عززت أسعار النفط العالمية مكاسبها مع انطلاقة الأسبوع يوم الاثنين، وسط مخاوف متصاعدة من التداعيات التي يمكن أن يُنتجها قرار غربي بمقاطعة الخام الروسي، حيث سجل الخام الأميركي عند التسوية 112.12 دولاراً، مرتفعاً 7.42 دولارات أو ما نسبته 7.09%، كما ارتفع برنت 8 دولارات إلى 116 دولارا، تزامنا مع دراسة دول الاتحاد الأوروبي الانضمام إلى الولايات المتحدة في فرض حظر على النفط الروسي، وبعد هجوم في مطلع الأسبوع على منشآت نفطية سعودية.
ونقلت وكالة "تاس" للأنباء عن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك قوله، اليوم الاثنين، إن أسعار النفط قد تصل إلى 300 دولار للبرميل إذا توقف الغرب عن شراء الخام الروسي، لكنه أضاف أن مثل هذا السيناريو غير مرجح، بحسب "رويترز"، التي نقلت عن مصادر تجارية أن بعض المشترين يحجمون عن شراء النفط الروسي لتفادي التعرض للعقوبات الغربية التي فُرضت على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية.
وقال نوفاك إنه من المتعذر على أوروبا أن تتفادى شراء النفط والغاز الروسيين في الوقت الحاضر، مضيفا أن الدعوات الغربية لوقف المشتريات هي "لفتات سياسية لاجتذاب الاهتمام"، لافتا إلى أنه "في الوقت الحاضر من المستحيل" على أوروبا أن ترفض النفط والغاز الروسيين، وأضاف "سنرى كيف ستسير الأمور في المستقبل".
وقال نوفاك إن روسيا تعمل للحفاظ على أحجام تصدير النفط بمعالجة مشاكل لوجستية وستواصل إنتاجها من النفط والغاز كما كان قبل العقوبات، فيما أبلغ مصدران "رويترز" بأن روسيا زادت إنتاجها من النفط ومكثفات الغاز إلى 11.11 مليون برميل يوميا في الفترة بين الأول والعشرين من مارس/آذار، من متوسط بلغ 11.06 مليون برميل يوميا في فبراير/شباط.
وتابع أن موسكو تدرس حظر صادرات اليورانيوم إلى الولايات المتحدة للانتقام من العقوبات، بينما تعتمد الولايات المتحدة على روسيا وحليفتيها كازاخستان وأوزبكستان في حوالي نصف وارداتها من اليورانيوم، التي تستخدمها لتشغيل المفاعلات النووية الأميركية.
السعودية قلقة بشأن إمدادات النفط
إلى ذلك، حذّرت السعودية، أكبر مصدّر للبترول في العالم، الإثنين، من أنّ هجمات الحوثيين في اليمن التي تستهدف منشآتها النفطية تشكّل "تهديدا" لإمدادات النفط في الأسواق العالمية، وفقا لـ"فرانس برس"، التي قالت إن التحذير يأتي غداة إعلان المملكة عن تسبّب هجوم شنّه الحوثيون على جنوب السعودية بخفض إنتاج مصفاة نفط تابعة لشركة أرامكو بعد هجمات متعددة استهدفت منشآتها النفطية ليل السبت/ الأحد، في وقت تشهد فيه أسواق الخام توترات على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس)، عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله إنّ "السعودية تعلن أنها لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية من المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران"، واعتبر أن هذه "الهجمات التخريبية تشكل تهديداً مباشراً لأمن الإمدادات البترولية في هذه الظروف بالغة الحساسية التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية".
وثيقة سعودية كويتية لتطوير حقل الدرّة
وفي السياق، وقع وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان ونظيره الكويتي محمد الفارس، اليوم الإثنين، في الكويت، وثيقة لتطوير حقل غاز الدرة في الخليج. وقالت مؤسسة البترول الكويتية في بيان، إن حقل الدرة من المتوقع أن ينتج مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز الطبيعي و84 ألف برميل يوميا من المكثفات. وسيجري تقسيم الإنتاج بالتساوي بين الشريكين.
وقال البيان إن الوثيقة تنص على أن تقوم شركة عمليات الخفجي المشتركة، وهي مشروع مشترك بين أرامكو لأعمال الخليج والشركة الكويتية لنفط الخليج، بالاتفاق على اختيار استشاري "لإجراء الدراسات الهندسية اللازمة لتطوير الحقل"، بحسب "فرانس برس".
توقعات أعلى لطلب النفط في 2022
إلى ذلك، توقعت شركة فيتول، تاجر الطاقة العالمي، اليوم الاثنين، أن يتجاوز الطلب على النفط في 2022 مستويات ما قبل الجائحة لعام 2019، وأن من المرجح أن تبقى أسعار الخام مرتفعة لبعض الوقت.
وقال راسل هاردي، الرئيس التنفيذي للشركة، في بيان بشأن نتائج المجموعة للعام 2021: "في حين أننا نتوقع أن يهبط الطلب على النفط في الأجل الطويل، إلا أنه من المرجح أن يواصل الطلب النمو للسنوات العشر المقبلة. بالنظر إلى محدودية الاستثمار في الإنتاج، نتوقع أن تتسع الفجوة في الطلب على مدار السنوات القليلة المقبلة".
وقال هاردي إن تزايد الطلب على النفط مصحوبا بنمو مكبوح في الإنتاج تسببا في هبوط مخزونات الخام بمقدار مليوني برميل يوميا إلى أدنى مستوياتها في عدة أعوام، مضيفا أن شحا في المعروض في أسواق الطاقة كان موجودا بالفعل قبل تفجر الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وأن أسواق الغاز والكهرباء عانت من تقلبات لم يسبق لها مثيل في أوائل الخريف في أوروبا وفي ديسمبر/ كانون الأول بسبب مخاوف من نقص في المعروض.
استنفار أميركي لدراسة بدائل النفط والغذاء
وفي واشنطن، قال مسؤول أميركي إن البيت الأبيض دعا مسؤولين تنفيذيين من مجموعة من القطاعات والشركات الأميركية، منها الطاقة والغذاء والبنوك، إلى مناقشة، اليوم الاثنين، بشأن الصراع الروسي الأوكراني.
وقال مصدر مطلع على الخطة لـ"رويترز" إن مسؤولي البيت الأبيض وأعضاء مجلس الوزراء سيناقشون قضايا سلسلة التوريد المتعلقة بالغزو الروسي لأوكرانيا وسبل تخفيف الصدمات الاقتصادية.
وذكر مسؤول في البيت الأبيض أن الإحاطة السرية سيقودها مدير المجلس الاقتصادي الوطني برايان ديس، ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، ووزيرة الخزانة جانيت يلين، ووزيرة التجارة جينا رايموندو، فيما قال مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته إن الاجتماع سيضم ممثلين من شركة "باترن إنرجي" وشركة "إنفنرجي" و"إكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس" و"فيزا" و"بنك جيه.بي مورغان تشايس" و"بنك أوف أميركا" فضلا عن شركات وبنوك أخرى.
ويضغط الرئيس جو بايدن وزملاؤه في الحزب الديمقراطي على الرؤساء التنفيذيين لشركات النفط الكبرى لزيادة الإنتاج وسط ارتفاع الأسعار في محطات الوقود، وقال إن الزيادة الأخيرة في الأسعار ناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا بسبب الغزو شملت حظرا فوريا على شراء النفط الروسي وواردات الطاقة الأخرى.
كما ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، وشمل ذلك أسعار الإيجارات والمواد الغذائية، ومن المتوقع أن يتسارع التضخم على نحو أكبر، حيث أدى الصراع في أوكرانيا إلى ارتفاع سعر النفط الخام والسلع الأولية الأخرى.