في ظل الضغوط المالية التي خلفتها جائحة فيروس كورونا الجديد، عاد مقترح شراء مديونيات المواطنين من جديد إلى أروقة مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، بعدما تقدم نائبان بمشروع قانون يتيح للدولة شراء أصل الديون وإسقاط فوائدها.
ووفق مشروع القانون الذي تقدم به النائبان هشام الصالح وخالد العنزي، يمكن للدولة سداد أصل المديونية من علاوة غلاء المعيشة البالغة 400 دولار، التي سيتم استقطاعها من المدين لهذا الغرض، ما يجعل الشخص لا يكلف الدولة شيئا، وفق العنزي.
وبحسب وثيقة حكومية اطلعت عليها "العربي الجديد"، تبلغ مديونيات المواطنين نحو 4.8 مليارات دولار، مستحقة على ما يقرب من 516 ألف مواطن، كما يبلغ عدد المواطنين المتعثرين أكثر من 180 ألف مواطن. وكشفت الوثيقة الحكومية أن عدد المواطنين المتعثرين في أعقاب أزمة جائحة كورونا ارتفع بنسبة 22%.
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي مروان سلامة، لـ"العربي الجديد"، إن "مقترح شراء مديونية المواطنين يظهر بين كل فترة وأخرى بهدف دغدغة مشاعر الناخبين، ولكن هذه المرة ربما يعد مهما بسبب الظروف المعيشية المتراجعة بسبب أزمة كورونا".
وأضاف سلامة: "رغم الأوضاع الصعبة التي تجعل تقديم المقترح منطقيا، إلا أنه بشكله الحالي لا يحقق العدالة، حيث ينبغي على الحكومة بالتوافق مع نواب مجلس الأمة تعويض المواطنين الذين ليست لديهم مديونيات من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين"، مشيرا إلى إمكانية معارضة مشروع القانون بسبب "شبهة عدم الدستورية نتيجة عدم تحقيق المساواة بين المواطنين".
وكان مجلس الوزراء قد قرر وقف استقطاع أقساط المواطنين المستحقة للبنك الصناعي وللمبادرين من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة لمدة 6 أشهر، بدأت من إبريل/ نيسان وحتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
كما اتخذت المصارف الكويتية الخطوة نفسها من خلال تأجيل تحصيل قروض المواطنين والمقيمين لمدة 6 أشهر، في الفترة ذاتها، فيما دشن عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية للمطالبة بتأجيل تحصيل القروض لمدة 6 أشهر إضافية، فيما طالب بعض الأشخاص بإسقاط القروض على المواطنين.
في المقابل، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت محمد الهاجري، إن الوضع المالي للدولة لا يتحمل شراء مديونيات المواطنين في ظل الأزمة المالية الحالية التي تعاني منها الحكومة، التي أعلنت على لسان مسؤوليها عدة مرات أن السيولة المالية المتوفرة لا تغطي سداد رواتب العاملين في الدولة.
وأضاف الهاجري، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه "ينبغي على الحكومة البحث عن مصادر لتمويل عجز الميزانية أولا، قبل أن تتجاوب مع المقترح البرلماني، الذي يسعى النواب من خلاله إلى تسديد فواتيرهم الانتخابية دون النظر إلى الحالة المالية للدولة".
وتابع: "بدلا من تبني قوانين شعبوية، يجب تبني برنامج اقتصادي يهدف إلى إصلاح العجز في الميزانية وتحسين الحالة المالية للدولة من خلال ترشيد الإنفاق".