في عجلات (إطارات) المركبات على اختلافها سواء سيارات أو شاحنات، مع ارتفاع جنوني في الأسعار لم يجد له المواطنون تفسيراً وتضاعفها تقريباً بثلاث مرات رغم وجود إنتاج محلي، وهو ما ألقى بظلاله على وسائل النقل.
خروج أزمة العجلات المطاطية التي كانت صامتة إلى العلن، تزامن مع إضراب محدود شنه ناقلو المواصلات العامة في عدة ولايات نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، على غرار محافظات ميلة وجيجل والشلف وتيبازة وغيرها.
وفي وقت أكدت فيه السلطات أن الإضراب غير شرعي ولم يستوف الشروط القانونية لشنه، طالب المضربون بمراجعة تسعيرات النقل بالنظر إلى التكاليف والنفقات الكبيرة التي يتكبدونها في ظل غلاء قطع الغيار وقلتها، ولكن على وجه الخصوص الارتفاع الجنوبي والندرة الحادة في إطارات (عجلات) المركبات.
وانتشر فيديو على نطاق واسع وجرى تداوله عبر مختلف المنصات الاجتماعية، لأحد الناقلين بولاية الشلف غربي الجزائر العاصمة، تضمن ما يشبه "صرخة"، تحدث فيه عن وضعيته الصعبة وتوقفه عن العمل ليس بداعي الإضراب وإنما لعدم توفره على إطارات صالحة للسير.
ويقول صاحب الحافلة في الفيديو إنه اضطر إلى إعارة 3 عجلات من أحد أصدقائه حتى يتمكن من السير بالنظر إلى وضعية إطاراته المهترئة. وعبر بالقول: "بأموالك لا تستطيع شراء عجلة بالنظر إلى الغلاء من جهة ولكن وعلى وجه الخصوص لندرتها من جهة أخرى".
وبحسب الشخص الذي ظهر في الفيديو وهو يعرض إطاراً للحافلة قد تآكل عن آخره تقريباً، كان سعر عجلة الحافلة 15 ألف دينار (113 دولاراً)، لكن وصل سعره إلى 52 ألف دينار ما يقارب 400 دولار (تضاعف تقريباً بثلاث مرات) مع ندرة حادة وصعوبة كبيرة في العثور عليه.
جولة ميدانية في أسواق الجزائر
في جولة قادت "العربي الجديد" إلى منطقة برج الكيفان الساحلية بالضاحية الشرقية للجزائر العاصمة، التي تشتهر ببيع العجلات وإصلاحها، وقفنا على ندرة حقيقية في العديد من قياسات العجلات وأيضاً ارتفاع في الأسعار.
وعلى سبيل المثال بلغ سعر عجلة بقياس (215/45/16) صينية الصنع، التي تستعمل كثيراً في سيارات فولكسفاغن وسكودا 16 ألف دينار (121 دولاراً)، بينما يراوح سعر القياس نفسه من علامات أوروبية (فرنسية وإيطالية وبريطانية) ما بين 25 إلى 30 ألف دينار (190 /227 دولاراً).
وبحسب باعة تحدثت إليهم "العربي الجديد" ببرج الكيفان، كان سعر عجلة بقياس (215/45/16) يقدر مطلع السنة الماضية بما بين 10000 دينار إلى 11 ألف دينار في أقصى تقدير (83 دولاراً).
وأرجع الباعة هذه الوضعية إلى قلة المعروض من العجلات المستوردة التي صار الحصول عليها أمراً مستعصياً، فضلاً عن عدم كفاية الإنتاج المحلي في تغطية احتياجات السوق، مشيرين إلى أنه في ظل الأسعار المرتفعة زاد الطلب كثيراً على الإطارات الصينية التي تعتبر أقل تكلفة مقارنة بالمنتجات القادمة من أوروبا.
يذكر أن الجزائر تطبق منذ سنوات إجراءات حمائية على مئات المنتجات، بهدف تحجيم الواردات وكبح نزيف النقد الأجنبي من جهة، ودفع الإنتاج الصناعي المحلي من جهة أخرى.
استيراد مستعجل ورفع الإنتاج
في خضم الجدل أعلنت السلطات الجزائرية استيراد 100 ألف عجلة من مختلف القياسات، وفي انتظار استيراد 200 ألف أخرى في نهاية العام الجاري، لمواجهة الطلب الكبير. ووفق مصادر قريبة من الدوائر الرسمية، شرعت وزارة التجارة، في استيراد كميات ضخمة من العجلات المطاطية بمختلف الأحجام بهدف تلبية حاجيات السوق الوطنية وخفض الأسعار. وكشف بيان للوزارة، أنه تم ضخ بالفعل كمية أولى قدرها 100 ألف وحدة من العجلات المطاطية المستوردة في شبكة التوزيع الوطنية انطلاقاً من ولاية عين مليلة.
ويبلغ عدد السيارات في الجزائر، بحسب بيانات وزارة النقل، أكثر من 8 ملايين مركبة باحتساب الشاحنات والحافلات أيضاً.
وتزامناً مع هذه الأزمة أصدر مصنع "إيريس" المحلي للإطارات في الجزائر، بياناً في وقت سابق تبرأ فيه من زيادات في أسعار منتجاته لا تتطابق تماماً مع الأسعار المطبقة.
وجاء في البيان: "تتوجه شركة إيريس لصناعة إطارات العجلات لزبائنها الكرام بجملة من التوضيحات نتيجة لما عاينته من ارتفاع ملحوظ في أسعار إطارات السيارات في السوق".
وشدّد المصنع الجزائري للعجلات على أنه سيواصل العمل على توفير مختلف إطارات السيارات السياحية والنفعية (التجارية)، موضحاً أن قدرته الإنتاجية تضاعفت تدريجياً لتصل إلى 4 ملايين إطار في السنة وذلك بعدما دخل مشروع التوسعة حيز الخدمة هذا الأسبوع.
حلول ممكنة
في هذا السياق، يرى خبير وباحث دولي في السلامة المرورية، امحمد كواش، أن أزمة العجلات في الجزائر قد طفت فعلاً إلى السطح في الفترة الأخيرة خصوصاً مركبات خدمات نقل البضائع والمواصلات العامة (المسافرين).
ولفت كواش في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن الجزائر شهدت في السنوات الأخيرة تقليصاً في عمليات الاستيراد بصفة عامة، ما سبّب من جهة غلاء في قطاع الغيار المختلفة ومنها إطارات المركبات، وهي الوضعية التي خلقت صعوبات كبيرة في الحصول على قطع الغيار الأصلية وعدم القدرة على الوصول إليها.
يعلق بالقول: "في ظل هذه الوضعية الكثير من أصحاب المركبات صاروا يستعملون عجلات ملساء أو اللجوء إلى الإطارات المستعملة".
ويدعو الخبير في السلامة المرورية إلى ضرورة توفير العجلات عبر الاستيراد خصوصاً مركبات الخدمات على غرار شاحنات نقل البضائع والمواصلات العامة، واقترح حلّاً مؤقتاً توزيعَ العجلات على هذه الفئات بشكل دوري، خصوصاً أن حوادث المرور التي يسبّبها هذا النوع من المركبات تنجم عنه آثار وخيمة.
وشدد المتحدث على أن العجلة هي النقطة الأساسية في تلاحم المركبة مع الطريق، وأي خلل يؤدي إلى وقوع حوادث مرور بفعل الانزلاق وعدم التحكم في نظام التوازن، ولذلك يعتبر توفيرها أكثر من ضرورة.