ساهمت محاربة التهريب عبر الحدود في تنمية الإيرادات التي تستوفيها الجمارك المغربية، وهو ما تؤشر عليه البيانات التي توفرها الخزانة العامة للمملكة، إذ يتجلى أنّ تلك الإيرادات تدعم موازنة الدولة في سياق متسم بارتفاع الإنفاق الحكومي بسبب الأزمة الصحية.
ويتجلى من التقرير الشهري للخزانة العامة للمملكة حول أداء موازنة العام الحالي، أنّ الإيرادات الجمركية الصافية، وصلت إلى 6.8 مليارات دولار في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعدما كانت في حدود 5.5 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلة زيادة بنسبة 24.1 في المائة.
وبدا عند تناول التفاصيل أنّ الإيرادات برسم الحقوق الجمركية، انتقلت من 882 مليون دولار إلى 1.12 مليار دولار، مرتفعة بنسبة 26.4 في المائة، بينما انتقلت الإيرادات الصافية برسم الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد من 3.3 إلى 4.05 مليارات دولار، مرتفعة بنسبة 24.4 في المائة.
ويستفاد من تلك البيانات أنّ الضريبة الداخلية على استهلاك الطاقة التي تستوفيها الجمارك، انتقلت من 1.3 مليار دولار إلى 1.6 مليار دولار، مرتفعة بنسبة 22 في المائة.
وعمدت السلطات العمومية إلى إغلاق معبري سبتة ومليلية، فنجم عن ذلك تجفيف ينابيع التهريب عبر المدينتين، بينما جرى تحويل تعشير (ضريبة الـ10 %) السلع الآتية عن مليلية إلى ميناء مدينة الناظور.
وكانت تتدفق عبر سبتة ومليلية الخاضعتين للسيادة الإسبانية، سلع مثل التبغ والمنتجات الغذائية والمشروبات الكحولية وقطع غيار المركبات، والأجهزة الإلكترونية والألبسة والمنسوجات، حيث كانت تعود إيرادات تلك السلع إلى الموردين الإسبان واللوبيات التي تعمل معهم بالمغرب، بينما يتم استغلال الحمالين والحمالات مقابل أجر يومي.
وسبق لمدير عام الجمارك والضرائب غير المباشرة، نبيل لاخضر، أن أكد في مناسبة سابقة، أن قرار وقف التهريب عبر سبتة ومليلية لا عودة عنه، حيث يفترض أن يكون المعبران ممرا للأفراد فقط.
وتفيد دراسة أولية مازالت لم تكشف إدارة الجمارك عن تفاصيلها، أن الإيرادات الجمركية زادت بحوالي 430 مليون دولار منذ الإقفال النهائي لمعبري سبتة ومليلية وتشديد التدابير في معبر الكركرات الواقع في جنوب المملكة.
وتفيد إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، بأنّ تدفق السلع من المدينتين، قبل قرار إغلاق معبري سبتة ومليلية، كان يتراوح سنوياً بين 1.5 وملياري دولار في العام، ما يمثل حوالي 2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.
وقدرت الخسارة الجبائية بالنسبة لخزينة الدولة جراء نشاط التهريب الذي كان يتم عبر معبري سبتة ومليلية، إلى ما بين 400 و500 مليون دولار، حسب تلك المديرية.
وتشير دراسة للاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى أنّ القطاع غير الرسمي يمثل حوالي 4 مليارات دولار، ويتوزع ذلك المبلغ بين التصريحات والفواتير غير الصحيحة التي تقدر بـ 3.6 مليارات دولار، بينما تقدر قيمة التهريب بحوالي 400 مليون دولار.
يرى رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ وقف التهريب من شأنه أن يساهم في تجنيب المستهلك بعض المخاطر الصحية الناجمة عن تدفق سلع عبر قنوات غير رسمية
وكان رجال الأعمال دأبوا عبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب، قبل إغلاق معبري سبتة ومليلية، على المطالبة بوضع حد للتهريب الذي كانوا يرون أنه يشكل منافسة غير مشروعة للمنتجات المحلية.
وفي هذا السياق، يتصور رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أنّ القرار الذي اتخذه المغرب قبل أربع سنوات، يفترض أن يساهم في دعم الإنتاج المحلي وتوفير فرص عمل، كانت تفتقد بسبب تدفق السلع المهربة.
ويرى رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك في حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ وقف التهريب من شأنه أن يساهم في تجنيب المستهلك بعض المخاطر الصحية الناجمة عن تدفق سلع عبر قنوات غير رسمية دون أن تخضع للمراقبة، علماً أنّ الحركة الاستهلاكية ما فتئت تدعو إلي حماية المستهلك.
وتدعم محاربة التهريب السياسة التي انخرط فيها المغرب في سياق ظهور فيروس كورونا، إذ أطلقت وزارة الصناعة والتجارة، مبادرة ترمي عبرها إلى مواكبة مشاريع مستثمرين صناعيين محليين بهدف توفير منتجات تعوض الواردات.
وسجل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنّ "التهريب شكل منذ عدة سنوات الملاذ الوحيد للهروب من البطالة لشرائح واسعة من سكان المناطق الحدودية، في ظل انعدام بدائل حقيقية للفرص الاقتصادية وعروض الشغل" غير أنّه يؤكد على أنّ ذلك النشاط كان يضر بالفاعلين في القطاع الرسمي بالمغرب خصوصاً في صناعة السلع الغذائية والنسيج والألبسة.