استمع إلى الملخص
- وزارة النفط السودانية أصدرت ضوابط جديدة لاستيراد الوقود بالتعاون مع بنك السودان المركزي، وأكد المحلل الاقتصادي عادل عبد العزيز على أهمية المحفظة في ضبط الاستيراد ومنع تهريب السلع.
- الخبير المصرفي لؤي عبد المنعم أشار إلى تأثير الحرب على تراجع الإيرادات وارتفاع الأسعار، وأكد على أهمية المحفظة في توفير العملة الحرة وفرض ضوابط جديدة لتوظيفها بشكل أمثل.
أعلن بنك السودان المركزي عن إطلاق محفظة سلعية بقيمة مليار دولار لتمويل استيراد السلع الاستراتيجية المحددة من قبل وزارة التجارة والتموين، وتشمل المواد البترولية، القمح، الدقيق، الدواء، وذلك لخفض الطلب على النقد الأجنبي، وتحقيق الاستقرار في معدل التضخم.
وأشار البنك المركزي في بيان إلى استمرار جهوده بالتنسيق مع المحفظة والمؤسسات المالية والإقليمية والدولية لزيادة موارد النقد الأجنبي لتمويل استيراد السلع الأخرى والحصول على قروض للحفاظ على استقرار سعر الصرف. وكشف البنك عن منشور مرتقب للمصارف لتوضيح آلية عمل المحفظة وبعض التعديلات على ضوابط الاستيراد، وذلك في إطار مجابهته للتحديات الاقتصادية الراهنة.
وأصدرت وزارة النفط السودانية ضوابط جديدة لاستيراد الوقود بالاتفاق مع الجهات ذات الصلة، ونصت على تكوين محفظة استراتيجية بمبادرة من بنك السودان المركزي، لتوفير العملة الحرة للمستوردين، وحظرت الضوابط على الشركات المستوردة استيراد أي مواد بترولية من دون إذن مسبق من الوزارة.
وقال المحلل الاقتصادي عادل عبد العزيز لـ"العربي الجديد"، إن السودان يحتاج لما بين 100 إلى 150 مليون دولار شهريا لاستيراد المواد البترولية من بنزين وسولار ومازوت وغيرها، وأشار إلى أهميتها في إنتاج الكهرباء وتحريك الأساطيل لنقل المنتجات المختلفة، وأيضاً لحركة المركبات العامة والخاصة لنقل المواطنين يوميا، ولفت إلى أن تكوين محفظة استراتيجية لاستيراد السلع الرئيسية هو حل ملائم شرط ضبط الاستيراد بصورة واضحة جدا بحيث لا يحدث انفلات في الكميات التي يتم استيرادها او تهريب بعضها إلى دول الجوار.
الاستيراد إلى السودان
وقال الوزير السابق للنفط إسحاق جماع لـ"العربي الجديد": "حذرنا من قبل من فتح باب الاستيراد الحر للمنتجات البترولية لكل من يرغب، لكونها سلعة وسيطة مؤثرة في كل القطاعات الإنتاجية وليست سلعة نهائية كالسكر"، وأشار إلى أن جل المستوردين لا يملكون الحلقة الأخيرة من وسائل التفريغ من الميناء والمستودعات حتى المستهلك الأخير، واعتبر أن المشكلة الكبرى تكمن في عدم امتلاكهم موارد بالنقد الأجنبي ويقومون باستغلال العوائد من العملة المحلية لشراء الدولار من السوق المحلي، ما أدى إلى تصاعد التضخم وتدهور سعر الجنيه.
ولفت جماع إلى أهمية هذه الضوابط في وضع حد لانفلات سعر الصرف، واستطرد قائلا: "غير أن هذه الإجراءات لا تعتبر كافية ما لم تتم إدارتها بصورة جيدة، لأن الحكومة متحكمة أصلا في استلام المواد البترولية من البواخر وإيداعها في مستودعاتها"، وشدد على ضرورة فرض قدر من الضبط قبل انسياب السلع للمستهلك، فضلا عن إزالة بعض التقاطعات بين وزارتي المالية والنفط في الإدارة الفنية والتحكم في الانسياب، ودعا الجهات المختصة إلى تكوين آلية إدارية لتقييم إنشاء المحفظة الاستراتيجية.
وقال الخبير المصرفي لؤي عبد المنعم لـ"العربي الجديد"، إن الحرب تسببت في تراجع غير مسبوق في الإيرادات العامة وارتفاع أسعار السلع والخدمات في السوق، نتيجة توقف معظم المصانع وانحسار المساحات المزروعة بعد خروج مشروع الجزيرة عن دائرة الإنتاج، وبالتالي تراجع الصادرات وتأثير ذلك على قيمة العملة المحلية مقابل الدولار في السوق الموازي، حتى وصل سعر الدولار إلى ثلاثة آلاف جنيه، قبل أن يهبط تدريجيا بعد إجراءات أمنية اتخذتها السلطات في مواجهة تجار العملة، ووصل إلى 2600 جنيه في 25 يوليو/ تموز 2024.
وتابع عبد المنعم أن بنك السودان عالج هذا التراجع المضطرد في قيمة العملة المحلية بتكوين محفظة استراتيجية لتوفير العملة الحرة لمستوردي الوقود والسلع الاستراتيجية من إنتاج الذهب الكلي البالغ في النصف الأول من العام الحالي 2024 حوالي 29 طناً، وحقق إيرادات في الفترة ذاتها بلغت حوالي 748 مليون دولار.
وفي السياق، أشار عبد المنعم إلى قيام السلطات المالية والتجارية من جانبها بفرض ضوابط جديدة لتوظيف المحفظة بشكل أمثل، بما يضمن توفير العملة الأجنبية لمستحقيها، والحد من الطلب على الدولار في السوق الموازي عبر تنظيم عطاء للشركات التي لديها رخصة استيراد مواد بترولية وسلع استراتيجية لتغطية احتياجات البلاد لفترة محددة من شهر إلى شهرين، كما دعا إلى تفعيل إجراءات استرداد إيرادات الصادرات للحد من المضاربة في السوق الموازي من قبل المستوردين للسلع الاستراتيجية، وتفعيل الرقابة على تجار العملة وضبطهم، وشدد على أهمية اتخاذ قرار عاجل وحاسم بحظر استيراد السلع غير الضرورية والمنافسة للإنتاج المحلي، وتعزيز السيولة المصرفية وحشد الموارد لتمويل التنمية وإصلاح ما دمرته الحرب.
وقال مدير البنك السوداني الفرنسي عثمان التوم لـ"العربي الجديد"، إن المرتكز الرئيس هو الذهب، وتساءل: "ما هو السعر الذي تحصل به المحفظة على الذهب، ومن يحدد هذا السعر، وهل تشتري المحفظة من المعدنين مباشرة أم من التجار أم عن طريق عطاءات؟".
ودعا التوم إلى وضع آلية محكمة لمنع المضاربات في الذهب، كونه المصدر الوحيد الذي عن طريقه يتم سداد فواتير المواد البترولية، وأشار إلى أن الذهب يلعب دورا إيجابيا في استقرار سعر الصرف وربما انخفاضه. وطالب التوم بالتحقق من وجود طريقة لشراء الذهب بسعره الحقيقي من دون وسطاء ومضاربات لضمان نجاح المحفظة.