فاجأ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، الأسواق بخفض سعر الفائدة الرئيسي بأكبر قدر منذ عام 2020، لدعم الاقتصاد الذي يواجه مخاطر جديدة بسبب تدهور القطاع العقاري والإنفاق الاستهلاكي الضعيف.
خفض بنك الشعب الصيني سعر الفائدة على قروضه لمدة عام واحد بمقدار 15 نقطة أساس إلى 2.5%، اليوم الثلاثاء، وهو ثاني خفض لها منذ يونيو/حزيران الماضي.
بيانات مخيبة للآمال
جاءت هذه الخطوة المفاجئة قبل وقت قصير من صدور بيانات النشاط الاقتصادي المخيبة للآمال لشهر يوليو/ تموز، اليوم، والتي تُظهر تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي.
وقال المكتب الوطني للإحصاء إنّ الطلب المحلي "غير كاف" حتى الآن، و"أساس التعافي الاقتصادي ما زال بحاجة إلى دعم أكبر".
وأضاف المكتب، في بيان، أنّ الصين بحاجة إلى "تكثيف تعديل سياسة الاقتصاد الكلي الخاصة بها، والتركيز على تعزيز الطلب المحلي ودعم الثقة ودرء المخاطر".
ولم تحدث الحكومة الصينية إحصائيات معدلات البطالة بين الشباب الحساسة سياسياً بسبب ارتفاعها. وتعد البطالة بين الشباب قضية حساسة بعدما خلص مسح أجري في يونيو/ تموز الماضي إلى أنّ 21.3% من الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً لم يتمكنوا من العثور على عمل بعد التعافي الاقتصادي الذي أعقب انتهاء الضوابط المرتبطة بفيروس كورونا.
وعلقت الحكومة نشر نسب البطالة حسب الفئة العمرية، بينما يراجع المكتب الوطني للإحصاء كيفية قياسه للبيانات، حسبما أعلن المتحدث باسم المكتب فو لينغوي.
وقال فو إنّ استطلاعاً خلص إلى أنّ نسبة البطالة الإجمالية بين عمال المدن بلغت 5.3%، بزيادة 0.1% عن يونيو/ حزيران، مضيفاً خلال مؤتمر صحافي: "وضع التوظيف مستقر بشكل عام".
وتابع قائلاً "تباطأ نمو الإنفاق الاستهلاكي إلى 2.5% خلال العام السابق في يوليو/ تموز بعد أن كان 3.1% في يونيو/ حزيران".
وجاء في البيانات الرسمية الصادرة اليوم، أنّ النمو في إنتاج المصانع تباطأ إلى 3.7% منخفضاً من 4.4%، حيث تراجع الطلب على الصادرات بعد رفع البنوك المركزية الأميركية والأوروبية أسعار الفائدة من أجل تهدئة التضخم.
وتزايدت الاستثمارات في المصانع والعقارات والأصول الثابتة الأخرى خلال يوليو/ تموز بنسبة 3.8% مقابل 3.4% في يونيو/ حزيران.
الحكومة الصينية لم تحدث إحصائيات معدلات البطالة بين الشباب الحساسة سياسياً بسبب ارتفاعها
وذكرت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث، في تقرير لها، وفق وكالة أسوشييتد برس، أنّ "قرار وقف نشر نسب البطالة بين الشباب جاء بعد وصولها إلى مستوى قياسي مرتفع لا يوحي بالثقة".
ويتصاعد القلق من أن تكون الصين في صدد مرحلة من التباطؤ الشديد في النمو الاقتصادي تشبه ما تسمى فترة "العقود الضائعة" في اليابان، التي شهدت ركوداً في أسعار المستهلكين والأجور على مدى جيل كامل.
وانكماش الأسعار أو الانكماش المالي يسجَّل عند تراجع أسعار السلع والخدمات، وهو نقيض التضخم. وإن كان تراجع الأسعار يبدو مفيداً للقدرة الشرائية، إلا أنه يشكل خطراً على الاقتصاد ككل، إذ يحمل المستهلكين على إرجاء مشترياتهم بدل الإنفاق على أمل الاستفادة من تراجع إضافي في الأسعار.
كما أنه مع تراجع الطلب، تضطر الشركات إلى خفض إنتاجها وتجميد عمليات التوظيف أو تسريح موظفين، وتقر تخفيضات جديدة لتصريف مخزونها، ما يؤثر على مردودها مع بقاء تكاليفها بمستواها.
والصين هي أول اقتصاد في مجموعة العشرين يسجل انخفاضاً على أساس سنوي في أسعار المستهلكين، منذ آخر مرة سجلت فيها اليابان قراءة سلبية لمؤشر أسعار المستهلكين العام في أغسطس/ آب 2021 خلال أزمة جائحة كورونا.
وقال إسوار براساد، أستاذ الاقتصاد في جامعة كورنيل الأميركية، لصحيفة نيويورك تايمز: "يواجه الاقتصاد الصيني بشكل مباشر شبح الانكماش، وهو ما يزيد من إلحاح الإجراءات الحكومية لتحفيز الاقتصاد، وربما الأهم من ذلك، اتخاذ خطوات لإعادة بناء ثقة الأسر والأعمال".
خطة لتعزيز التجارة
ومساء أمس الاثنين، نشرت الحكومة خطة عمل مدتها ثلاث سنوات تهدف إلى تعزيز نظام التجارة على مستوى المحافظات في البلاد بشكل أكبر.
وتتضمن الخطة، وفق وكالة شينخوا الصينية، إنشاء 500 محافظة "رائدة" بحلول عام 2025، والتي ستكون لها مراكز توزيع لوجستية على مستوى المحافظات ومتاجر صغيرة لسكان الريف ومراكز تجارية ريفية مثل محلات السوبرماركت الكبيرة والمتوسطة وأسواق المنتجات الزراعية.
كما تسعى الخطة إلى مواصلة فتح قنوات "تداول مزدوج" للمنتجات الصناعية التي يجري إرسالها إلى الريف والمنتجات الزراعية المتجهة إلى المدن، وزيادة الدخل الزراعي وتحديث اتجاهات استهلاك المزارعين، والمساعدة في تلبية حاجات الحياة والإنتاج لسكان الريف.