العدوان على لبنان يشل النقل السوري: شح الوقود

01 أكتوبر 2024
ازدحام بموقف مواصلات في دمشق يوم 12 يوليو 2021 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

 

أثر العدوان الإسرائيلي على تدفق المشتقات النفطية التي تدخل سورية، تهريباً من لبنان، والتي توازن، حسب سوريين، بين العرض والطلب وتثبت الأسعار، لكن توقفها منذ نحو أسبوع، أحدث شحاً في المحروقات، والمازوت خاصة، ورفع سعره بالسوق السورية غير النظامية، وسط زيادة الطلب لزوم النقل والعمل الزراعي.

وانعكس ذلك على حركة المواصلات بين المحافظات السورية، بعد رفع أجور النقل الداخلي بالمدن، مع زيادة التوقعات بارتفاع أسعار السلع والمنتجات الغذائية، بسبب ارتفاع أجور نقلها من المدن المنتجة إلى المدن الكبرى، دمشق وحلب.
وتشهد محطات نقل المسافرين بالعاصمة السورية دمشق ازدحاماً شديداً، بالتزامن مع إلغاء شركات النقل الرحلات وإلغاء الحجوزات المسبقة للمسافرين، بسبب النقص الحاد بمادة المازوت وارتفاع أسعاره بالسوق السوداء، حسب مصادر لـ"العربي الجديد" من نحو 17 ألف ليرة بداية شهر سبتمبر/أيلول الماضي إلى 22 ألف ليرة حالياً (الدولار = نحو 14750 ليرة).

وحسب مصادر إعلامية، فقد أوقفت شركات النقل البري رحلاتها بين المحافظات وألغت حجوزاتها في حالة تحدث للمرة الأولى منذ فترة طويلة، بسبب النقص الحاد في مادة المازوت اللازمة لتشغيل الحافلات، وعدم فتح بطاقات شركات النقل لتعبئة المازوت من محطات التوزيع وشركة المحروقات الحكومية، ما أدى إلى إلغاء الرحلات وإعادة ثمن البطاقات المحجوزة للمواطنين.

وتكشف مصادر سورية تراجع حصة سيارات الأجرة من مادة المازوت الموزعة من شركة سادكوب ضمن المحافظات وحافلات النقل بين المدن، إلى خمسة ليترات يومياً، رغم التزام السائقين بالمسارات المحددة على جهاز التتبع الإلكتروني الـGPS وتوصية المجالس التنفيذية بالمحافظات لشركة توزيع المحروقات، بزيادة الكمية 50% لعربات النقل الداخلي "سرافيس" و85% للحافلات بين المحافظات، ولكن من دون جدوى، ما دفع بعض السائقين لشراء المازوت من السوق السوداء، بسعر 22 ألف ليرة لليتر، لاستمرار عملهم ورفع أجور النقل.

 

تداعيات العدوان على النقل

وارتفعت أجور نقل سيارات الأجرة "التاكسي" بين دمشق والمدن الساحلية والوسطى والشمالية، إلى نحو 800 ألف ليرة بين دمشق وطرطوس (نحو 250 كلم)، ونحو مليون و200 ألف ليرة بين دمشق وحلب أول من أمس الأحد. وشهدت مراكز الانطلاق اكتظاظاً كبيراً، بسبب اضطرار السوريين للالتحاق بالجامعات الخاصة أو لجني المواسم الزراعية، ما دفع شركات النقل الجماعي الخاصة للاعتذار ووقف الرحلات بسبب ندرة الوقود.
وقالت شركة طروادة للنقل البري على صفحتها على "فيسبوك" خلال بيان أول من أمس: "للأسف سوف يتم توقيف جميع رحلات الشركة لظروف خارجة عن الإرادة لعدم توفر مادة المازوت للنقل"، داعية المسافرين لاسترداد ثمن تذاكرهم. وتبعتها شركة القدموس معلنة إلغاء رحلاتها، من اللاذقية وطرطوس الساحليتين إلى دمشق بسبب عدم توفر المازوت.
يكشف مصدر خاص من دمشق لـ"العربي الجديد" أنه بعد وصول ناقلة نفط إيرانية إلى مرفأ بانياس، قبل نحو عشرة أيام (1.2 مليون برميل) لم تصل أية شحنة، الأمر الذي أخر منح المحروقات على البطاقة الذكية، وخفض الكمية لمحطات الوقود وزاد من الأزمة والأسعار، لتتراوح أسعار المازوت بين 20 و22 ألف ليرة، بعد أن قفز سعر البنزين إلى نحو 25 ألف ليرة.

وحول ما يقال عن أثر توقف المحروقات اللبنانية التي كانت تدخل ريف دمشق وحمص بشكل غير شرعي (تهريب)، يؤكد المصدر ذلك، مشيراً إلى توسع القصف الإسرائيلي ليشمل جوسية والقصير والهرمل، وبيت جن بريف دمشق، كما أن المخاطر من تهريب المازوت، بعد التهديد الاسرائيلي وقصف بعض المعابر غير الرسمية، أوقفت توريد المحروقات كاملة من لبنان، وهذا هو السبب المباشر للأزمة اليوم.
وكانت سورية تعوّض نقص المحروقات عبر التهريب، من خلال نقاط التهريب في شمال شرقي لبنان، تمتد من ينطا ووادي العشاير، ومحور شبعا - بيت جن جنوباً، مروراً بسلسلة جبال لبنان الشرقية وقوسايا وعين زبد في الوسط، ونحلة وعرسال باتجاه فليطا، وصولاً إلى البقاع الشمالي في أقصى شمال شرقي لبنان، وهي معابر غير شرعية بطول 22 كلم تبدأ من البقاع شرقاً وحتى معبر القصر الحدودي غير الشرعي شمالاً.
وكان المهربون يستفيدون من فارق الأسعار المرتفعة بسورية، بعد تهريبهم المحروقات التي تأتي إلى لبنان، خاصة من إيران المخصصة لحزب الله بالجنوب وضاحية بيروت الجنوبية، والتي كان بعضها الخام، يكرر بمصفاتي بانياس وحمص بسورية، وينقل للبنان، قبل أن يعود بعضه عن طريق التهريب، إلى الأسواق السورية.
يبلغ السعر الرسمي لليتر البنزين 12077 ليرة، في حين يزيد سعره بالسوق السوداء عن 25 ألف ليرة، وسعر ليتر المازوت الرسمي الحر للفعاليات الاقتصادية نحو 10695 ليرة، في حين زاد سعره اليوم بالسوق السوداء عن 22 ألف ليرة.
وتعاني سورية من أزمة محروقات خانقة، ممتدة منذ عشر سنوات، بعد تهديم بعض آبار النفط، وسيطرة ما تسمى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على أهم آبار الإنتاج، ليتراجع الإنتاج الذي يسيطر عليه نظام بشار الأسد في مناطق شرقي حمص، وسط البلاد، بنحو 96% حسب تصريح لوزير النفط السابق سليمان العباس.

المساهمون