اللحوم ليست بمتناول الكثير من السوريين في شهر رمضان
سلام حسن
عامر السيد علي
عدنان الإمام
- ارتفاع أسعار المواد الغذائية في سوريا يعود لأسباب متعددة مثل ارتفاع سعر صرف الدولار، أجور النقل، والتوتر في البحر الأحمر، مما أثر على توفر وأسعار المواد الغذائية.
- في مناطق مختلفة مثل الإدارة الذاتية الكردية وشمال وشرق سورية، شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعات كبيرة، مما دفع لحملات مقاطعة وجعل الوجبات الرمضانية تحدياً كبيراً للعائلات.
ترتبط سفرة رمضان بوجبة دسمة عادة، تشكل اللحوم أو أحد أنواعها مادة رئيسية فيها على مائدة العائلة العربية والسورية، لكن ذلك تغير مع الارتفاع الباهظ لأسعار اللحوم، الحمراء منها أو البيضاء، ما جعل سُفر الكثير من السوريين في مناطق السيطرة الثلاثة: النظام، المعارضة، الإدارة الذاتية (الكردية)، تفتقد اللحوم، مع الاكتفاء بوجبة نباتية بعد يوم صيام طويل.
وتشهد مناطق سيطرة النظام ارتفاعات متوالية غير معلنة في أسعار غالبية المواد الغذائية الأساسية، وخاصة اللحوم بأنواعها، منذ بداية شهر رمضان، وذلك على الرغم من ملاحقة مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة لحكومة النظام، كما تدعي عبر منصاتها الرسمية، للتجار والمحلات التي تبيع المواد الغذائية، ومنها اللحوم.
وفي السابق، ومع غلاء سعر اللحوم الحمراء، أي لحوم البقر والأغنام، كان السوريون يلجؤون إلى لحم الدجاج (الفروج)، لكن أسعار الدجاج باتت في مكان لا يمكن لقدرة المواطن السوري الوصول إليه، لا سيما في مناطق سيطرة النظام، إذ بلغ سعر الدجاج المنتج محلياً والمذبوح والمنظف 45 ألف ليرة في محافظة حماة وسط البلاد، و55 ألف ليرة في محافظة السويداء جنوبها.
ويشير سامر سليمان، وهو بائع اللحوم بالتجزئة في السويداء، إلى أن الأسعار تزيد بشكل يومي حوالي 3 آلاف ليرة سورية منذ دخول شهر رمضان، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أن الدجاج بأسعاره الحالية لم يعد بمتناول 90% من المواطنين.
وبشكل عام، ارتفعت أسعار المواد الغذائية منذ بداية رمضان، وليس اللحوم بأنواعها وحسب، إذ يرجع رضا، وهو صاحب سوبر ماركت في محافظة درعا (جنوباً)، هذه الارتفاعات إلى ثلاثة أسباب، أولها ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، وهو السبب الذي يتحكم في الحياة الاقتصادية في البلاد ككل.
ويضيف لـ"العربي الجديد" أن السبب الثاني يكمن في ارتفاع أجور النقل، حيث يصل سعر لتر المازوت في السوق الحر إلى 13,500 ليرة. أما السبب الثالث، فيرجعه رضا للتوتر في البحر الأحمر، حيث يقول: "لاحظنا فقدان بعض المواد، ما أدى لارتفاع أسعارها مثل البرغل، والمعكرونة، والعدس المجروش".
أما عن اللحوم، ووفق جولة لـ"العربي الجديد" في أسواق مدينة درعا، فقد وصل كيلو لحم العجل إلى 200 ألف ليرة، وكان قبل شهر رمضان 175 ألف ليرة. أما كيلو الدجاج الحي فوصل إلى 40 ألف ليرة، بعد أن كان 31 ألفاً.
أما عن السمك فهو موجود في السوق، إذ يأتي عن طريق التهريب من الأردن، حيث يصل سعر كيلو السمك الأرجنتيني إلى 65 ألف ليرة بعد أن كان 45 ألفاً. ويعود سبب ارتفاع سعره للإجراءات المشددة في جمارك معبر نصيب الحدودي بين الأردن وسورية، وارتفاع الطلب، إذ يشكل السمك المهرّب بديلاً مقبولاً ومادة غذائية رئيسية في المحافظة، بعد ارتفاع أسعار اللحوم المحلية.
ولا يختلف الحال من حيث ارتفاع أسعار اللحوم في مختلف المحافظات، إذ أكد الناشط المدني محمد بدر الدين أن أسعار اللحوم سجلت ارتفاعات لكل الأنواع بمقدار 10 آلاف ليرة سورية لكل كيلو وبأي صنف خلال شهر رمضان عن السابق، باستثناء سعر لحم الخروف الذي قفز 50 ألفاً للكيلو مرة واحدة، ففي حين كان 100 ألف قبل رمضان، بات اليوم 150 ألف ليرة للكيلو الواحد، بحسب بدر الدين، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أن الأسعار لا تطاق بالنسبة للكثير من الناس، حتى الميسورين.
وسجل سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار تراجعاً واضحاً، من 14,500 ليرة الأسبوع الماضي إلى نحو 15,300 ليرة هذا الأسبوع.
عضو مجلس الشعب لدى النظام السوري زهير تيناوي حمل عبء الفقر وغلاء الأسعار كالعادة للتجار، طالباً من الجهات الحكومية بشكل جدي تحديد ومراقبة ومتابعة الأسعار بهدف حماية المستهلك، الذي يفترض أن يكون هو الهدف النهائي لكافة الأطراف الفاعلة في هذا المجال، بحسب تصريحاته لموقع "صاحبة الجلالة".
وأضاف: "من المنطق والواجب والأهمية وجود آلية واضحة للتعاون والتنسيق لحماية المستهلك، وبالأخص هذه الأيام، ليس فقط من شبح ارتفاع الأسعار المتواصل، ولكن كذلك فيما يتعلق بسلامة الغذاء بأنواعه، وجودته وتوفر الأدوية بكافة أنواعها، وما إلى ذلك من أمور تصيب الحياة اليومية للمواطن، وقال: "في العادة المستهلك هو من يدفع الثمن".
وفي مناطق شمال وشرق سورية، التي تحكمها "الإدارة الذاتية" الكردية بالأمر الواقع، ارتفعت أسعار كل المواد الغذائية من لحوم حمراء وبيضاء، وخضار وزيوت وبقوليات بشكل جنوني، ما دفع نشطاء في ريف محافظة دير الزور الشرقي لإطلاق حملة "قاطع وخليك صاحب قرار"، رداً على ارتفاع اسعار الدجاج واستغلال التجار للناس في شهر رمضان.
أما في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة شمال شرق البلاد، فقد شهدت المدينة إغلاق أغلب محلات بيع الدجاج، بسبب فرض التموين عليهم البيع بسعر 28,600 ليرة للكيلو الواحد، في المقابل يقول أصحاب محال الفروج إنهم يشترونه من المداجن بسعر 34,000 ليرة إضافة إلى 1000 ليرة أجور نقل، كما تأتي هذه الأزمة وسط طلب متزايد على الدجاج في شهر رمضان، بديلاً عن اللحوم الحمراء.
وأشار جاسم محمد، وهو من القامشلي، إلى أنه حتى أسعار الخضار أصبحت لا تطاق، مضيفاً لـ"العربي الجديد" بأن متوسط أجور العامل اليومية في شمال شرق سورية يصل إلى 50 ألف ليرة سورية، في حين أن أغلب رواتب الموظفين بحدود مليون ليرة سورية، وقال: "الغلاء جنوني فوق طاقة الناس".
وأشار علي منصور، وهو من ريف محافظة الحسكة، إلى أن الارتفاع يعود إلى عدم الرقابة، فـ "الجميع يبيع حسب مزاجه"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن سعر الدجاج ارتفع بمقدار 10 آلاف ليرة لكل كيلو، ورغم ذلك أقدم أصحاب محلات بيع الدجاج على الإضراب، ويريدون رفع السعر أكثر.
وأشار علي إلى أن وجبة الفطور بالنسبة للعائلة الصغير تحتاج إلى أكثر من 300 ألف ليرة يومياً، أما السحور فلا تقل عن 150 ألفاً، ومع هذه الحسبة فإن الدخل لن يكفي أكثر من أسبوع.
وفي إدلب، ومناطق شمال غرب سورياً، ومنها شمال حلب، يتعامل السكان بالليرة التركية، إذ سجل كيلو لحم الخروف 420 ليرة تركية، بارتفاع ملحوظ عن السابق، كمان أن سعر الدجاج المذبوح والمنظف بلغ 93 ليرة تركية للكيلو الواحد، وصدر الدجاج 130 ليرة تركية.
ورغم انخفاض الأسعار للدجاج، مقارنة بأسعار اللحوم الحمراء، إلا أنها لا تزال بعيدة عن متناول أكثر الناس، بحسب ثريا الحميد، التي أشارت لـ"العربي الجديد" إلى أن قلة فرص العمل، وانعدام الدخل للكثير من الأسر، يحتمان على الكثير من السكان الاكتفاء بسفرة "لسد الرمق" بغض النظر عن محتواها.