السائقون العموميون في لبنان يواصلون تحركاتهم تزامناً مع اجتماعات رسمية مكثفة "بلا نتيجة"
تستمرّ تحرّكات سائقي السيارات العمومية في لبنان على وقع زيادة أسعار المحروقات من دون أن تلقى آذان المسؤولين غير الصاغية حتى الساعة لمطالبهم ومعاناتهم التي فاقمها رفع الدعم والغلاء المعيشي في ظلّ غياب أي خطوة علاجية ملموسة أو بدائل للصمود.
وقطع سائقو السيارات العمومية يوم الاثنين عدداً من الطرقات خصوصاً في العاصمة اللبنانية وصيدا جنوبي البلاد احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات والفوضى الكبيرة التي يشهدها القطاع وسط تجاوزات فاضحة للسائقين غير الشرعيين الذين يعملون لحسابهم الخاص أو لشركات أجرة بلوحات خصوصية وهو ما يؤثر كذلك عليهم، نظراً للتكاليف والمتوجبات والبدلات الملقاة عليهم بعكس المخالفين.
وحمل تحرّك السائقين شعار "جعنا" بعدما تخطى سعر صفيحة البنزين عتبة الـ300 ألف ليرة عدا عن الزيادة الكبيرة التي طاولت أسعار المازوت والغاز المرفق بغلاء معيشي كبير وغير مسبوق، وقد انسحب على الخبز والمياه ومختلف أنواع السلع والمواد الغذائية التي لا يمكن الاستغناء عنها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخدمات الأساسية.
وقد عبّر السائقون عن غضبهم لما وصلت إليه الأمور، وطالبوا بحلّ سريع للأزمة، خصوصاً أنّ الغلاء طاول أيضاً قطع الغيار وصيانة السيارات التي باتت أسعارها إما بالدولار النقدي أو تبعاً لسعر الصرف اليومي، ما يجعلهم غير قادرين على متابعة عملهم وهم لا يجنون أي ربح أو بدل يؤمن لهم الحد الأدنى للصمود.
كما سأل السائقون عن مصير البطاقة التمويلية والوعود الكثيرة التي سمعوها من المعنيين على سبيل الحلول لمعالجة الأزمة، والتي تتبخر بعد كل تصريح أو موقف أو اجتماع من دون أي نتيجة ملموسة.
وفي وقتٍ لم يلتئم مجلس الوزراء منذ تاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول في ظلّ استمرار الخلاف حول مصير المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، ترأس ميقاتي اجتماعاً صباح الاثنين لبحث الأوضاع الاقتصادية، قبل أن يتوجه إلى العراق في زيارة رسمية التقى خلالها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بحيث أكد مصدر مقرب من ميقاتي لـ"العربي الجديد" أنّ المباحثات تطرقت إلى وضع لبنان في ظلّ الأزمة الراهنة وملف النفط العراقي وسبل التعاون في المرحلة المقبلة.
وحضر الاجتماع الذي ترأسه ميقاتي قبيل سفره وزير العمل مصطفى بيرم وقد ضمّ رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، ورئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، في السراي الحكومي تم خلاله بحث الأوضاع الاقتصادية، وذلك تمهيداً لاجتماع لجنة المؤشر الذي يُعقد الأربعاء في وزارة العمل ويتعلق بتحسين الرواتب والأجور في القطاع الخاص.
وقال وزير العمل اللبناني "نحن في مرحلة إدارة الأزمة، وبالتالي فإنّ الحلول ليست حلول ازدهار، بل إدارة أزمة تنقسم إلى عدة أقسام، وهي بدل النقل ليكون موحداً بين القطاعَيْن العام والخاص، ومسألة البدل المتعلق بالمنحة التعليمية لكلّ ولد في القطاع الرسمي والمدارس الخاصة، وتم الاتفاق أيضاً على إمكانية منح سلفة شهرية للقطاع الخاص، وهذه الأمور ستكون قيد الدرس بطريقة علمية متوازنة في لجنة المؤشر"، مضيفاً "كما جرى البحث بشكل معمق في مسألة تعويضات نهاية الخدمة".
من جهته، قال الأسمر "اتفقنا على تفعيل ودعم خطة النقل العام التي يتم تمويلها من البنك الدولي وتبلغ تكلفتها 290 مليون دولار، ودعم النقل الخاص بحسب الخطة الموضوعة، وسيكون للاتحاد العمالي تحرك الأربعاء المقبل وهو يوم غضب من أجل تنفيذ الخطة، وتم الاتفاق مع الرئيس ميقاتي على استكمال البحث بها".
ولفت الأسمر بحسب بيان وزعه المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء بعد الاجتماع إلى أنه بالنسبة إلى القطاع العام فقد تم الاتفاق على استكمال البحث لتحديد ماهية القطاع العام ورفعه إلى مجلس الوزراء أما بالنسبة إلى القطاع الخاص فإن البحث يتركز حول إراحة الموظف لأن لجنة المؤشر قد تأخذ وقتها للبحث عن حد أدنى للأجور أو عن رفع لملحقات الأجر وشطوره، وخلال فترة البحث لا يمكن أن يبقى العمال بانتظار الدراسات، لذلك كان هناك اقتراح لمنح سلف للقطاع الخاص أسوة بما هو حاصل في القطاع العام وسيكون هناك بحث بموضوع السلف مع وزير العمل والهيئات الاقتصادية".
على صعيدٍ آخر، قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان بعد جلسة عقدتها اللجنة الاثنين بحضور وزير المال يوسف الخليل "إما هناك وزارة مالية أم لا، لذلك طالبنا بتزويدنا بكلفة اقتراح مساعدة اجتماعية للقطاع العام لمدة سنة وهو ضرورة وحاجة للعسكري والموظف في ظل غياب البطاقة التمويلية".
وأضاف كنعان "إذا أردنا دولة بالحدِّ الأدنى وأن يصل الموظف إلى عمله فيجب إقرار المساعدة الاجتماعية للقطاع العام لمدة سنة"، مشيراً إلى أن "الناس لم تحصل على حقوقها يوماً إلّا في زمن الانتخابات لإرضائها ويكفي تكاذباً والمطلوب كلمة حق وتحمّل مسؤولية الفساد والانهيار لا تحميلها للمواطن".
وأكد كنعان أن "على الدولة واجبات والقول متى البطاقة التمويلية ومن أين تمويلها ومتى سيطبق القانون وإما تتفضل وتعطي مساعدة اجتماعية لمدة سنة للقطاع العام لتهدئة الوضع وتأمين استمرارية الدولة"، مشيراً إلى أن "الأهم تأمين لقمة عيش الناس واستمرارية البلد حتى يبقى مواطن يستطيع الخروج من منزله والذهاب للإدلاء بصوته في صندوق الاقتراع".