وصلت تحويلات المغتربين المغاربة إلى مستوى قياسي منذ بداية العام الحالي، رغم ما يكابده الاقتصاد من تراجع حاد لعائدات السياحة بسبب أزمة كورونا، بينما كان البنك المركزي يترقب في بداية الجائحة تراجعا حادا للأموال القادمة من المقيمين في الخارج.
ويراهن المغرب على تحويلات المغتربين البالغ عددهم حوالي 5 ملايين في القارات الخمس، غير أن تلك التدفقات تأتي بشكل خاص من بلدان أوروبية، مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وبريطانيا، فضلاً عن تلك الآتية من دول الخليج.
وتتجه تحويلات المغتربين المغاربة إلى بلوغ مستوى قياسي في العام الحالي، بعدما قفزت في النصف الأول من العام الجاري إلى 4.91 مليارات دولار بزيادة 48.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وبلغت تحويلات مغاربة العالم في العام الماضي 7.5 مليارات دولار بزيادة 4.9% مقارنة بالعام الذي قبله، حين وصلت إلى 7.2 مليارات دولار، بحسب بيانات مكتب الصرف.
وتبين أن التحويلات من فرنسا إلى المملكة مثلت في العام الماضي 35.7%، متبوعة بإسبانيا بنسبة 9.2%، وإيطاليا 9.1%، والسعودية 6.9%، والإمارات 5.9%، والولايات المتحدة 5.5% وألمانيا 4.6%.
غير أن بيانات مكتب الصرف تفيد بأن ارتفاع تحويلات المغتربين المغاربة يجد تفسيره في ارتفاع تلك الآتية من فرنسا 5.8%، وإسبانيا وإيطاليا على التوالي 9.8% و6.5%، في حين انخفضت التحويلات من الإمارات 3.1%.
ودفع التدفق القياسي لتحويلات المغتربين المغاربة في النصف الأول من العام الحالي البنك المركزي إلى ترقب بلوغ 8.1 مليارات دولار في نهاية العام، و8.4 مليارات دولار في العام المقبل.
وساهمت تلك التحويلات في دعم رصيد المملكة من النقد الأجنبي في ظل تراجع حاد لإيرادات السياحة، حيث وصل ذلك الرصيد مع الحصول على حقوق السحب الخاص التي أفرج عنها صندوق النقد الدولي إلى حوالي 34.5 مليار دولار.
وتتطور تحويلات المغاربة في السنوات الأخيرة بمعزل عن الأزمات التي تخترق في بعض الأحيان بلدان الاستقبال، فلم تنل القيود التي فرضتها الأزمة الصحية الناجمة عن كورونا من تدفق تلك التحويلات التي تمثل 7% من الناتج الإجمالي المحلي.
ولا تتجاوز استثمارات المغتربين المغاربة 10% من تحويلاتهم، حيث يعتبر ذلك المعدل دون الانتظارات. هذا ما دفع الوزارة المنتدبة المكلفة بشؤون مغاربة العالم للتعبير عن النية في جذب 500 ألف من المستثمرين من المغتربين في الأعوام العشرة المقبلة واستقطاب 10 آلاف من الكفاءات الكبيرة.
وعبرت وزارة المغتربين ووزارة الاقتصاد والمالية عن التوجه نحو تبسيط شروط الولوج للتمويل الذي يسخره صندوق إنعاش استثمارات المغتربين في قطاعات الصناعة والفنادق والتربية والصحة.
ودأبت المصارف على السعي لجذب مدخرات المغاربة المغتربين التي تمثل 20% لديها، غير أن العديد من المغتربين لا يضعون الاستثمار ضمن أولوياتهم، حيث تهمهم في أغلب الأحيان المقاهي والمطاعم والفنادق والعقارات، بينما يوجهون أغلب تحويلاتهم لدعم أسرهم.
وكان المغرب أحدث صندوقا لدعم استثمارات المغتربين، غير أنه اتضح أنهم في حاجة للمعلومة أكثر من التمويل، علما أن دراسة للبنك الدولي وصلت إلى أن 9% من المغتربين يسعون للحصول على تمويلات من المصارف، فيما يعول 68% على أموالهم الذاتية.
وساهم المغتربون في الصيف الحالي في إنعاش السياحة بعد استئناف الرحلات الجوية، حيث أفضت عودتهم إلى عودة النشاط في العديد من المدن الساحلية، إذ عوضوا، مع السياح المحليين، ضعف إقبال السياح الأجانب.
ويعتبر إنييغو موري مؤسس "ريميساس"، المنظمة غير الحكومية التي تعنى بتحويلات المغتربين في العالم، أن تحويلات المغتربين المغاربة وصلت إلى مستوى قياسي في العام الحالي، مشيرا إلى أنها تضاعفت 3 مرات مثلا من إسبانيا.
ويشدد في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن التطور الأخير لتحويلات المغتربين المغاربة يدعم التصور الذي يدافع عنه حول دور عامل التضامن في وقت الأزمات، حيث يسعون لضمان إيرادات لأسرهم في المملكة، غير أنه يؤكد على أن عامل التضامن لا يكفي من أجل تفسير مستوى تحويلات المغتربين المغاربة.
ويشدد، في هذا المستوى، على دور الدعم المالي الذي خصت به بلدان أوروبية وأميركية المقيمين فيها، حيث شكل جزء من ذلك ادخارا تم تحويله للأسر، مضيفا أن التحويلات في ظل كورونا تدفقت عبر القنوات الرسمية نتيجة إغلاق الحدود قبل فتحها في الصيف.