يبدو أنّ الخطوة التي اتخذتها دولة الإمارات الأربعاء الماضي، الخاصة بتحرير أسعار الوقود، وزيادة أسعار بعض المشتقات النفطية مثل البنزين 95 الذي زاد بنسبة 24%، فتحت شهية حكومات خليجية لاتخاذ خطوات مماثلة.
ويبدو أيضاً أنّ الخطوة الإماراتية الجريئة ستزيل الحرج عن حكومات دول خليجية كبرى ترددت كثيراً في رفع أسعار الوقود، خاصة الوقود الموجّه لتلبية احتياجات الأسر الفقيرة والمتوسطة، وأعني هنا تحديداً السعودية التي تتردد منذ سنوات في اتخاذ خطوات جدية في هذا الشأن بسبب مراعاة ظروف داخلية عديدة، منها زيادة البطالة ومعدلات الفقر، رغم ثراء خزانة الدولة التي تمتلك احتياطياً بلغ 660 مليار ريال بنهاية مايو/ أيار الماضي، إضافة إلى أن المستهلك الرئيسي للوقود بالمملكة هم السعوديين أنفسهم، وليس الأجانب كما هو الحال في الإمارات.
أمس الأربعاء، أعلنت الكويت عزمها خفض دعم السلع والخدمات بنسبة 38% في الموازنة الجديدة في ظل انخفاض إيرادات الدولة نتيجة هبوط أسعار النفط عالمياً منذ الصيف الماضي، وهذا القرار يرتبط بكون أن إيرادات النفط تشكل أكثر من 90% من عائدات البلاد، وبالتالي فإن تراجعاً بنسبة 50% في أسعار النفط كما جرى الحال منذ شهر يونيو/ حزيران 2014 سيلحق خسائر فادحة بإيرادات الدولة الخليجية، ويؤثر سلباً على إنفاقها العام وخططها التنموية والاستثمارية.
الكويت لم تكتفِ بهذه الخطوة التقشفية الجريئة أيضاً، بل أعلنت عن خفض مخصصات الدعم إلى 12.5 مليار دولار، في موازنة العام الجديد 2015/ 2016 مقابل 20 مليار دولار في موازنة العام السابق 2014-2015 بتراجع كبير تبلغ قيمته 7.5 مليارات دولار، وهو ما يعني عزم الحكومة على رفع أسعار السلع والخدمات بما فيها المشتقات البترولية.
اقرأ أيضاً: فيتش: تجربة الإمارات تشجع دولاً خليجية على رفع الدعم
الخطوات التقشفية والاحترازية التي اتخذتها الكويت وغيرها تهدف أولاً إلى معالجة العجز الكبير المتوقع في موازنة العام الجديد والبالغ 23.2 مليار دولار مقابل عجز يُقدّر بنحو 9 مليارات دولار في موازنة 2014/ 2015، وهذا العجز ناجم بشكل أساسي عن الانخفاض الحاد في أسعار النفط عالمياً، وزيادة الإنفاق الحكومي والتوسع في إقامة مشروعات كبرى.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا كانت الكويت قد حذت حذو الإمارات في رفع أسعار الوقود وخفض مخصصات الدعم بشكل حاد، فهل ستمر هذه الخطوة بسهولة كما جرى الحال في الإمارات، أعني هنا بسؤالي موقف السلطة التشريعية بالبلاد، ومدى موافقة البرلمان الكويتي على خطوة رفع الأسعار، خاصة المتعلقة بالطبقات الفقيرة والمتوسطة.
الكويت لديها برلمان قوي يحاسب ويراقب ويعزل وزراء وربما رؤساء وزراء، ويجبر الحكومة على التراجع عن قراراتها، وأبرز مثال ما حدث في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، حينما أرغم البرلمان الحكومة على التراجع عن قرار رفع أسعار الديزل والكيروسين.
من الوارد أن يقول البرلمان الكويتي للحكومة: رشّدي النفقات العامة التي زادت بشدة خلال العامين الأخيرين، حسّني الإيرادات العامة للدولة، نوّعي مصادر الدخل وأنشطة الاقتصاد، وبدلاً من أن تقدّمي مساعدات ودعماً مالياً وعينياً سخياً لأنظمة وانقلابات عسكرية في المنطقة، فعليكِ بتوجيه هذه المساعدات لخفض عجز الموازنة العامة.
اقرأ أيضاً: الإمارات ترفع سعر البنزين 24% وتخفض سعر الديزل 29%