الركود يضرب أسواق إدلب مع حلول عيد الفطر
عبدالله البشير
عامر السيد علي
- تجار المدينة يواجهون تراجعًا في الحركة التجارية وضعف الإقبال من الزبائن بسبب ارتفاع الأسعار وتناقص دخل السكان، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
- الوضع الاقتصادي الصعب يؤثر على تقاليد العيد، حيث يجد السكان صعوبة في شراء كسوة العيد والحلويات التقليدية، مع معاناة البعض من ظروف معيشية قاسية تحول دون تحقيق رغباتهم في العيد.
تسيطر حالة من الهدوء وضعف إقبال من المواطنين على حركة الأسواق في مدينة إدلب شمال غربي سورية مع حلول عيد الفطر المبارك، وذلك مقارنة بالكثافة البشرية في المدينة التي بلغ عدد سكانها أكثر من 400 ألف نسمة من سكانها الأصليين والمهجرين إليها.
ومدينة إدلب تُعتبر أفضل حالاً من ريفها أو المخيمات في منطقة تجاوز أكثر من 90% من سكانها حد الفقر حسب إحصائيات صادرة عن فريق "منسقو استجابة سورية" المختص بمراقبة الوضع الإنساني في المنطقة.
وفي مثل هذه الأيام تنتعش حركة الأسواق لإقبال الأهالي على شراء كسوة العيد أو الضيافة، لكن عبد الرحمن علوش وهو صاحب محل ألبسة أطفال في سوق مدينة إدلب قال لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لمحلي البيعُ جيد، لكنني افتقدت العديد من الزبائن الذين اعتدت رؤيتهم في كل موسم".
وأرجع علوش الذي يعد متجره أحد أكبر المحلات في إدلب، السبب إلى "ارتفاع الأسعار من مصدرها في تركيا، حيث ارتفع ثمن الألبسة حوالي 25% حتى أن المعاملة مع التجار أصبحت بالدولار الأميركي بعدما كانت سابقاً بالليرة التركية".
أما محمد داكل صاحب محل تجاري في سوق مدينة إدلب، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن "الحركة التجارية في تراجع مستمر بكل موسم عن السنوات الفائتة، وذلك بسبب تناقص مدخول الناس هنا بالإضافة لتضخم أسعار المنتجات".
وأضاف: "دخلنا موسم العيد، إلا أننا اكتفينا بعدد محدود من الألبسة أقل من المعتاد لأننا في نهاية فصل الشتاء واقتراب فصل الصيف إضافة إلى الغلاء وضعف إقبال الزبائن".
ولم يقتصر ضعف الحركة التجارية في إدلب على المحلات التجارية الصغيرة، بل شمل أيضا البسطات الشعبية التي تحتوي على بضاعة أقل جودة من التي في المحلات، حيث يشتكي أيضا مالكي البسطات من الإقبال الضعيف رغم السعر المناسب لشريحة واسعة من الناس من حيث القدرة الشرائية مقارنة بالبضائع الموجودة في المحال التجارية وحتى تلك الموجودة في الأسواق الشعبية.
ماجد الحو صاحب بسطة أحذية مهجر من دمشق يقول لـ"العربي الجديد": "أعمل على بسطة الأحذية منذ ثلاث سنوات وألاحق الأسواق الشعبية في المدن المجاورة المعروفة محليا باسم بازار، والآن في موسم العيد أقمت بسطتي وسط سوق مدينة إدلب، ومن المفترض أن يكون البيع أفضل هنا من حيث المكان والوقت ولكن يوجد تقارب بعدد القطع المبيعة اليوم في موسم العيد بعدد القطع المبيعة عادة في البازار".
من جانبه، يقول محمد الأصفر المهجر من مدينة معرة النعمان والذي يساعده في البيع لـ"العربي الجديد": "أنا عامل مياومة هنا وأتقاضى مبلغ 75 ليرة تركية (2.35 دولار) أجرة اليوم ولذلك لا أستطيع ولا أفكر حتى بشراء كسوة العيد لطفلي، ظروف الحياة قاسية جدا هنا ويصعب عليّ أنني لم أتمكن من شراء أي شيء لطفلي كما كان يفعل والدي معنا عندما كنا أطفال أنا وإخوتي".
والبعض من السكان في المدينة يفكر في التخلي عن شراء ملابس جديدة لأطفاله مع حلول العيد، ومنهم أيمن قوصرة وهو أب لطفل وفتاة ويعمل في مجال تركيب ألواح الطاقة الشمسية، والذي أكد لـ"العربي الجديد" أنه "لا يفكر أبدا بشراء كسوة العيد لنفسه أو لزوجته".
وأضاف أن "شراء كسوة الأطفال أهم، استطعت شراء لباس وحذاء لابني محمد بقيمة 50 دولارا أميركيا، وهمي الآن أن أتمكن من شراء كسوة العيد لابنتي التي تبلغ من العمر أربعة عشر عاما، أعتقد أن كسوتها تحتاج لمبلغ 75 دولارا ويصعب جدا تأمين هذا المبلغ قبل حلول عيد الفطر".
أما شقيقه أنس قوصرة العامل في محل لبيع الورود بمدينة إدلب فيقول لـ"العربي الجديد": "تمكنت بصعوبة شراء كسوة العيد لطفلي وطفلتي من مستوى متوسط الجودة بمبلغ 50 دولارا أميركيا، لكنني لا أفكر بشراء ضيافة العيد أو إعداد الحلويات بسبب ارتفاع الأسعار التي لا تناسب مدخولي بالإضافة أننا في سورية نفتقد بهجة العيد لظروف الحرب القاسية".
ولم يقتصر ضعف الحركة التجارية في سوق مدينة إدلب على الكسوة سواء ألبسة أو أحذية بل كل شيء حتى حلويات العيد وضيافته التي هي من أهم طقوس الأعياد، كون السكان في المدينة يعانون من قلة فرص العمل وارتفاع الأسعار، والتضخم الذي يواجه الليرة التركية، إذ إن الليرة التركية معتمدة في المنطقة كعملة أساسية.
وفي السياق، يقول أحمد دربيس صاحب محل ضيافة وسط سوق مدينة إدلب لـ"العربي الجديد": "أنا في محلي هذا مختص بضيافة المناسبات من شوكولا وراحة وغيرهما من خمسة وثلاثين عاما ولي زبائني، لكن القدرة الشرائية للناس قد انخفضت كثيرا وما لاحظته على زبائن محلي الذين اعتدت على بيعهم منذ سنوات طويلة أنهم اكتفوا بنصف الكمية التي كانوا يشترونها عادة".
ويعيش السكان في منطقة شمال غرب سورية أزمات عدة على مستوى المعيشة والاقتصاد، لأسباب منها البطالة بالدرجة الأولى وتراجع دعم المنظمات الإنسانية بشكل كبير، مقابل ارتفاع كبير في الأسعار مقارنة بالسنوات السابقة، مع تراجع سعر صرف الليرة التركية المتواصل أمام الدولار .