الحرائق تفاقم معاناة السوريين: ملايين الأشجار المثمرة تتحول لرماد وزيادة أسعار اللحوم والخضر
أجهزت الحرائق التي اندلعت بثلاث مدن سورية الأسبوع الماضي، على الآمال المتبقية لمواجهة التجويع والتفقير الذي يعيشه السوريون.
فقد أكد رئيس اتحاد فلاحي اللاذقية، حكمت صقر، تضرر 28 ألف عائلة في محافظة اللاذقية فقط، وربما مثلهم أو أقل بشيء يسير في محافظتي حمص وطرطوس.
وخالف صقر تصريحات وزير الزراعة وتقديرات حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد التي تجاهلت خسائر الفلاحين، وصبت تركيزها على الغابات فقط، إذ قدر رئيس اتحاد الفلاحين بالمحافظة عدد الأشجار المثمرة المحترقة بنحو 5 ملايين، منها 3.3 ملايين شجرة زيتون ونحو 1.340 مليون شجرة حمضيات، إضافة إلى أضرار بالغة تكبدها المزارعون، جراء احتراق بيوت بلاستيكية ومزارع خضر وتبغ وخلايا نحل.
ويشير صقر خلال تصريحات صحافية اليوم، إلى نفوق أبقار وتضرر شبكات الري، بعد احتراق المزارع والمراعي التي ستنعكس على توفر الخضر واللحوم بالأسواق السورية.
في حين ركز وزير الزراعة بحكومة الأسد خلال تصريحات أمس الأول، على حرائق الغابات متجاهلاً الأراضي الزراعية والأشجار المثمرة ومزارع الفلاحين، مقدراً المساحات المحروقة بنحو 11 ألفًا و500 هكتار في محافظتي طرطوس واللاذقية، وأن 60% من المساحات هي أراضٍ حرجية، ولا يتعدى إجمالي المساحات المزروعة في الأراضي الزراعية المحروقة 4%.
وكان رئيس "الجمعية الحرفية للحامين بسورية، أدمون قطيش، قد توقع زيادة أسعار اللحوم بسبب الزيادة التي قد تطرأ على أسعار الأعلاف، نتيجة تضرر جزء من موسمه بالحرائق.
وشهدت أسعار اللحوم ارتفاعات بأكثر من 35% خلال العام الجاري، إذ سجل سعر كيلو الضأن بحسب مصادر من دمشق 22 ألف ليرة، وكيلو شرحات العجل 20 ألف ليرة، وسعر كيلو شرحات الدجاج 9 آلاف ليرة، في المقابل ارتفعت أسعار الخضر والفواكه بنحو 30%، ليصل سعر كيلو البندورة إلى 450 ليرة والبطاطا 400 ليرة والباذنجان 500 ليرة، في حين طاولت ارتفاعات الأسعار الفواكه بنسب أعلى، ليصل كيلو البرتقال إلى 800 ليرة والتفاح 1500 ليرة والإجاص 1600 ليرة سورية "الدولار 2350 ليرة".
ويرى الاقتصادي السوري محمود حسين أن كل هذه الأرقام والتوقعات أولية، لأن الآثار الحقيقية للحرائق، لما تتجلَّ بعد، فإن قلنا إن أكثر من 3 ملايين شجرة زيتون قد احترقت، فما هو الأثر على عرض الزيت بالأسواق وأسعاره، وهذا ينطبق على الخضار والفواكه.
ويشير حسين، لـ"العربي الجديد"، إلى أن أشجار الزيتون متوزعة بسورية بمحافظة إدلب أولاً ومن ثم بالساحل السوري، وأشجار إدلب مهملة بسبب الحرب وأشجار الساحل طاولت بعضها النيران، مقدراً تراجع الإنتاج لهذا العام بأكثر من 30%، علماً أن متوسط الإنتاج السوري من زيت الزيتون يتجاوز 150 ألف طن، ويقترب إنتاج الحمضيات من 900 ألف طن.
وحول ما أعلنته حكومة الأسد من تعويض المتضررين وإسعاف الموسم، يقول الاقتصادي السوري، الرقم المعلن هو 500 مليون ليرة سورية، لكنه لن يقدم مباشرة للفلاحين، بمعنى سيصرف على التشجير وتلافي الأضرار، وبحسب ما قال وزير الزراعة بحكومة الأسد، سيتم منح الفلاحين قروضاً مصرفية بفوائد قليلة، وهذا أمر عجيب ومضحك، يقول الاقتصادي السوري، لأن عبء تسديد القروض وإن كانت من دون فائدة، سيرهق السوريين الذين يتحايلون أصلاً لتدبر معيشتهم، فضلاً عن تواضع حجم القروض التي لا يمكن أن تعوض للمتضررين أو تعيد الوضع لما كان عليه.
ويعاني السوريون من سياسة التفقير التي يعتمدها نظام بشار الأسد منذ اندلاع ثورتهم عام 2011، ففي حين تصدرت سورية قائمة الدول الأكثر فقرا بالعالم وفق مؤشرات دولية، بعد أن تعدت نسبة البطالة 82% والفقر 90% ومتوسط دخل لا يزيد عن 50 ليرة، كشف المكتب المركزي للإحصاء بدمشق" مؤسسة حكومية" ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية للأسرة في مناطق سيطرة النظام 85%، لتصل إلى أكثر من 600 ألف ليرة سورية شهريا.
وكشف المكتب الحكومي خلال بيان أخيراً، أن التكاليف المعيشية للأسرة السورية المكونة من 5 أشخاص، ارتفعت بنسبة 85% لتبلغ نحو 660 ألف ليرة سورية في نهاية شهر أيلول 2020، مقارنة عما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، موضحاً أن تكاليف الضرورات الغذائية تصل إلى 275 ألف ليرة للأسرة، وبإضافة الزيوت والمشروبات الأساسية تصل التكلفة إلى 311 ألفا شهريا.
وكانت منظمة الأمم المتحدة قد كشفت أخيراً، أن أكثر من 11 مليون شخص في سورية يحتاجون للمساعدة الإنسانية، وأن 9.3 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي هناك، معربة في الوقت ذاته عن قلقها من تداعيات الانكماش الاقتصادي المتواصل في سورية.
كما ذكر المكتب المركزي للإحصاء بسورية في مايو/أيار الماضي، أن 80% من السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام يعيشون تحت خط الفقر المدقع.