رفع النظام من جديد أسعار المحروقات، بذرائع الحصار الاقتصادي وارتفاع تكاليف تأمين المحروقات وتوزيعها وإيصال الدعم إلى مستحقيه بحسب ادعاءاته، وسط مخاوف من أن تتسبب تلك القرارات برفع تكاليف الإنتاج وإغلاق مصانع في ظل الركود الاقتصادي، الأمر الذي سينعكس عبر موجة ارتفاع أسعار كبيرة، في وقت يتدهور به الوضع المعيشي من سيئ لأسوأ يوما بعد آخر.
وأصدرت "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" التابعة للنظام، مساء الثلاثاء، قراراً يقضي برفع سعر مبيع ليتر البنزين الممتاز المدعوم للمستهلك من 250 ليرة إلى 450 ليرة سورية. ورفع سعر مبيع ليتر البنزين الممتاز غير المدعوم للمستهلك من 450 ليرة إلى 650 ليرة سورية. بحسب وكالة سانا الرسمية، مبينة أن القرار جاء بناء على توصية اللجنة الاقتصادية وكتاب وزارة النفط والثروة المعدنية.
وطلب القرار الذي دخل حيز التنفيذ عند منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، من أصحاب المحطات الإعلان عن أسعار ونوعية مادة البنزين بشكل واضح ومقروء ضمن المحطات مع فرض عقوبات في حال المخالفة، ولفتت الوكالة إلى أنه بحسب الوزارة أتى هذا القرار، بسبب التكاليف الكبيرة التي تتحملها الحكومة لتأمين المشتقات النفطية وارتفاع أجور الشحن والنقل، في ظل الحصار الجائر الذي تفرضه الإدارة الأميركية على سورية وشعبها.
وكانت الوزارة ذاتها أعلنت قبل أيام، قرار رفع أسعار سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري، بذريعة التكاليف الكبيرة التي تتكبدها الحكومة لتأمين المشتقات النفطية، في ظل الحصار الجائر الذي تفرضه الإدارة الأميركية على الشعب السوري، وبهدف تأمين حاجة الصناعيين الفعلية من المازوت والحد من عمليات تهريب المادة إلى دول الجوار.
حيث نص القرار على رفع سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري الحر إلى 650 ليرة سورية وليتر البنزين أوكتان 95 إلى 1050 ليرة.
وذكرت الوزارة في بيان لها أن سعر ليتر مازوت التدفئة بقي دون أي تغيير أو تعديل بـ180 ليرة سورية، وكذلك بالنسبة لباقي القطاعات كالنقل والزراعة والقطاع العام، كما لم يطرأ أي تعديل على سعر ليتر المازوت المخصص للأفران التموينية وبقي على سعره بـ135 ليرة سورية.
ودافع النظام عن قراراته، حيث خرج معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، جمال الدين شعيب، يوم الثلاثاء، في مقابلة مع قناة "الفضائية السورية" التابعة للنظام، تذرع في حديثه بأن سبب رفع سعر البنزين هو العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، والصعوبات التي تواجهها الحكومة السورية في تأمين البنزين، متحدثا عن أن هناك تكاليف مادية كبيرة تتكبدها الحكومة وحدها عند نقل المادة وإحضارها إلى سورية وتوزيعها، مبينًا أن الاستمرار بتأمينها تطلب رفع سعرها.
كما ذكر أن الحد من عمليات التهريب كان سببًا أساسيًا لرفع السعر نتيجة وجود فارق سعري بين البنزين في سورية والدول المجاورة، ما نشط عمليات التهريب إلى خارج سورية، وضرب مثالًا أن سعر ليتر البنزين في لبنان أعلى منه في سورية، وهو ما شجع التهريب نتيجة أن سعره في سورية كان منخفضًا مقارنة بلبنان.
أما صحيفة "الوطن" المحلية نقلت تصريحا عمن وصفته بمدير في "النفط"، بأن تكلفة ليتر المازوت تصل إلى 800 ليرة على الحكومة، وبالتالي فإن المازوت الصناعي لا يزال مدعوماً حتى بعد رفع سعره إلى 650 ليرة لليتر، وتتحمل الحكومة الفرق.
وبيّن أن الكتلة التي توزع يومياً من المازوت على كل المحافظات تصل إلى حدود 5.5 ملايين ليتر، وليس هناك كمية محددة من المازوت الصناعي يتم توزيعها يومياً، لافتاً إلى أن شركة "محروقات" كانت تحدد سابقاً مخصصات كل القطاعات من صناعي وزراعي وتدفئة وغيرها، أما اليوم فتحديد كمية المازوت الصناعي لكل محافظة يقع على عاتق لجنة المحروقات التي يرأسها المحافظ في كل محافظة.
في حين نقلت أمس عن مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك علي ونوس، قوله إن رفع سعر المازوت الصناعي إلى 650 ليرة جاء بعد دراسة بيانات التكلفة المقدمة من الصناعيين خلال الفترة الماضية، حيث تبين أنهم يعتمدون على المازوت من السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 1000 ليرة و1500 ليرة لليتر الواحد، مع وجود معاناة بتأمين المادة.
وبيّن أنه تم رفع السعر إلى أقل من السوق الحرّ، مع مراعاة توفير المادة للصناعيين، وعليه فإن بيانات التكلفة الجديدة سوف تتضمن سعر 650 ليرة لليتر المازوت، وعليه من المفترض ألا ترتفع الأسعار في الأسواق، رغم أن مصادر الطاقة عموماً تشكل نسبة كبيرة من إجمالي تكاليف الإنتاج، إلا أنها تؤمن حالياً بأسعار عالية.
ونوّه بأن الأمر مرتبط بتوافر المادة وتأمين انسيابها لتلبية الحاجة الصناعية، وعندها تنخفض التكلفة الفعلية للمازوت، وهذا يفترض ألا يؤثر في الأسعار.
أما رئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي قال في تصريح صحافي لـ"الوطن"، إن قرار رفع سعر المازوت الصناعي من قرابة 300 ليرة إلى 650 ليرة له تأثير سلبي كبير، إذ سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن وإلى ارتفاع الأسعار في الأسواق، وإلى توقف عدد من المصانع التي تعاني أصلاً ركوداً وضعفاً في التصدير، وخاصة أن العديد من المناطق الصناعية والحرفية لديها انقطاعات كبيرة في التغذية الكهربائية.
ويبدو في محاولة للتخفيف من الأجواء السلبية الناتجة عن قرارات النظام الاقتصادية أصدر رئيس النظام بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 25 للعام 2020 القاضي بصرف منحة لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 50 ألف ليرة سورية للعاملين المدنيين والعسكريين، ومبلغ 40 ألف ليرة سورية لأصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين معفاة من ضريبة دخل الرواتب والأجور وأي اقتطاعات أخرى.
أصدر السيد الرئيس بشار الأسد اليوم المرسوم التشريعي رقم 24 للعام 2020 القاضي بتعديل المادتين 68 و69 من قانون ضريبة الدخل (القانون رقم 24 لعام 2003)، بحيث يعدل الحد الأدنى المعفى من الضريبة على دخل الرواتب والأجور ليصبح 50 ألف ليرة سورية بدلا من 15 ألفا، وتعديل الشرائح الضريبية التصاعدية لتكون 30 ألف ليرة سورية لكل شريحة ضريبية.
وكان أصحاب الدخل المحدود، وخاصة الموظفين في الدولة، تراجعت القيمة الشرائية لرواتبهم بشكل متسارع منذ عام 2011، فقبل ذلك كان متوسط الدخل الشهري 20 ألف ليرة (وسعر صرف الدولار الأميركي الواحد 50 ليرة) أي نحو 400 دولار، أما الآن فمتوسط الدخل نحو 50 ألف ليرة، في حين سعر صرف الدولار الواحد 2400 ليرة، في وقت ترتبط الأسعار في الأسواق بسعر صرف الدولار.
يشار إلى أن السوريين يعانون من تدهور أوضاعهم الاقتصادية في ظل انهيار القيمة الشرائية لليرة السورية، وانتشار البطالة مع غياب فرص العمل، في حين يعانون منذ أسابيع من أزمة وقود خانقة، تجعلهم يصطفون لأيام أمام محطات الوقود، إضافة إلى أزمة الطوابير أمام أفران الخبز وأزمة غاز منزلي، والخروج والدخول إلى البلاد وغيرها الكثير من الأزمات.