زادت ضغوط القطاع الخاص الأردني بشقيه الصناعي والتجاري على الحكومة، لإعادة النظر بالإجراءات التخفيفية التي اتخذتها أخيرا على الطرود البريدية التي ترد من الخارج لصالح المواطنين، ما أدى إلى ارتفاع واردات الأردن من السلع من مناشئ مختلفة وتحت بند الطرود البريدية.
ويرى التجار والصناعيون أنّ الإجراءات الحكومية أضرت كثيرا بهم من حيث تراجع الإقبال على بضائعهم المستوردة من الخارج أو المنتجة محليا وما يترتب عليها من كلف إنتاج ورسوم جمركية وضرائب، في الوقت الذي تخضع فيه سلع الطرود البريدية لرسوم متواضعة جدا وبدون أي أعباء أخرى.
وكانت الحكومة قررت تخفيض وتوحيد الرسوم الجمركية على الطرود البريدية المعدة للاستخدام الشخصي التي لا تزيد قيمتها عن 280 دولارا، ورفع سقف قيمة الطرود الخاضعة للتخفيض بمقدار الضعف لتصبح رسما موحدا بنسبة 10% من القيمة وبحد أدنى 7 دولارات بدلاً من 7 دولارات على البضائع التي تقل قيمتها عن حوالي 72 دولارا، و14 دولارا على البضائع التي تقل قيمتها عن 140 دولاراً.
الحكومة تقرر تخفيض وتوحيد الرسوم الجمركية على الطرود البريدية المعدة للاستخدام الشخصي التي لا تزيد قيمتها عن 280 دولارا
كما اتخذت الحكومة إجراءات تبسيطية أخرى في مجال التجارة الإلكترونية، بهدف التسهيل على المواطنين وتشجيع قطاع اللوجستيات وشريحة الرياديين في مجال التجارة الإلكترونية وتسريع عملية التخليص.
وقدرت غرفة صناعة الأردن حجم البضائع التي تورد إلى الأردن بالطرود البريدية وغالبيتها ألبسة ومعدات عناية شخصية بأكثر من 35 مليون دولار، وهي في ارتفاع نتيجة للإجراءات التي تم اتخاذها من قبل الحكومة، أخيرا.
وقال رئيس غرفة الصناعة، فتحي الجغبير، لـ"العربي الجديد" إن القطاع الصناعي يدرك حرص الحكومة على تخفيف الأعباء عن المواطنين بخاصة في هذه المرحلة بسبب التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا، لكن المهم ألا ترتفع نسبة الآثار السلبية التي تلحق بالمنتجات المحلية التي تخضع للضرائب، خصوصاً مع ما تقوم به الشركات الصناعية من دور مهم في توفير فرص العمل وزيادة الصادرات ورفد الخزينة بالإيرادات.
وطالب الجغبير بأن تفرض الحكومة إجراءات مراقبة مشددة على بضائع الطرود البريدية بحيث لا تستغل من قبل البعض كنشاط تجاري ينافس القطاعات الصناعية والتجارية بشكل غير مشروع.
وأكدت غرفة الصناعة ضرورة إعادة النظر في قرار تخفيض وتوحيد الرسوم على الطرود البريدية، لما له من تأثير سلبي وواضح على بعض الصناعات الوطنية وخاصة صناعات منتجات الألبسة ومواد التجميل وغيرها من الصناعات التي تتسم بالأسعار المنخفضة وصغر حجمها نسبياً مقارنة بالصناعات الأخرى.
غرفة الصناعة تطالب بإعادة النظر في قرار تخفيض وتوحيد الرسوم على الطرود البريدية، لما له من تأثير سلبي وواضح على بعض الصناعات الوطنية
من جانبه، شدد رئيس غرفة تجارة الأردن، نائل الكباريتي، على ضرورة إسراع الحكومة في معالجة الاختلالات الناتجة عن الطرود البريدية والإجراءات التي اتخذت أخيرا، ما زاد من الواردات وتحولت لنشاط تجاري من قبل البعض، الأمر الذي يدخلها في إطار التجارة غير المنظمة ويضر بالتجار الذين يستوردون ذات السلع وتخضع للرسوم والضرائب.
وأضاف الكباريتي لـ"العربي الجديد"، أنه تم طرح هذا الأمر أكثر من مرة على الحكومة ولا بدّ من اتخاذ خطوات عملية لمواجهة هذه الإشكالية.
وقال مسؤول حكومي لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تتابع بشكل مستمر واردات المملكة من خلال الطرود البريدية والتي الأصل فيها تخفيف الأعباء عن المواطنين وتمكينهم من توفير بعض احتياجاتهم الأساسية بكلف أقل لكن دون أن تتحول العملية إلى نشاط تجاري من قبل البعض. وأضاف أن الجهات المختصة تعمل حاليا على وضع الآليات اللازمة لضبط التجارة الإلكترونية بشكل عام بما يضمن سلامة الإجراءات وكذلك معالجة أيّ اختلالات تنشأ عن هذه التجارة.
وقال ممثل قطاع الصناعات الجلدية في غرفة صناعة الأردن، إيهاب قادري، إن القرار أوجد ثغرة في النظام الجمركي في ظل القدرة على استيراد كميات صغيرة في كل طرد بريدي وبدون قيود لعددها وبالتالي القدرة على تجميع كميات تجارية بالمحصلة.
وأوضح في تصريحات صحافية سابقة أن السوق المحلي يشهد حالة من الإغراق بالمنتجات الأجنبية.
وقدر إجمالي قيمة مستوردات البلاد من منتجات الألبسة الجاهزة بما يزيد عن حوالي 350 مليون دولار سنوياً بكميات تصل إلى حوالي 42 ألف طن، ما يعني أن قيمة الكليوغرام تتراوح ما بين 5-6 دنانير تقريباً والتي تمثل ما يتراوح بين 3-5 قطع من الملابس أي أن ما قيمته 280 دولاراً سيسمح باستيراد ما يقارب من 20 إلى 25 قطعة من الملابس في كل طرد.
وبحسب قادري، فإنّ ذلك الوضع أتاح الفرصة أمام الكثيرين لاستغلال هذا القرار لتزويدهم بالبضائع الكافية بصفة شخصية مع رسم جمركي منخفض نسبيا ومن دون ضريبة مبيعات أو قيود على عدد الطرود المستوردة.