قبل أيام، خرج علينا سالم عبد الله الجابر الصباح، وزير الخارجية الكويتي، رئيس مجلس إدارة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بتصريح لافت قال فيه إن الكويت تجري تغييرات على كيفية مساعدة جيرانها العرب، وأنها ستنظر في تعديل سياساتها بشأن تقديم المساعدة للدول العربية والنامية من خلال الصندوق.
وأضاف أن "هناك تطورات على المستوى الدولي تتطلب منا إعادة النظر في آليات عمل الصندوق الكويتي وتسخير عمله للحفاظ على مصالحنا الوطنية والخارجية.
ولم يكشف الوزير الكويتي عن طبيعة تلك التطورات، وهل تتطلب إدخال مثل هذه التعديلات الجوهرية المتعلقة بمنح القروض خاصة المجانية، كما لم يكشف عن أسباب إطلاق تلك التصريحات في هذا التوقيت بالذات والدول المستهدفة به، وما إذا كانت مصر هي المستهدفة بشكل رئيسي، أم دول أخرى؟
لم يكشف الوزير الكويتي عن أسباب إطلاق تلك التصريحات في هذا التوقيت والدول المستهدفة به، وما إذا كانت مصر هي المستهدفة، أم دول أخرى؟
وقبلها مباشرة، كشفت صحيفة "القبس" الكويتية، عن نية الصندوق الكويتي إعادة النظر في سياسة منح القروض والمنح والهبات؛ تمهيداً لإقرار سياسة جديدة تقوم على تحقيق مصالح الكويت في المقام الأول، وأن يكون القرض الممنوح لأي دولة ذا مردود إيجابي للبلاد.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها قولها إنه سيتم إعادة النظر في إعطاء القروض بلا مقابل، فضلاً عن مراجعة الأعمال الإنسانية البحتة التي لا تحتوي على أي أجندة.
بشكل عام لا يمكن الفصل بين تصريحات وزير الخارجية الكويتي وحدوث عدة تطورات لافتة في المنطقة خلال الفترة الأخيرة ومرتبطة بشكل أساسي بطبيعة العلاقة الحالية بين مصر ودول مجلس التعاون.
التطور الأول هو أن التصريحات جاءت بعد أيام من تصريحات أخرى مثيرة لوزير المالية السعودي، محمد الجدعان، قال فيها إن عهد المنح والمساعدات غير المشروطة قد ولّى، وإن المملكة تتجه نحو تغيير طريقة تقديم المساعدات لحلفائها والمتمثلة بتقديم منح مباشرة وودائع من دون شروط.
أما التطور الثاني فيرتبط بما تردد عن وجود توتر مكتوم في العلاقات المصرية الخليجية على خلفية قضايا عدة منها التراشق الإعلامي بين الطرفين، وبطء المساعدات الخليجية المقدمة لمصر في الوقت الذي تعاني فيه القاهرة من أزمة عملة حادة لا تخطئها العين، وتراجع في الموارد الدلارية، وقفزات في الأسعار بات الجميع يئن منها بمن فيهم المنتمون للطبقة الوسطى، إضافة إلى مطالبة بعض دول الخليج استرداد ودائعها لدى البنك المركزي المصري.
أما التطور الثالث، فيتعلق بالخلافات المصرية الكويتية والتي ظهرت ملامحها في قرار الكويت منع دخول العمالة المصرية، وهجوم نواب ومثقفين كويتيين على مصر ومطالبتهم السلطات الكويتية بعدم الانصياع لضغوط صندوق النقد الدولي الخاصة بتقديم مزيد من المساعدات النقدية وللحكومة المصرية وبما يعادل 14 مليار دولار موزعة على دول الخليج.
وفي تطور رابع، فإن تصريح الوزير الكويتي جاء مواكبا لزيارة قام بها وفد اقتصادي مصري رفيع المستوى لمنطقة الخليج برئاسة وزيرة التخطيط هالة السعيد ورئيس الصندوق السيادي المصري أيمن سليمان في محاولة لترويج الطروحات الجديدة وإقناع الصناديق السيادية الخليجية بضخ استثمارات إضافية في شرايين الاقتصاد المصري، ودخول حلبة التنافس على شراء أصول مصر المطروحة حاليا للبيع ومنها بيع حصص في 32 شركة من بينها 3 بنوك هي القاهرة والمصرف المتحد والعربي الأفريقي الدولي.
كان اللافت أن الوفد الاقتصادي المصري زار قبل أيام 3 دول خليجية ليس من بينها الكويت والسعودية والإمارات
علما بأنه كان من اللافت أن الوفد المصري زار 3 دول خليجية ليس من بينها الكويت والسعودية والإمارات، حيث التقى بكبار المسؤولين عن الصناديق السيادية في كل من قطر والبحرين وسلطنة عمان، وهي دول لا تتمتع بسيولة دولارية قوية باستثناء الدوحة التي لديها صندوق سيادي تقترب سيولته من 500 مليار دولار.
في كل الأحوال، فإن الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كان الوزير الكويتي، وقبله السعودي، يقصدان مصر بمثل هذه التصريحات، أم يوجهان رسائلهما لدول عربية أخرى متلقية للمنح المجانية واقروض الخليجية، وما هي تلك الدول التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخليجية في تدبير النقد الأجنبي وتغذية احتياطي البلاد.