تترقب الأسواق في أميركا وحول العالم هذا الأسبوع اجتماعات بنك الاحتياط الفيدرالي، انتظاراً لما ستسفر عنه من قرارات، ومن إرشادات يقدّمها في المؤتمر الصحافي الذي يعقب عادة إعلان قراراته، والتي يحاول المستثمرون من خلالها تلمس الخطوات التالية للبنك المركزي الأكبر في العالم.
ويتوقع الاقتصاديون والمستثمرون الآن زيادات أكبر في معدل الفائدة في كل اجتماع من الاجتماعات الثلاثة المتبقية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، بدءاً من زيادة بنسبة 0.75 نقطة مئوية على الأقل في 21 سبتمبر/أيلول، وانتهاءً بالوصول إلى معدل فائدة على أموال البنك من 4% إلى 4.5% بحلول العام المقبل.
وتأكدت تلك التوقعات بعد بيانات أسعار المستهلكين التي أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، والتي أظهرت معدلاً سنوياً للتضخم 8.5%، بينما كانت التوقعات في حدود 8% فقط، فاعتبر المحللون أن ذلك ربما يعطي البنك الفيدرالي مزيداً من الحرية في فرض السياسات النقدية المتشددة.
وكان في الكثير من تفاصيل بيانات مكتب العمل إشارات إلى تمدد واستقرار معدل التضخم المرتفع، كما لم يتوقع المحللون. ويقول مايكل أشتون، محلل الاقتصاد بشركة "إنديورينغ إنفستمنز"، إن "ما يقرب من 70% من مكونات مؤشر أسعار المستهلكين زادت الشهر الماضي بمعدل سنوي يتجاوز 6%"، مشيراً إلى أنه طوال العقد الذي سبق ظهور وباء كوفيد - 19، لم يكن يحدث ذلك إلا في 10% من تلك المكونات أو أقل.
أشتون أشار أيضاً إلى استمرار نقص العمالة، وبطء تراجع سوق العقارات، وهو ما من شأنه أن يبقي على معدل التضخم عند مستوياته المرتفعة.
ومع ذلك، لا يزال بعض المستثمرين يراهنون على تحوّل الاحتياطي الفيدرالي السريع، كما تظهر بيانات بورصة شيكاغو التجارية، مع توقّع تخفيضات أسعار الفائدة بحوالي نصف نقطة مئوية بين مارس/آذار وديسمبر/كانون الأول المقبلين.
لكن ليزا بلفوس، محللة الاقتصاد والأسواق، ترى أن "هذا على نحو متزايد هو حماقة"، مشيرة إلى أن بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأخيرة تقوّض الرأي السائد بأن الأسوأ قد انتهى.
وأوضحت بلفوس أن الانخفاض الأخير في معدل التضخم، والذي جاء أقل من التوقعات، عَكَس تراجع أسعار الطاقة العالمية، مؤكدةً أن إعادة الفتح في الصين وبعض الدول الآسيوية، بعد انتهاء الإغلاقات المرتبطة بوباء كوفيد، سيكون من شأنها تعزيز الطلب على النفط، ومن ثم ارتفاع أسعاره من جديد.
وفي هذا الإطار، يشير مايكل تران، خبير إستراتيجيي الطاقة العالمي في "آر بي سي"، إلى أن مجموعة من المتغيرات، تشمل توقف الحكومات عن السحب من مخزوناتها الإستراتيجية؛ تمثّل مخاطر صعودية على أسعار النفط.
وحتى منتصف تعاملات أول أيام الأسبوع، ما زالت أسواق الأسهم الأميركية تعاني من رفع معدلات الفائدة الذي لم يحدث حتى الآن. ولا يقتصر التأثير على الأسواق الأميركية، حيث تراجعت أسواق الأسهم في أغلب البلدان، بتوقعات رفع الفائدة لديها أيضاً، وعلى رأسها المنطقة العربية.
وبخلاف الدول العربية التي تربط عملتها بالدولار، وتغير سياستها النقدية وفقاً لتحركات البنك الفيدرالي؛ تعاني دول أخرى، مثل مصر وتونس، مع كل رفع لمعدل الفائدة الأميركي، حيث يضغط ذلك على معدل دخول الاستثمارات الأجنبية الوافدة إليها، خاصة تلك الموجهة لأسواق الدين، ومن ثم على عملتها المحلية.
وفي مصر، ومع تزايد التوقعات بخفض قريب لقيمة العملة المحلية؛ يرجّح البعض أن يكون في حدود 15%، تجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي يوم الخميس لاتخاذ قرار برفع الفائدة، إن لم يحدث ذلك بصورة معجلة قبل موعده.