النقد الدولي: "ليبيا بحاجة لتخفيض الدعم والأجور" ... وأرباح الصندوق السيادي 1.2 مليار دولار
قال صندوق النقد الدُّوَليّ إن ليبيا تحتاج بشكل عاجل إلى ميزانية شفافة وإلى تخفيض الإنفاق على أجور القطاع العام وإعانات الدعم.
وتهيمن رواتب القطاع العام على الإنفاق الحكومي الليبي، حيث أن هناك نحو 2.2 مليون نسمة – أي ثلث السكان – يعملون نظريًا في القطاع العام. وتشكل إعانات الدعم والمنح نحو ربع الإنفاق، كما يمثل دعم أسعار الوقود مشكلة ذات طبيعة خاصة، حيث يباع لتر البنزين بثلاثة سنتات أميركية، وهو ثاني أدنى أسعار البنزين في العالم.
ودعا صندوق النقد الدُّوَليّ إلى استراتيجية اقتصادية معلنة في ليبيا، تهدف إلى استخدام الإيرادات النفطية على النحو الأمثل في تنويع الاقتصاد والابتعاد عن سياسات حِقْبَة القذافي، التي كانت تعزز سلوك السعي للكسب الريعي والفساد والشفافية على مستوى الحكومة.
وأضاف الصندوق، عبر بيان، أن نجاح الإصلاحات يكمن في الوصول إلى بيئة سياسية وأمنية مستقرة وتطوير القدرات المؤسسية.
وظلت ليبيا غارقة في صراعات وأجواء من عدم اليقين السياسي منذ سقوط نظام القذافي في عام 2011. وحتى وقت قريب، كانت حالة التشتت التي عانت منها البلاد تعوق صنع السياسات وجمع البيانات الاقتصادية الرئيسة. ومع هذا، بذلت ليبيا جهودا كبيرة للتحرك قدما، والتغلب على التحديات الاقتصادية التي جلبها الصراع السياسي.
وفي سياق أول فحص لسلامة اقتصاد ليبيا منذ عشر سنوات، حدد صندوق النقد الدولي أبرز مواطن القوة وأهم الفرص التي ستدعم تعافي البلاد.
وتمكن مصرف ليبيا المركزي من الاحتفاظ برصيد كبير من الاحتياطيات الدولية، يدعمها نظام سعر الصرف الثابت، والضوابط الرأسمالية، ومجموعة مختلفة من الترتيبات المؤقتة. وكان لذلك دور مهم في مساعدة البلاد في التغلب على التقلبات غير المسبوقة في إنتاج النفط وإيراداته التي حدثت بعد الثورة.
وتمتلك ليبيا احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، ولديها بالتالي واحد من أعلى مستويات نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في إفريقيًا.
ويمثل إنتاج الهيدروكربونات جزءا أساسيا من المستقبل الاقتصادي في ليبيا، حيث يشكل نحو 95% من الصادرات وإيرادات الحكومة. وتشير التوقعات لنموه بنحو 15% في عام 2023، عقب زيادة النشاط إلى مستوياته قبل عام 2022. ومع هذا، سيكون التحدي الرئيسي هو تنويع النشاط الاقتصادي بعيدًا عن النفط والغاز، مع تعزيز الجهود لتحقيق نمو أقوى وأكثر شمولا للجميع بقيادة القطاع الخاص.
أعلن مصرف ليبيا المركزي أن حصة الرواتب شكلت 71% من إجمالي الإنفاق الحكومي خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، وكشف أن إيرادات النقد الأجنبي سجلت 9.8 مليارات دولار، في حين بلغت استخدامات النقد الأجنبي 18.7 مليار دولار، منها 9.97 مليارات التزام الدولة و8.7 مليارات استخدام القطاع المصرفي.
ويحظى الوقود في ليبيا بدعم قويّ من الحكومة، ما يجعل سعره في مستوى أقلّ من يورو واحد للعشرين ليترا، أي إنّه أقلّ من سعر ليترا واحدا من المياه المعدنيّة. وبالتالي، فإنّ تهريبه إلى الدّول المجاورة مربح للغاية.
الصندوق السيادي
وعلى نحو متصل، توقع رئيس المؤسسة الليبة للاستثمار "الصندوق السيادي الليبي“ على محمود ارتفاع أرباح الصندوق الى 2 مليار دولار بنهاية العام الحالي وقال، بمناسبة الإعلان عن المصادقة على بيانات المؤسسة المالية ومطابقتها مع قوائمها، إن أرباح المؤسسة بلغت 1.2 مليار دولار خلال العام 2022.
وأوضح الانتهاء من إعداد القوائم المالية المجمعة، معتبرًا أن النجاح في إحكام السيطرة على المحافظ والشركات التابعة ساعد في استحقاق استكمال عمليات المراجعة. وقال "بعد أن نستكمل إعداد القوائم المالية المجمعة سندير المحافظ التابعة بأسلوب إدارة الشركات كمجموعة (LIA Group)".
وأقامت المؤسسة الليبية للاستثمار بهذه المناسبة احتفالية في العاصمة طرابلس، حضرها رئيس وأعضاء مجلس أمناء المؤسسة. وقالت إنها وشركة المحاسبة الدولية "إرنست أند يونغ"، نجحتا في مطابقة القوائم المالية للمؤسسة وشركاتها التابعة والتصديق على حساباتها وميزانياتها الختامية من قبل المراجع الدولي.
وتقول تقارير ديوان المحاسبة الليبي أن أصول المؤسسة الليبية للاستثمار "الصندوق السيادي" وصلت إلى 71.16 مليار دولار، محققة أرباحا بقيمة 227.4 مليون دولار خلال عام 2021.
وتتوزع أصول الصندوق السيادي على الأصول المتداولة بقيمة 32.14 مليار دولار، والأصول المالية بـ10.617 مليارات دولار والمساهمات بقيمة 28.4 مليار دولار.
وأوضح التقرير أن الصندوق يمتلك مجموعة من الشركات والصناديق تمثل 40% من إجمالي الأصول الظاهرة في قائمة المركز المالي، وتندرج تحتها 550 شركة موزعة بين أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية.
ولاحظ الديوان أن المسؤولين لم يتعاملوا بالحوكمة مع الضعف الإداري الموجود نظرا لغياب الرؤية والمساءلة التي يمكن من خلالها أن يتغير مسار المؤسسة. وكشف ديوان المحاسبة عن وجود 13 حسابا مصرفيا لم يتم تحديث التوقيعات عليها، على الرغم من وجود قيم مالية كبيرة.
وقال فريق خبراء لدى مجلس الأمن الدولي، في تقرير سابق، إن المؤسسة الليبية للاستثمار تكبدت خسائر بقيمة 4 مليارات دولار بسبب تجميد أصولها المالية، وإنها تضطر إلى استنزاف مواردها المتضائلة غير المجمدة. وأوضح التقرير، الذي يغطي الفترة من 8 مارس/ آذار 2021 إلى 25 إبريل/ نيسان 2022، أن المؤسسة الليبية للاستثمار غير قادرة على إدارة الأموال مع التجميد.