أتاح فتح طريق الكركرات وتأمينه من قبل الجيش المغربي، في نهاية الأسبوع الماضي، الطريق أمام المئات من الشاحنات المحملة بالسلع، التي تعبر إلى موريتانيا قبل توزيعها إلى العديد من البلدان الأفريقية، التي أضحت ترتهن للسلع المصدرة من المغرب، خاصة الخضر والفواكه.
وتبعد منطقة الكركرات أحد عشر كيلومترا عن الحدود الجنوبية المغربية مع موريتانيا، وهي منطقة طولها أقل من أربعة كيلومترات، غير أنها تعد الممر البري الوحيد بين المغرب وموريتانيا وأفريقيا الغربية، خاصة في ظل إغلاق الحدود البرية الشرقية مع الجزائر. وكانت المنطقة العازلة والتي تفصل المعبر الحدودي للمغرب وموريتانيا، قد تم إغلاقها منذ الحادي والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي من قبل مسلحي البوليساريو لمنع عبور الشاحنات في الاتجاهين.
واعتبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، أن عرقلة حركة الشاحنات من قبل البوليساريو تهدف إلى "إلحاق الضرر بالمصالح الاقتصادية للمقاولات، من خلال التأثير على التدفقات التجارية القادمة من المغرب وأوروبا إلى القارة الأفريقية، خاصة موريتانيا، ومن القارة الأفريقية نحو المغرب وأوروبا". وتتجلى التداعيات الاقتصادية لعودة حركة النقل اعتبارا من نهاية الأسبوع المنصرم، كون المعبر الحدودي الكركرات يستقبل يوميا حوالي 350 شاحنة لنقل البضائع، حسب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يعتبر أن العملية التي قامت بها القوات المسلحة، ستفضي إلى استئناف الأنشطة التجارية للفاعلين المغاربة والأفارقة والأوروبيين.
وأفضت عرقلة حركة الشاحنات على تلك الطريق التي تستعمل من أجل تزويد السوق الموريتانية بالخضر والفواكه، خاصة غرب أفريقيا حتى ساحل العاج مرورا بمالي والسنغال وكل البلدان المجاور، إلى التأثير سلبا على النشاط التجاري المغربي، وهو ما دفع بعض المصدّرين إلى استعمال الخطوط البحرية عبر ميناءي أغادير وطنجة المتوسط. غير أن الطريق البرية الممتدة بين المغرب وموريتانيا عبر الكركرات تبقى استراتيجية في النشاط التجاري.
ويرى رئيس الفيدرالية المغربية لإنتاج وتصدير الخضر والفواكه، الحسين أضرضور، أن العراقيل التي وضعتها البوليساريو أمام عبور الشاحنات أثرت على تزويد السوق الموريتانية سلباً، والتي أضحت منصة لتزويد أسواق أفريقيا بالخضر والفواكه، في الوقت نفسه، ساهم ذلك في انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ في السوق المحلية المغربية. ويرى أضرضور، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه في السابق كان يصعب تسويق منتجات في السوق الموريتانية، غير أنه في الأعوام الأخيرة أضحى من الممكن لتلك السوق استقبال المئات من الشاحنات المحملة بالخضر والفواكه التي تلبي حاجيات أسواق أفريقية مجاورة.
ويشير أضرضور إلى أن الكميات التي تصل إلى السوق الموريتانية من تلك المنتجات، أفضت إلى تشكل سوق مغربية شهيرة في العاصمة الموريتانية نواكشوط، يفد إليها التجار من البلد الجار وبلدان أفريقية يتزودون بالخضر والفواكه.
ويعتبر أن ذلك المعبر يفضي إلى سوق واعدة، حيث يفتح الباب أمام تقوية المعاملات التجارية مع بلدان القارة السمراء، خاصة في أفق الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي ينتظر أن تسترشد بها الدول الأفريقية في المستقبل.
ويراد لذلك المعبر تعزيز العلاقات التجارية بين المملكة والقارة السمراء، التي تواجه فيها منافسة كبيرة من بلدان أخرى، غير أن قربه من بلدان القارة يعطيه امتيازا كبيرا، خاصة في حالة تعزيز البنيات اللوجستية، التي تساعد على تزويد القارة بالسلع الغذائية، خاصة الخضر والفواكه. غير أن المعبر لا يشهد فقط نشاط التجارة الرسمية، بل يشار إليه باعتباره معبرا ينشط فيه التهريب عبر الاستيراد، ما يؤثر على الفاعلين في السوق المحلية، الأمر الذي دفع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في المغرب إلى السعي لمحاصرة ذلك النشاط، مثلما هو حال سبتة ومليلية. وكان المدير العام للجمارك، نبيل لخضر، أكد أن هناك عملا تقوم به السلطات من أجل جعل الاستيراد خالياً من التهريب في ذلك المعبر الحدودي.