لن يفضي قرار الحكومة المغربية، باستبدال واردات بمنتجات محلية بهدف تخفيف العجز التجاري، إلى العودة إلى سياسة حمائية تقود إلى إعادة النظر، بشكل تام، في اتفاقيات التبادل الحر التي أبرمها المغرب.
هذا ما يؤكده رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الذي يشدد على أن المغرب لن يعود إلى سياسة الانغلاق، بل سيمضي في الانفتاح الاقتصادي مع تشجيع المنتجات المحلية التي تتيح التخفيف من عجز الميزان التجاري.
وأكد ردا على نواب برلمانيين، طالبوا بإعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر أول من أمس، أن الحكومة تقوم عبر وزارة الصناعة والتجارة، بدراسة اتفاقيات التبادل الحر، ويتم التعامل بها بما لا يضر مصالح المغرب، إذ إن منع الاستيراد من بلد ما سيدفعه إلي المعاملة بالمثل.
وشدد على ضرورة مراعاة مصالح المغرب، مع الحرص على استحضار التزاماته تجاه شركائه، مشيراً إلى نوع من الانفتاح الذكي الذي يأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية والمعايير الدولية. وقال إن اتفاقية التبادل الحر مع تركيا تمت مراجعتها بتوافق مع ذلك البلد.
وذهب إلى أن المغرب ينتج أغلبية المنتجات الاستهلاكية الأساسية، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن المستوردين لهم حقوق، غير أنه "يتوجب إنتاج ما نستهلكه"، معتبرا أن العديد من المواد الصحية التي توفرت في ظل كوفيد-19 هي من الإنتاج المحلي.
وأشار إلي اتخاذ تدابير بهدف تقوية تنافسية المنتج الوطني، عبر رسم الاستيراد على منتجات مكتملة الصنع من 25 إلى 40 في المائة، مع الانكباب على دراسة وتقييم مجموعة من اتفاقيات التبادل الحر، والحرص على تطبيق تدابير الحماية التجارية لتصحيح بعض الممارسات المنافسة غير المشروعة عند الاستيراد.
وأشار إلى إطلاق بنك من المشاريع من أجل توفير منتجات محلية، حيث يتوخى هذا البرنامج مواكبة 500 مشروع إنتاجي من أجل تحقيق هدف تعويض 3.5 مليارات دولار من الواردات.
ويذهب مصدر مطلع في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن سعى المغرب لاستبدال واردات في ظل الانتفاح، يراد منه توفير ضمانات للمستثمرين المحليين والأجانب، بأن السلطات العمومية لن تعرض مشاريعهم لصعوبات عبر الإمعان في استيراد منتجات رخيصة الثمن.
ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أخيرا، إلي تقليص الإقبال على الواردات في العامين المقبلين، معتبرا أنه يتوجب التخفيف من التعويل على بعض الواردات، بهدف المساهمة في تدعيم الانعاش الاقتصادي، الذي يستند على خطة في حدود 13 مليار دولار.
وأكد النائب لحسن حداد أن تشجيع المنتج المحلي لا يعني التقوقع، بل إن الهدف هو تحقيق الأمن الغذائى والطاقي والصناعي، مشيرا إلى أن سياسة المخطط الأخضر لم تتح تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب، رغم توجيه حوالي عشرة مليارات دولار لدعم الفلاحة في العشر سنوات الأخيرة.
وأكد في تعقيبه على كلام رئيس الحكومة، أنه على مستوى أمن الطاقة، لم ير المخطط الغازي النور من أجل تقليل الارتهان للغاز الجزائري.
وألح النائب سعيد النميلي، على ضرورة مراعاة إصلاح جبائي يخدم الصناعة الوطنية ويعزز تنافسيتها، مع مرعاة حقوق العمال ومراجعة العديد من اتفاقيات التبادل الحر وإعطاء الأسبقية للشركات المحلية في المشاريع.
وشدد في مداخلته على أنه لا غنى عن الدولة من أجل التوجيه والتنظيم وبلورة مخططات استراتيجية، تترجم إلى برامج عملياتية مضبوطة تقوم بتوجيه الإنتاج والاستهلاك وتقنين المنافسة وضمان الجودة وحماية المستهلك الوطني.
وذهب إلى أن تعزيز الإنتاج المحلي واستهلاكه سيخلق الآلاف من فرص العمل، ويحافظ على رصيد المملكة من النقد الأجنبي.