بدأت آثار عودة عجلة الاقتصاد التركي للدوران بعد عام كورونا تنعكس على مؤشرات الاقتصاد. فبعد زيادة الإنتاج وتوقعات زيادة الصادرات عن 200 مليار دولار هذا العام، قال معهد الإحصاء التركي، اليوم الثلاثاء، إن معدل البطالة تراجع بنحو 0.4% خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة مع نهاية النصف الثاني.
في المقابل، تابعت الليرة التركية اليوم سلسلة خسائرها لتسجل أدنى سعر على الإطلاق هو 10.1832 ليرات مقابل الدولار، متراجعة عن سعر أمس الاثنين،. كما قفز سعر صرف اليورو إلى 11.5827 ليرة تركية.
ويرى الاقتصادي التركي مسلم أويصال أن السبب الأهم لاستمرار تراجع سعر صرف الليرة هو المخاوف من تخفيض جديد لسعر الفائدة، بعد تخفيضه، الشهر الماضي، بنحو 200 نقطة، فضلاً عمّا يشاع عن احتمال فرض تغييرات بالمصرف المركزي ولجنة السياسات وقد تطاول محافظ المصرف المركزي.
ولا توجد أسباب اقتصادية تبرر تراجع سعر صرف الليرة، بحسب أويصال، الذي يؤكد لـ"العربي الجديد"، استمرار مؤشرات بلاده الاقتصادية بالتحسن، وفي مقدمتها مولدا القطع الأجنبي، السياحة والتصدير.
وحول ما يقال عن اقتراب موعد استحقاقات فوائد الديون، يضيف المحلل التركي أنه لا علاقة لذلك بالليرة، فالأمر له شقان، الأول نفسي يتم ترويجه بالشارع حول تخفيض سعر الفائدة، والثاني له علاقة بزيادة المضاربات لأغراض سياسية لها علاقة بالانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تزيد التوقعات بأن تكون مبكرة خلال العام المقبل.
انخفاض البطالة
ويشير المعهد التركي إلى أن المعدل الموسمي للعاطلين من العمل الذين تبلغ أعمارهم فوق 15 عامًا في تركيا انخفض في الربع الثالث بمقدار 57 ألفاً، كما انخفض معدل البطالة الموسمي بمقدار 0.4 نقطة إلى 11.7 في المائة، وأصبح 3 ملايين و842 ألف نسمة، لتستقر نسبة البطالة عند 10.6%.
وتتراجع نسبة البطالة التي وصلت إلى 13% في نهاية العام الماضي، وقت هبوط معدل المشاركة في قوة العمل إلى 50%، قبل أن يعاود الاقتصاد التركي الإقلاع بعد فتحه وإلغاء شروط الحظر التي فرضت خلال عام كورونا.
ويقول الاقتصادي التركي خليل أوزون إن عجلة الاقتصاد والنمو تتسارع، لأنّ المنشآت والمصالح التي تضررت جراء وباء كورونا، عاد معظمها للإنتاج وتقديم الخدمات "ولا سيما في قطاع السياحة".
ويوضح أنّ أسباب تراجع نسبة البطالة تعود أولاً إلى "سياسة عدم التخلي الحكومية"، مشيراً إلى أنّ بلاده قدمت دعماً للمنشآت وتحملت جزءاً من تكاليف الأجور والتأمينات، بل ووصل الأمر، بعد الدعم، إلى حظر تسريح العمال خلال أزمة كورونا.
ويضيف أوزون خلال تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أنّ سياسة بلده بدعم المنشآت، وخاصة الصغيرة والمتوسطة، خلال عام كورونا، "هي السبب الأهم بمنع زيادة نسبة البطالة" التي يراها "آفة الاقتصاد" و أهم التحديات أمام الحكومة، التي وعت هذا الأمر وحظرت، منذ مارس/آذار الماضي، تسريح العاملين.
ويلفت أوزون إلى أنّ تركيا "كانت من أقل الدول الناشئة تضرراً وارتفاعاً بنسبة البطالة"، لأنّ الدولة، وفضلاً عن دعم المصارف والشركات لتلافي الإفلاس والإغلاق الكامل، قدّمت، ولا تزال، معونات مالية للعاطلين "لذا في تركيا لا يمكن اعتبار العاطل من العمل بلا دخل" بل الجميع يساهم، بشكل أو بآخر، برفع نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ، حتى خلال عام كورونا، معدلا من أعلى نسب النمو في العالم.
بين النمو والتوظيف
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أكد أنّ بلاده ستحقق نمواً اقتصادياً يفوق 7% في عام 2021. ولفت، في حديث تلفزيوني، إلى أنّ المؤشرات الرائدة في الاقتصاد تدل على استمرار منحى النمو، حيث إنّ الاقتصاد التركي نما بنسبة 1.8% العام الماضي، بفضل الإجراءات الحكومية لتكون تركيا ثاني أكبر دولة، بعد الصين، حققت نمواً إيجابياً خلال عام كورونا.
وتحرص تركيا على امتصاص فائض العمالة واستيعاب جل الداخلين إلى سوق العمل سنوياً، إذ يكشف برنامج رئاسة الجمهورية التركية خطته لزيادة حجم التوظيف للعام المقبل، بمقدار مليون و277 ألف شخص، بناء على توقعات بتعافي الاقتصاد من تبعات جائحة كورونا.
ومن المتوقع أن يتسارع نمو التوظيف عام 2022 في إطار مرحلة التعافي الاقتصادي ومعدلات النمو المرتفعة بعد الوباء، بحسب معلومات البرنامج الرئاسي، لينخفض معدل البطالة خلال العام المقبل إلى 10%، وأن يتعافى معدل المشاركة في القوى العاملة ليصل إلى 52.4%، بزيادة قدرها نقطة واحدة.