يرى محللون أن أسعار الذهب في طريقها لتجاوز 2000 دولار للأوقية (الأونصة) خلال العام الجاري، مستفيدة من عدة عوامل داعمة لمشتريات المعدن الثمين، منها احتمالية توقف البنوك المركزية عن رفع أسعار الفائدة وزيادة المخاطر الجيوسياسية.
وبدأت أسعار الذهب مرتفعة بقوة خلال العام الجاري مستفيدة من تراجع الدولار، وسط توقعات من البنوك الأميركية بأن مجلس الاحتياط الفيدرالي ربما يتوقف عن رفع سعر الفائدة في نهاية الربع الأول من العام الجاري.
وتتخوف البنوك التجارية الكبرى في الولايات المتحدة من الزيادات المستمرة والسريعة للفائدة على الدولار، التي ربما ستؤدي إلى سقوط الاقتصاد الأميركي في دورة ركود عميقة.
وحقق الذهب حتى الآن أطول سلسلة مكاسب أسبوعية خلال العام الجاري، حيث ارتفع سعر الأونصة أو "أوقية الذهب" بنسبة 17% منذ نوفمبر/ تشرين الثاني في العام الماضي 2022 وحتى يوم الأربعاء، حسب بيانات شركة " كابيتال.كوم".
ويرى خبير الذهب الأميركي جستن ماكوين، في تحليل بـ"كابيتال.كوم"، أن نبرة رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، غير المتشددة لا تعكس الرغبة في استمرار رفع سعر الفائدة الأميركية، كما أن إعادة فتح الاقتصاد الصيني ستدعم ارتفاع مشتريات الذهب خلال العام الجاري.
ويضيف أن فتح الاقتصاد الصيني سيزيد من الطلب على المعدن الثمين، حيث إن كلاً من الصين والهند من كبار الدول في العالم التي تشتري الذهب لأغراض الحلي والمجوهرات.
من جانبه، قال مدير تداول المعادن الثمينة لدى شركة "هاي ريدج فيوتشرز"، ديفيد ميجر، إنه لا يستبعد صعود الذهب. ويضيف: "نعتقد أن مزيجاً من ضعف الدولار ومخاوف التضخم سيستمر في دعم الذهب".
وتشير العديد من المؤشرات إلى ارتفاع مستمر بالأصول في الأسواق الناشئة، في حين يقول محللون إن سعر الدولار سيتراجع خلال العام الجاري.
ويرى محلل مجموعة "تيدال فايننشال غروب" الأميركية، مايكل جيد، الذي يتمتع بخبرة عقدين تقريبًا في مجال التمويل وقد أطلق العديد من الصناديق المشتركة وصناديق الاستثمار المتداولة، أن سعر الذهب في طريقه للارتفاع.
وقال جيد، حسب موقع" إنفستنغ.كوم": "لم يعد الدولار أفضل وسيلة للتحوط من التضخم". ويرى أن الدولار الضعيف سيكون داعمًا للأسواق الناشئة خلال العام الجاري. ومعروف أن سعر الذهب يتحرك في اتجاه معاكس للدولار.
وكلما زادت الشكوك حول مركز الدولار كعملة "ملاذ آمن"، اتجه المستثمرون للتحوط عبر شراء الذهب. كما أن أسعار الذهب تستفيد عادة من التضخم المرتفع، حيث يخاف أصحاب الثروات من تآكل القيمة الحقيقة لأموالهم.
وتاريخيًا، كانت فترات التضخم المرتفع إيجابية بالنسبة لسعر الذهب، حيث يميل المستثمرون إلى الهروب من العملات الورقية نحو المعدن الأصفر. وتعد السياسة النقدية التي تنتهجها البنوك المركزية أساسية في السيطرة على التضخم، وبالتالي ستدفع سعر الذهب.
وعندما يرتفع الدولار مقابل العملات العالمية، يصبح الذهب أكثر تكلفة للمستثمرين، وحينما ينخفض يدعم عمليات شراء المعدن الثمين. ولا يستبعد محللون أن يتجاوز الذهب حاجز 2000 دولار خلال العام الجاري.
ولاحظ محللون أن الدولار استفاد كذلك، خلال العام الماضي، من بيئة الاقتصاد الكلي المضطربة في العالم، التي صاحبتها مخاوف بشأن ارتفاع التضخم وحدوث ركود وتباطؤ بالنمو الاقتصادي في الصين وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية.
وهذه كلها عوامل تدفع المستثمرين للاحتماء بأصول الدول القوية، وهي الولايات المتحدة. ودفع ذلك المستثمرين إلى بيع أصول أخرى لصالح الاحتفاظ بالدولار. ولكن هذه العوامل باتت تتراجع خلال العام الجاري.
وتشير بيانات مجلس الذهب العالمي إلى أن البنوك المركزية تواصل شراء الذهب للتحوط من احتمالات تقلبات الدولار خلال العام الجاري، حيث إن هنالك شكوكاً حول توجهات الاقتصاد الأميركي التي تحكم أداء الدولار.
وأظهرت أحدث بيانات مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية اشترت 50 طنا من المعدن الأصفر على أساس صاف خلال نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي 2022، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 47% عن أرقام أكتوبر/تشرين الأول المعدلة البالغة 34 طناً.
ومن هذا الإجمالي الصافي، استحوذت 3 بنوك مركزية على إجمالي مشتريات 45 طنًا، بينما ساهم اثنان إلى حد كبير في إجمالي المبيعات البالغة 5 أطنان، ما يدل على قوة الطلب، وفقا لما ذكره "مجلس الذهب العالمي".