لا تزال تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد تحاصر القطاع العقاري في الكويت، الذي يعاني من تزايد أعداد الشقق السكينة التي تبحث عن مستأجرين، بينما تتصاعد مخاوف الملاك من طول أمد القيود المفروضة لمواجهة الجائحة والأضرار الاقتصادية الناجمة عنها، والتي تسببت في مغادرة مئات آلاف الوافدين منذ بداية العام الماضي 2020.
وكشف تقرير حديث لمركز الخليج العربي للبحوث الاقتصادية (مستقل) عن وجود أكثر من 45 ألف شقة خالية في مختلف مناطق البلاد، مشيراً إلى أن هناك مشكلات كبيرة تواجه ملاك العقارات، خصوصاً الشركات التي لديها أقساط مستحقة للبنوك، فضلاً عن العديد من الأزمات الأخرى مثل تراكم الإيجارات على آلاف الوافدين الذين غادروا الكويت ولم يتمكنوا من العودة في ظل القيود المفروضة على السفر، بالإضافة إلى الإيجارات المتأخرة على المستأجرين المتعثرين الموجودين داخل الدولة.
وقال قيس الغانم، نائب رئيس اتحاد العقاريين في الكويت، إن القطاع يعيش أسوأ أيامه، مشيراً إلى أن غالبية ملاك العقارات المرهونة يمرون بأزمة كبيرة وقد يواجهون أحكاماً بالسجن، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن السياسات والقرارات الحكومية منذ بداية جائحة كورونا أصبحت بمثابة إعدام للقطاع العقاري، وخصوصاً السكن الاستثماري (المخصص للوافدين).
وأشار الغانم إلى أنه على الحكومة ومجلس الأمة وضع حلول عاجلة لأزمة ملاك العقارات وتجنب انهيار القطاع، داعياً البنوك أيضاً إلى تفهم الأزمة التي يمر بها الملاك ومنح المتعثرين عن دفع الأقساط فرصاً للسداد.
ولفت إلى أن هناك أزمة تتعلق بآلاف الوافدين الموجودين في الخارج، وخصوصاً العائلات، الذين لا يستطيعون العودة إلى الكويت فيما تظل شققهم السكنية معلقة ولا يتم دفع إيجاراتها الشهرية، داعياً الحكومة إلى تسهيل عودتهم لتسوية أوضاعهم مع ملاك الشقق.
من جانبه، قال حجاج بوخضور، الخبير الاقتصادي الكويتي لـ"العربي الجديد": "أصبح واضحاً للعيان وجود أزمة تتعلق بتراجع إيرادات القطاع العقاري والأمر لا يحتاج إلى دراسات وأبحاث، ففي جميع مناطق الكويت هناك شقق خالية، وعلى الحكومة مساندة أصحاب العقارات، حيث يعد القطاع من أهم الأنشطة الحيوية في الدولة".
وأشار بوخضور إلى ظاهرة الإعلانات عن الشقق والعقارات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع والطرقات بالإضافة إلى العروض والتخفيضات غير المسبوقة التي لم تشهدها الكويت من قبل، مؤكداً أن مغادرة مئات الآلاف من الوافدين وخصوصاً العائلات ستكبد القطاع العقاري خسائر كبيرة.
وبحسب مصدر حكومي كويتي، فقد غادر أكثر من 800 ألف وافد البلاد خلال عام 2020، سواء بسبب تسريحهم من أعمالهم أو المغادرة الطوعية، أو سقوط إقامة الآلاف الموجودين خارج الكويت، مشيراً إلى أن هناك آلافاً من الإقامات التي تسقط يومياً.
وتوقع المصدر زيادة أعداد المغادرين من الوافدين خلال العام الجاري، بسبب القرارات الحكومية الأخيرة التي تتعلق بإنهاء خدمات آلاف في الوزارات والهيئات الحكومية في إطار خطط التكويت (توطين الوظائف)، فضلاً عن قرار عدم تجديد إقامة الوافد الذي يتجاوز عمر الـ 60 عاماً.
بدوره، أكد عمر الرشيدي، الباحث الاقتصادي الكويتي، أن تفاقم أزمة العقاريين سيضر بالاقتصاد الذي يشهد بالأساس ركوداً غير مسبوق، محذراً من القرارات الحكومية التي تزيد من معاناة المستثمرين، خصوصاً في ما يتعلق بغلق العديد من الأنشطة الاقتصادية أخيراً لمواجهة انتشار كورونا.
وقال الرشيدي خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن غالبية أصحاب الأنشطة التجارية لن يتمكّنوا من دفع الإيجارات الشهرية بسبب توقف الأنشطة، داعياً الحكومة إلى الاستفادة من تجارب الدول التي قامت بدعم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات العقارية من خلال الحزم التحفيزية التي تهدف إلى عدم انهيار الاقتصاد.
وتابع: "من الضروري أيضاً السماح بعودة الوافدين والابتعاد عن السياسات التي أدت إلى مغادرة أعداد كبيرة منهم".
وبحسب بيانات الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية، تراجع عدد الوافدين في الكويت بنهاية ديسمبر/ كانون الأول 2020 إلى نحو 3.1 ملايين نسمة، بعد أن كان عددهم في فبراير/ شباط العام الماضي يبلغ حوالي 3.9 ملايين شخص.