القتل بالتجويع في شمال غزة

17 أكتوبر 2024
مساعدات غذائية توزعها جمعيات خيرية في غزة، 17 أكتوبر 2024 (حسن جدي/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني سكان غزة من تهديدات متعددة تشمل القصف والتجويع والتشريد، حيث يتعرضون لقصف مستمر يستهدف المنازل والمرافق الحيوية مثل المخابز وآبار المياه، مما يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي وتفاقم الأزمات الإنسانية.

- الاحتلال الإسرائيلي يفرض حصاراً خانقاً على غزة، مما يعيق وصول المساعدات الإنسانية ويشل حركة التجارة، ويؤدي إلى تدمير الأراضي الزراعية وحرق المحاصيل، في محاولة لدفع السكان نحو النزوح والهروب.

- وفقاً للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يواجه أكثر من 400 ألف فلسطيني في شمال غزة خطر الموت جوعاً وعطشاً، حيث يمنع الاحتلال وصول الغذاء والدواء والوقود، مما يشكل جريمة حرب تهدد حياة السكان.

إنّ من لم يمت من أهالي غزة بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي والمجازر اليومية، يموت بالجوع والعطش والتشريد والتسمم، ونسف البيوت على رؤوس ساكنيها، وقصف المباني، واستهداف كل ما يتحرك على الأرض.

يتساوى الجميع هنا أمام خطر الموت، الصغار والكبار، سواء بصواريخ وقنابل ومدفعية الاحتلال أو بسوء التغذية، وانعدام الأمن الغذائي، وقصف المخابز، وآبار المياه، ومحطات التحلية، وتدمير الطرقات، والعقاب الجماعي ضد السكان، وغلق المعابر والحدود، ووضع كل العراقيل أمام المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، وخنق منظمة "الأونروا"، وشلّ حركة التجارة والأسواق، وتدمير الأراضي الزراعية، وحرق المحاصيل والمخازن.

وإنّ من لم يمت داخل بيته يموت بقصف غادر وجبان وهو يقف في طابور طويل لتلقي بضعة لقيمات، أو حتى رغيف حاف، كما جرى أمس الخميس داخل مدرسة أبو حسين بمخيم جباليا التي تؤوي نازحين، حيث قصفها الاحتلال بدم بارد.

على أرض الواقع، ورغم المزاعم والأكاذيب وحملات التضليل والعلاقات العامة التي يطلقها الاحتلال عن توفير مقومات الحياة لسكان القطاع، وفتح المعابر والحدود أمام تدفق السلع والبضائع والوقود والأدوية والمياه، فإن حرب التجويع التي يمارسها الاحتلال ضد أهالي غزة لا تخطئها عين، ولا تقلّ مخاطرها عن حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها نتنياهو وعصابته منذ أكثر من عام.

وإذا كانت حرب الإبادة قد أدت إلى قتل آلاف الأطفال والنساء والعزل، ونزوح ما يزيد على مليونين من أهالي القطاع، فإن الاحتلال يستهدف من حرب التجويع الممنهجة التي يطبقها أسلوبَ حرب، قتل وتشريد ما تبقى من الفلسطينيين على قيد الحياة، ودفع البقية نحو الهروب على أطراف القطاع المحاصر منذ أكثر من 16 سنة، علماً بأن نحو 1.84 مليون شخص في القطاع يعاني من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم نحو 133 ألفاً يعانون من أشدّ هذه المستويات، والتي تعرف بأنها "كارثية".

الاحتلال يهدد أكثر من 400 ألف فلسطيني بالموت جوعاً وعطشاً في شمال قطاع غزة، وفق أرقام المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان

أحدث صور التجويع على الأرض ما يجري حالياً مع أهالي شمال غزة الذين فشل الاحتلال في دفعهم نحو ترك منازلهم، حيث يعيش سكان الشمال دون طعام أو شراب أو دواء لليوم الـ14 على التوالي، في ظل عملية تطهير عرقي، وحصار إسرائيلي مشدد ومتواصل يحرم 200 ألف فلسطيني في مخيم جباليا المياه والغذاء والوقود والدواء، ووفق خطة محكمة تعمل على تعميق الأزمات الإنسانية والمعيشية، وحرب إبادة وتجويع وتعطيش تستهدف تهجير الفلسطينيين من الشمال إلى الجنوب، وحرمان من بقي منهم وسائل البقاء على قيد الحياة، بمن فيهم هؤلاء الذين يعانون من أمراض مزمنة.

ببساطة، الاحتلال يهدد أكثر من 400 ألف فلسطيني بالموت جوعاً وعطشاً في شمال قطاع غزة، وفق أرقام المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وما يحدث في الشمال جريمة حرب بكل المقاييس لا تقلّ عن الجريمة التي يمارسها الاحتلال ضد أهالي القطاع بالكامل، حيث تمنع حكومة نتنياهو عمداً إيصال المساعدات والغذاء والوقود، والكهرباء، والدواء، والسلع الأساسية الأخرى إلى القطاع.

المساهمون